{الشرق الأوسط} ترصد تفاصيل {سينمائية} لإخلاء سفارة واشنطن بطرابلس

العملية استغرقت 6 ساعات قطعت فيها الاتصالات.. واستخدمت طائرات درون و {إف 16} لحماية القافلة

{الشرق الأوسط} ترصد تفاصيل {سينمائية} لإخلاء سفارة واشنطن بطرابلس
TT

{الشرق الأوسط} ترصد تفاصيل {سينمائية} لإخلاء سفارة واشنطن بطرابلس

{الشرق الأوسط} ترصد تفاصيل {سينمائية} لإخلاء سفارة واشنطن بطرابلس

أبلغ أحمد الأمين، الناطق باسم الحكومة الانتقالية في ليبيا، «الشرق الأوسط»، أن الإجلاء المفاجئ الذي قامت به فجر أمس الولايات المتحدة لكل الموظفين من سفارتها في العاصمة الليبية طرابلس جرى بالتنسيق مع الحكومة التي يترأسها عبد الله الثني، وأن الحكومة كان لديها إخطار مسبق من الإدارة الأميركية باعتزامها اتخاذ هذه الخطوة. وكشف الأمين النقاب لـ«الشرق الأوسط» عن أن الثني سيشارك في القمة الأفريقية - الأميركية التي تستضيفها الولايات المتحدة مطلع الشهر المقبل، لكنه رفض الإجابة عن الكيفية التي سيغادر بها الثني مطار طرابلس متوجها إلى الولايات المتحدة بعد منعه الأسبوع الماضي من مغادرة مطار معيتيقة إلى مدينة طبرق في المنطقة الشرقية من قبل مسلحين يسيطرون على المطار. وفي عملية دامت نحو ست ساعات وسبقها قطع متعمد لخطوط الاتصالات وخدمات شبكة الإنترنت في طرابلس وعدة مدن ليبية، أجلت السفارة الأميركية كل موظفيها، بينما سكتت نهائيا الاشتباكات الدامية بين الميلشيات المتصارعة للسيطرة حول منطقة مطار العاصمة طرابلس.
وحلقت طائرات أميركية من دون طيار قبل بدء العملية فوق سماء المدينة لنحو ساعة كاملة فيما بدا أنه بمثابة عملية رصد للأجواء، قبل أن تظهر في الأفق طائرات عسكرية أميركية حامت فوق المنطقة التي يقع فيها مقر السفارة بشارع ولي العهد المتفرع من طريق المطار جنوب طرابلس.
ووفرت طائرات «إف 16» مقاتلة وطائرات هليكوبتر من طراز أوسبري الحماية للرحلة البرية التي استغرقت نحو خمس ساعات إلى تونس ولم تقع أي حوادث.
وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنيت مثل «تويتر» و«فيسبوك»، بسخرية سكان العاصمة من صمت الميليشيات المسلحة عن تبادل القصف فيما بينها بينما كان الأميركان يقومون بأطول عملية إجلاء للسفارة في طرابلس.
وقالت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن عملية الإجلاء شملت أيضا نقل معدات وتجهيزات ومهام لوجيستية. وقال مسؤول ليبي رفض تعريفه: «هذه التدابير جرى استحداثها بعد مقتل السفير الأميركي السابق في حادثة الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي قبل نحو عامين. إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تريد إزالة التأثير السيئ التي تركته تلك الحادثة على الرأي العام الأميركي».
وأضاف: «مجموعة الإجراءات التي جرى اتخاذها تظهر عملية عسكرية دقيقة ومنظمة. المعلومات تشير إلى أن الإخلاء قد جرى من قاعدة معيتيقة التي يسيطر عليها عبد الحكيم بلحاج القيادي السابق في الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة والتي منع رئيس الوزراء من مغادرتها في وقت سابق».
ورغم أن السفارة كانت تعمل بعدد محدود من الموظفين، غادر الفريق المتبقي وفي عداده السفيرة ديبورا جونز برا إلى تونس، في عملية جرت بمساعدة الجيش الأميركي.
وجاء إجلاء الموظفين الدبلوماسيين بعد ساعات على تحذير الحكومة الليبية من «انهيار الدولة» مع استمرار المعارك بين مجموعات مسلحة تتنافس من أجل السيطرة على مطار طرابلس لليوم الثالث عشر على التوالي.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنه جرى إخلاء السفارة ونقل العاملين بها تحت حراسة مشددة عبر الحدود إلى تونس بسبب تصاعد الاشتباكات بين ميليشيات متناحرة في طرابلس.
وتدهور الوضع الأمني في العاصمة الليبية طرابلس بعد أسبوعين من القتال بين ميليشيات تبادلت إطلاق الصواريخ ونيران المدفعية في طرابلس قرب مجمع السفارة.
وقالت ماري هارف، المتحدثة باسم الوزارة، في بيان: «الأمن يأتي في المقام الأول. للأسف، اضطررنا لاتخاذ هذه الخطوة لأن موقع سفارتنا قريب جدا من القتال المحتدم والعنف الدائر بين الفصائل الليبية المسلحة».
وقالت إن الموظفين سيعودون إلى طرابلس بمجرد استتباب الأمن. وحتى ذلك الحين، ستدار عمليات السفارة من مكان آخر بالمنطقة ومن واشنطن، مضيفة في بيان: «نظرا لاستمرار العنف الناجم عن اشتباكات بين مجموعات مسلحة ليبية قرب السفارة الأميركية في طرابلس، قمنا مؤقتا بنقل كل موظفينا خارج ليبيا».
وتابعت: «نحن ملتزمون بدعم الشعب الليبي في هذه الأوقات الصعبة، وندرس حاليا خيارات لعودة دائمة إلى طرابلس فور تحسن الوضع الأمني على الأرض»، مشيرة إلى أن الموظفين سيعملون من واشنطن ومراكز أخرى في المنطقة».
من جانب آخر، قال المتحدث باسم البنتاغون، الأميرال جون كيربي، إن «موظفي السفارة نقلوا في سيارات إلى تونس»، في عملية استغرقت خمس ساعات وجرت بهدوء وسط مراقبة جوية من قبل طائرات إف 16» وبدعم من القوات المجوقلة الأميركية.
وجرى إجلاء عناصر الأمن من المارينز أيضا من السفارة وقاموا بحراسة الموكب، كما أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تحذيرا إلى الأميركيين من السفر إلى ليبيا وحثت كل الموجودين في هذا البلد على «الرحيل فورا».
ومطار طرابلس الدولي مغلق منذ بدء المعارك في 13 من شهر يوليو (تموز) الحالي التي خلفت 47 قتيلا و120 جريحا، بحسب آخر حصيلة لوزارة الصحة.
واندلعت هذه المواجهات - وهي الأعنف في طرابلس منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011 - بعد هجوم لمجموعة مسلحة إسلامية من مدينة مصراتة (200 كيلو شرق العاصمة) حاولت طرد مجموعة مسلحة من الزنتان من المطار.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.