حزب المالكي يهادن المرجعية بتأكيد التزامه بتوجيهاتها.. ورفض التشبث بالمناصب

بعد «رسائل» السيستاني له بضرورة تخليه عن فكرة الولاية الثالثة

صورة من موقع فضائية «كوردسات» للرئيس العراقي السابق جلال طالباني مستقبلا رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي الذي زاره في مقره بالسليمانية أمس للاطمئنان على صحته
صورة من موقع فضائية «كوردسات» للرئيس العراقي السابق جلال طالباني مستقبلا رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي الذي زاره في مقره بالسليمانية أمس للاطمئنان على صحته
TT

حزب المالكي يهادن المرجعية بتأكيد التزامه بتوجيهاتها.. ورفض التشبث بالمناصب

صورة من موقع فضائية «كوردسات» للرئيس العراقي السابق جلال طالباني مستقبلا رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي الذي زاره في مقره بالسليمانية أمس للاطمئنان على صحته
صورة من موقع فضائية «كوردسات» للرئيس العراقي السابق جلال طالباني مستقبلا رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي الذي زاره في مقره بالسليمانية أمس للاطمئنان على صحته

في الوقت الذي أفادت فيه مصادر مقربة من التحالف الوطني أن رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري تسلم كتابا رسميا من قيادة التحالف يشير إلى أنه الكتلة النيابية الأكثر عددا في البرلمان العراقي، كشف حليف سابق رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي عن أن الأخير بات يسعى الآن إلى ضمان أن ائتلافه الكتلة الأكبر وأن يكون بديله منها.
فبعد الإشارات و«الرسائل» التي صدرت عن المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني خاصة خلال صلاة الجمعة الأخيرة التي كانت الأكثر وضوحا في ضرورة عدم التشبث بالمناصب فضلا عما ورد في موقع السيستاني نفسه من إشارات من المرجع بضرورة تخلي المالكي عن فكرة الولاية الثالثة، فإن الأخير، طبقا لما قاله لـ«الشرق الأوسط» عزت الشابندر، رئيس تحالف «أوفياء للوطن» الذي كان انشق عن المالكي العام الماضي، لم يعد أمامه «سوى مسألتين وهما أولا ضمان أن كتلته (دولة القانون) هي الكتلة الأكبر، وثانيا ضمان البديل من كتلته نفسها كمرشح عن التحالف الوطني»، مشيرا إلى أن «ذلك ضروري لكي يضمن الحصول على تأييد من داخل البرلمان بعد إصرار الكتل السياسية على أن يكون المرشح لرئاسة الوزراء هو من التحالف الوطني».
وطبقا لما نقله موقع السيستاني على الإنترنت أمس، فإن المرجع الشيعي أرسل إشارات واضحة للمالكي بضرورة استبداله مشيرا إلى أن «الشيخ عبد المهدي الكربلائي، معتمد المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني، أكد خلال خطبة الجمعة بمدينة كربلاء ضرورة تشكيل الحكومة الجديدة خلال فترة زمنية لا تتجاوز المدة الدستورية البالغة 15 يومًا، وعدم تشبث المسؤولين بمواقعهم فيها».
وفي تطور لافت فإن حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي، وفي إشارة مضادة منه مفادها أن دعوة المرجعية لا تشمله، أصدر بيانا أمس جدد فيه ما سماه التزامه الكامل بتوجيهات المرجعية الدينية العليا. وقال البيان إنه يلتزم «بالتوقيتات الدستورية المتعلقة بتشكيل الحكومة كما حرصنا سابقا على الالتزام بتوقيتات انتخاب رئاسة مجلس النواب ورئاسة الجمهورية». وأكد حزب الدعوة على «حرصه في هذه المرحلة الخطرة على أن تحظى تشكيلة الحكومة الجديدة بالقبول الوطني الواسع لتتمكن من مواجهة التحديات وأداء مهامها بشكل سليم». ودعا الحزب «جميع الساسة من مختلف الكتل والانتماءات إلى الالتزام بمبدأ التضحية ونكران الذات وعدم التشبث بالمواقع والمناصب وتقديم مصالح الشعب العراقي على المكاسب الشخصية».
وكان المالكي زار أمس رئيس البرلمان، وهو اللقاء الأول بينهما بعد انتخاب الأخير لرئاسة البرلمان. وقال الجبوري في بيان إنه «جرى خلال اللقاء بحث الواقع السياسي بالإضافة إلى بعض المسائل العالقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فيما يتعلق بتشريع القوانين، إذ جرى الاتفاق على تشكيل لجان مشتركة من أجل الإسراع بالإنجاز». وأضاف البيان أن «رئيس البرلمان استطلع عمل الحكومة في متابعة ملف النازحين والمهجرين حاثا على بذل كافة الجهود والإمكانات في سبيل تخفيف المعاناة عن أبناء المحافظات المنكوبة».
وكان المالكي والجبوري عقدا مؤتمرا صحافيا عقب اللقاء أكد خلاله الجبوري على أن «زيارة رئيس الوزراء نوري المالكي لي كانت لتقديم التهنئة بمناسبة تسلمي المنصب»، مبينا أنه «تم الاتفاق على ضرورة إقرار القوانين المعطلة منذ الدورة السابقة». وأضاف الجبوري، أن «الاجتماع شهد أيضا الاتفاق على بقاء التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وترك الخلافات السابقة»، لافتا إلى أن «الاجتماع ناقش كذلك قضية اعتقال رئيس مجلس محافظة بغداد رياض العضاض».
من جانبه، أكد المالكي خلال المؤتمر، أن «الاجتماع شهد الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لإقرار القوانين المعطلة التي لم يستطع البرلمان السابق تمريرها بسبب المشكلات التي رافقت العملية السياسية»، مشددا على أن «المهمة التي تواجه البرلمان الآن هي إقرار الموازنة العامة، كونها تحمل أهمية كبيرة لتعويض النازحين».
وعلى صعيد زيارة المالكي للبرلمان واستعداده للتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، قال القيادي في كتلة «متحدون» ومقرر البرلمان السابق، محمد الخالدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الزيارة طبيعية من حيث المبدأ، لكن المالكي هو الذي لم يتعاون مع رئاسة البرلمان السابق على الرغم من كل الطلبات التي كنا نتقدم بها سواء على صعيد القضايا المتعلقة بالملف الأمني أو الجوانب الخدمية»، مشيرا إلى أن «قانون الموازنة وصل إلى البرلمان بعد أربعة أشهر من موعد إرساله وبالتالي الحكومة وليس البرلمان تتحمل هذا التأخير وحين طلبنا تشكيل لجان لم تستجب رئاسة الوزراء». وأوضح أن «التعاون مطلوب وضروري بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لكن هناك أسباب سياسية معروفة هي التي حالت دون ذلك في الماضي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».