النظام يدفع بتعزيزات إلى الرقة لمنع سيطرة «داعش» على مواقعه الثلاثة

يحتفظ بمطاري «الطبقة» و«كويريس» العسكريين في مناطق سيطرة التنظيم

أحد عناصر {داعش} يقرأ حكم الإعدام لشخصين في منطقة بنش قرب إدلب أمس (أ.ف.ب)
أحد عناصر {داعش} يقرأ حكم الإعدام لشخصين في منطقة بنش قرب إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

النظام يدفع بتعزيزات إلى الرقة لمنع سيطرة «داعش» على مواقعه الثلاثة

أحد عناصر {داعش} يقرأ حكم الإعدام لشخصين في منطقة بنش قرب إدلب أمس (أ.ف.ب)
أحد عناصر {داعش} يقرأ حكم الإعدام لشخصين في منطقة بنش قرب إدلب أمس (أ.ف.ب)

أكد معارضون سوريون أن القوات الحكومية دفعت بتعزيزات أمس إلى تخوم محافظة الرقة، للحيلولة دون سقوط 3 مواقع تسيطر عليها في المحافظة بأيدي تنظيم «الدولة الإسلامية» المعروف بـ«داعش». وبموازاة ذلك، كثّف سلاح الجو من غاراته على نقاط عسكرية لـ«داعش»، معظمها في محيط الفرقة 17 ومطار الطبقة العسكري، بعد مقتل أكثر من سبعين شخصا في معارك بين الطرفين، في حين تزامنت هذه التطورات في الشمال مع ارتفاع عدد قتلى الاشتباكات في درعا في جنوب البلاد.
واشتعلت على جبهات الشمال والشرق، معارك متعددة الأطراف خلال الساعات الـ24 الأخيرة، بات المشهد الميداني السوري متشابكا، إذ تقاتل كتائب المعارضة المتعددة الولاءات والانتماءات، كلا من النظام و«الدولة الإسلامية» و«النصرة»،
بينما تقاتل «الدولة الإسلامية» كلا من النظام و«النصرة» وكتائب المعارضة والمقاتلين الأكراد الساعين إلى التفرد في إدارة مناطقهم في شمال سوريا إجمالا.
وفي الشق الميداني، واصل تنظيم «الدولة الإسلامية» هجومه على مقر الفرقة 17 التابعة للقوات الحكومية في معقل «داعش» في الرقة، استكمالا لهجماته على المقرات الحكومية في ثلاث محافظات شمالية يتمتع فيها التنظيم بنفوذ واسع، هي الحسكة والرقة وحلب، أسفرت بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن مقتل 74 شخصا غالبيتهم من المقاتلين والعسكريين في الهجمات والمعارك التي تلتها. وبين القتلى 32 مقاتلا جهاديا و30 عنصرا من قوات النظام و12 عنصرا في حزب البعث.
غير أن المعركة لم تغيّر الكثير في خريطة الانتشار الميداني، باستثناء تقدم مقاتلي «داعش» أول من أمس على محور كتيبة الكيمياء التي سيطروا عليها، بعد هجوم بدأ بتفجير انتحاريين نفسيهما على مدخل المقر التابع لقوات النظام، تبعه هجوم كبير.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن مقاتلي «الدولة» لم يسيطروا على الفرقة 17 كما أشيع، مؤكدا أن الفرقة يقيم فيها 900 جندي وضابط من القوات الحكومية، مشيرا إلى أن بعض عناصر الفرقة انسحبوا باتجاه قطع عسكرية شمال غربي الرقة. وقال: إن عدد المقاتلين النظاميين الذين قضوا في المعركة، بلغ 19 جنديا بينهم 9 جنود ذبحوا في المعركة.
وتضاربت المعلومات حول مصير نحو 900 عنصر وضابط من قوات النظام، ما بين انسحاب غالبيتهم باتجاه اللواء 93 في منطقة عين عيسى، أو بقاء مجموعة منهم داخل الفرقة 17. في محاولة لاستدراج مقاتلي الدولة الإسلامية إلى داخل الفرقة، بالتزامن مع غارات جوية مكثفة تنفذها الطائرات الحربية على مناطق تواجد الدولة الإسلامية في الفرقة 17 ومحيطها.
وتعد محافظة الرقة، معقل تنظيم «داعش»، أما مدينتها، ومركز المحافظة، فتعد الوحيدة التي خرجت عن سيطرة القوات الحكومية في سوريا، رغم أن هذه القوات تحتفظ بثلاثة مقرات عسكرية ضخمة في المحافظة، هي مطار الطبقة العسكري واللواء 93 والفرقة 17 التي تعرضت أول من أمس للهجوم.
كما يحتفظ النظام بمطارين عسكريين في مناطق سيطرة «داعش»، هما مطار «كويريس» في ريف حلب، ومطار «الطبقة» في الرقة.
وأشار رامي عبد الرحمن إلى أن القوات الحكومية دفعت بتعزيزات أمس إلى الرقة، بهدف تعزيز قواتها وصد هجمات «داعش»، مشيرا إلى أن أرتالا عسكرية شوهدت تعبر البادية باتجاه جنوب الرقة، ترافقها الطائرات الحربية والمروحية، كما شوهدت على طريق السلمية متجهة إلى الرقة، ما يشير إلى أن النظام لن ينفذ انسحابات من المنطقة. وفي المقابل، يشير إلى رغبة لدى «داعش»، بحسب مصادره، بـ«تنظيف» المناطق التي يسيطر عليها من جيوب النظام أو فصائل المعارضة.
وقال المرصد إن قوات النظام قصفت منطقة مفرق الطبقة الواقعة على أوتوستراد حلب - الرقة، في حين لا تزال تسمع أصوات اشتباكات وإطلاق نار في محيط الفرقة 17.
وتعد هذه المواجهة الأولى بهذا الحجم بين «الدولة الإسلامية» والنظام منذ ظهور التنظيم في سوريا في 2013. علما بأن التنظيم الذي أعلن أخيرا إقامة «الخلافة الإسلامية» انطلاقا من مناطق تفرد بالسيطرة عليها في شمال العراق وغربه وشمال سوريا وشرقها، كان يتهم من فصائل المعارضة المسلحة بـ«التواطؤ» مع النظام.
وفيما تواصلت المعارك في الرقة، في حلب، أفاد ناشطون بتوقف المعارك التي كانت اندلعت أول من أمس بين «الدولة الإسلامية» وقوات النظام في محيط مطار كويريس العسكري. واندلعت اشتباكات بين قوات النظام مدعومة بقوات الدفاع الوطني وعناصر من حزب الله اللبناني من جهة، وبين الدولة الإسلامية من جهة أخرى في محيط قريتي طعانة والمقبلة في ريف حلب الشرقي والشمالي الشرقي، بحسب المرصد.
وفي حماه، أفاد ناشطون بتنفيذ الطيران الحربي غارة على أماكن في منطقة البطيش جنوب حلفايا، في حين تستمر الاشتباكات بين مقاتلي الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من طرف، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف آخر في مورك، فيما تواصلت بالقرب من رحبة خطاب، بالتزامن مع استهداف مقاتلي الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة لمطار حماه العسكري.
وفي جنوب البلاد، أفاد ناشطون في درعا بتعرض مناطق في بلدة عثمان لقصف ببرميلين متفجرين، فيما قصف الطيران المروحي مناطق في بلدة داعل وفي مدينة نوى بالبراميل.
وفي سياق آخر، أصدر الحاكمان المشتركان لمقاطعة الجزيرة عفوا عاما «عن جميع الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 24 يوليو (تموز)» باستثناء «الأعمال الإرهابية والاشتراك والتدخل بها، وقتل النساء بذريعة الشرف والاتجار بهن، وتجارة وزراعة وترويج المخدرات، وجرائم الاتجار والتنقيب وسرقة الآثار، واختلاس المال العام»، وقد تمت المصادقة على قرار العفو من قبل المجلس التشريعي لمقاطعة الجزيرة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».