صفقات تجارية لمؤسستين مرتبطتين بخامنئي تثير جدلا في إيران

إيرانية داخل محل لبيع هدايا احتفالات رأس السنة في طهران أمس (أ.ف.ب)
إيرانية داخل محل لبيع هدايا احتفالات رأس السنة في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

صفقات تجارية لمؤسستين مرتبطتين بخامنئي تثير جدلا في إيران

إيرانية داخل محل لبيع هدايا احتفالات رأس السنة في طهران أمس (أ.ف.ب)
إيرانية داخل محل لبيع هدايا احتفالات رأس السنة في طهران أمس (أ.ف.ب)

في خريف عام 2009، اندمج كيانان من أقوى الكيانات في إيران من أجل المشاركة في أكبر صفقة في تاريخ البورصة بالبلاد.
وشكل الشريكان، وهما قوات الحرس الثوري الإسلامي، والإمبراطورية التجارية التي تتعامل في مليارات الدولارات ويشرف عليها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي والمعروفة باسم «ستاد»، تحالفا في محاولة للاستحواذ على أغلبية الحصص المسيطرة في شركة الاتصالات الإيرانية، التي تحتكر تقريبا خدمات الهواتف الأرضية. فاز الشريكان بحصة تقدر بنحو 7.8 مليار دولار أميركي في أكبر عمليات الخصخصة التي شهدتها إيران على الإطلاق.
وحسب تقرير لوكالة «رويترز» أثارت هذه الصفقة الجدل في إيران عندما ذكرت وسائل الإعلام الإيراني أنه كان هناك مقدم عطاء آخر، بيد أن المشرع (منظمة الخصخصة الإيرانية) رفضه في اليوم الذي سبق إجراء صفقة البيع، وكان الشخص الذي يترأس المنظمة حينذاك هو غلامريزا هيداري كورد زنغنه. وقد أطلقت عليه إحدى المؤسسات الإخبارية المحلية لقب «إمبراطور الخصخصة».
وحصل كورد زنغنه بعد ذلك بفترة قليلة على وظيفة أخرى. ففي عام 2010، عين، عقب تركه لمنصبه كمسؤول عن الخصخصة، عضوا منتدبا في إحدى الشركات القابضة العملاقة. وتنتمي هذه الشركة القابضة لأحد الفائزين بصفقة الاستحواذ على أسهم شركة الاتصالات، التي صارت إمبراطورية تجارية يسيطر عليها خامنئي، وكان الاسم بالكامل باللغة الفارسية هو «ستاد إجرايي فرمان حضرت إمام».
وعلاوة على ذلك، صار زنغنه في ما بعد رئيسا لإحدى شركات الأدوية القابضة الكبرى. وكانت شركة الأدوية هذه أيضا جزءا من المجموعة المدمجة التي يسيطر عليها خامنئي.
وكشفت وكالة «رويترز» في الشهر الماضي كيف تحولت «ستاد» إلى واحدة من أغنى وأقوى المؤسسات في إيران، ولا سيما من خلال الاستحواذ الممنهج وبيع آلاف العقارات التي تخص أشخاص إيرانيين عاديين وانتقدت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية السلسلة التي كشفت عنها «رويترز» ووصفتها بأنها «معلومات مغلوطة» ترمي إلى تقويض الثقة العامة في مؤسسات الجمهورية الإسلامية.
وعين الكثير من المسؤولين في «ستاد» في المناصب الحكومية العليا في السنوات الأخيرة. ففي أغسطس (آب)، عين الرئيس الإيراني حسن روحاني محمد شاريتماداري في مجلس مديري «ستاد» ليشغل منصب نائب الرئيس للشؤون التنفيذية.
وتوضح حالة تعيين زنغنه وجود صلة بين «ستاد» والحكومة الإيرانية، في ظل وجود المسؤولين الحكوميين الذين يتقلدون مناصب في الشركات التي لها علاقة بـ«ستاد». وليس زنغنه هو المثال الوحيد على تلك الصلة.
وبالإضافة إلى ذلك، فبعد تركه منصبه في عام 2009، عين الوزير الإيراني السابق للإسكان والتنمية المدنية محمد صديقي رئيسا لمجموعة تدبير للتنمية الإنشائية، وهي شركة أخرى من الشركات القابضة التابعة لـ«ستاد»، وذلك وفقا للسيرة الذاتية المنشورة على موقعه الإلكتروني الشخصي.
وفي المقابل، لم يعقب زنغنه وصديقي على هذا الأمر. وفضلا عن ذلك، لم يرد المتحدث الرسمي باسم «ستاد» على الأسئلة المتعلقة بالاستعانة بهذين الرجلين. وقال المتحدث إن عملية الموافقة على خصخصة صفقة شركة الاتصالات كانت مناسبة بالشكل الكامل.
تلك الصلة بين القطاع الخاص والسياسات ليس بالأمر الوحيد من نوعه بالنسبة لإيران. ففي واشنطن، يستغل السياسيون، بصورة روتينية، خبراتهم في الوظائف الاستشارية المربحة من خلال المشاركة في مجالات مثل التعاقد العسكري.
كان خامنئي الذي يملك القول الفصل في كل الشؤون المتعلقة بالحكومة، العنصر الأبرز في خصخصة الأصول المملوكة للدولة في السنوات التي سبقت صفقة شركة الاتصالات الإيرانية، وكان خامنئي أصدر قرارا في عام 2004، بمراجعة المادة 44 من الدستور الإيراني، التي تنص على ملكية الدولة للصناعات الأساسية. وعين المرشد الأعلى هيئة استشارية أصدرت تفسيرا جديدا للمادة 44 يسمح بخصخصة الصناعات الرئيسة.
واختير كورد زنغنه رئيسا لمؤسسة الخصخصة الإيرانية عام 2005 وهو ما جعله محور موجة الاستثمارات الجديدة، فقال في مقابلة مع صحيفة «همشهري» في عام 2011 إنه سيشرف خلال السنوات الخمس المقبلة على بيع ما قيمته نحو 67 مليار دولار من الأسهم.
وكان بيع حصة حاكمة في شركة الاتصالات الإيرانية الاتفاق الأضخم والأكثر توقعا خلال رئاسة زنغنه للهيئة.
كان أحد من مقدمي العطاءات شركة اتصالات تسمى «بيشغامان كافير يزد» التعاونية. وفي 26 سبتمبر (أيلول) 2009، قبل يوم من بيع شركة الاتصالات الإيرانية، تلقت شركة «بيشغامان» رسالة من هيئة الاكتتاب العام الأولي تفيد بأنها غير مؤهلة للمشاركة. وقد وردت هذه الرواية في مقابلة مع مدير شركة «بيشغامان»، محمد رضا رضائي نجاد، التي نشرتها وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء. وقال رضائي نجاد لوكالة أنباء فارس في يوم البيع: «بخصوص هذه القضية، عدت (بيشغامان كافير يزد) التعاونية هيئة الخصخصة المخطئة».
وقال كورد زنغنه لوكالة أنباء فارس، إن عملية الاكتتاب جرت بشكل لائق، مشيرا إلى أن «بيشغامان» انسحبت من تقديم العطاءات قبل يوم أو يومين قبل البيع. وقال مسؤول آخر عن الاكتتاب، إن الشركة لم تتمكن من تقديم عطائها لأنها لم تحصل على تصريح أمني.
وأعلن عن فوز اتحاد مالي توسي باعتماد مبين بالعقد. وتمكنت «ستاد» عبر إحدى الشركات التابعة لها، من الحصول على نسبة 38 في المائة في الاتحاد المالي، وفقا لوثائق «ستاد» الداخلية التي حصلت عليها «رويترز»، في حين تمتلك شركة تابعة للحرس الثوري نسبة 52 في المائة، ويمتلك أحد البنوك المحلية نسبة 10 في المائة، بحسب الوثائق.
ولدى سؤاله عن دور كورد زنغنه في فوز الاتحاد المالي، قال حميد وائضي، المدير العالم لقسم العلاقات العامة في شركة «ستاد» في بريد إلكتروني: «الاستحواذ على الأسهم في شركة الاتصالات الإيرانية جاء عبر عطاء في أسهم بورصة طهران، ولا يمكن لأحد أن يمارس أي دور في تطبيق نظامها الحاكم وأي صفقات تنفذ عبر هذه البورصة».
وفي 29 سبتمبر 2010، أي بعد ما يزيد على شهر من تركه منصبه جرى تعيين زنغنه مديرا إداريا وعضوا في مجلس إدارة الشركة القابضة التي تسيطر على «ستاد» والتي تدعى توسي اقتصاد أياندهسازان (TEACO)، بحسب ملف الشركة الإيرانية.
في يونيو (حزيران) من العام الحالي فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات بحق الشركة، مشيرة إلى أنه «جرى اتخاذه كجزء من استراتيجية إيرانية للتحايل على العقوبات الأميركية والدولية». كما فرضت وزارة الخزانة عقوبات على شركة تابعة (TEACO) الكبرى، وهي شركة «ري للاستثمار».
ويشغل كرد زنغنه الآن أيضا منصب رئيس مجلس إدارة مجموعة «سبحان فارما»، وفقا لموقع هذه الشركة. وتعد شركة «سبحان» من أكبر شركات «ستاد» الدوائية، والتي تقدر أصولها بنحو 181 مليار دولار وفقا لبيانات من بورصة طهران للأوراق المالية.



إسرائيل تكثف جهودها للعثور على رفات إيلي كوهين والجنود المفقودين في سوريا

إسرائيل تكثف جهودها للعثور على رفات إيلي كوهين والجنود المفقودين في سوريا
TT

إسرائيل تكثف جهودها للعثور على رفات إيلي كوهين والجنود المفقودين في سوريا

إسرائيل تكثف جهودها للعثور على رفات إيلي كوهين والجنود المفقودين في سوريا

في ظل التغيرات المتسارعة في المشهد السوري، تسعى إسرائيل إلى استغلال الأوضاع الراهنة للبحث عن أماكن دفن الجاسوس الشهير إيلي كوهين وجنودها المفقودين، وفقاً لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وحسب تقرير إعلامي لبناني نُشر مؤخراً، أفادت مصادر دبلوماسية بأن إسرائيل تجري اتصالات مكثفة داخل سوريا وخارجها في محاولة للحصول على معلومات حول مكان دفن كوهين، الذي أُعدم شنقاً في دمشق عام 1965 بعد كشف نشاطه التجسسي.

التقرير أشار أيضاً إلى جهود إسرائيلية متجددة للعثور على رفات الجنديين تسفي فلدمن ويهودا كاتس، اللذين فقدا في معركة السلطان يعقوب ضد القوات السورية في لبنان عام 1982.

وفي تطور سابق، أفيد في فبراير (شباط) 2021 أن روسيا، بالتعاون مع السلطات السورية وتحت ضغط إسرائيلي، قامت بعمليات بحث في منطقة مخيم اليرموك بدمشق، سعياً للعثور على رفات كوهين.

وفي الشهر التالي، تحدثت تقارير عن نقل جزء من جثمان يُعتقد أنها تعود لكوهين إلى إسرائيل، إلا أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفى صحة تلك التقارير، ولم يتأكد حتى الآن مصير هذه القطعة أو ارتباطها بكوهين.

تأتي هذه التحركات الإسرائيلية في ظل تطورات إقليمية متغيرة، إذ تسعى تل أبيب إلى إغلاق ملف شخصيات شكلت جزءاً من تاريخها الأمني والسياسي.