تقارير عن «رحلات سياحية» ينظمها «داعش» بين سوريا والعراق

الإقبال عليها على أشده بين المقاتلين الأجانب.. وقيادي في «صحوات» الأنبار يشكك

صورة من حساب «داعش» على «تويتر» لواحدة من الحافلات التي يسيرها التنظيم في الموصل
صورة من حساب «داعش» على «تويتر» لواحدة من الحافلات التي يسيرها التنظيم في الموصل
TT

تقارير عن «رحلات سياحية» ينظمها «داعش» بين سوريا والعراق

صورة من حساب «داعش» على «تويتر» لواحدة من الحافلات التي يسيرها التنظيم في الموصل
صورة من حساب «داعش» على «تويتر» لواحدة من الحافلات التي يسيرها التنظيم في الموصل

سخر مسؤول في قوات «الصحوة» التي شكلتها الحكومة العراقية بالتعاون مع أبناء العشائر لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية (داعش)» وقبله «القاعدة» في محافظة الأنبار، من الأنباء التي تحدثت عن تنظيم «داعش» رحلات سياحية لعناصره بين شمال سوريا وغرب العراق.
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن ناشطين قولهم إن تنظيم «داعش» وعقب إعلان أبو بكر البغدادي «دولة الخلافة» بدأ بتنظيم هذه «الرحلات السياحية» لتعريف عناصرها على الأراضي التي يسيطر عليها. وورد أن بعض الجهاديين يستغلون هذه الرحلات التي تجرى في حافلات ترفع رايات التنظيم السود، لقضاء شهر عسل مع زوجاتهم في محافظة الأنبار العراقية، بحسب ناشطين من مدينة الرقة، أبرز معاقل التنظيم في شمال سوريا. ويقول ناشط يقدم نفسه باسم هادي سلامة إن أبو عبد الرحمن الشيشاني (26 سنة)، وهو مقاتل في صفوف التنظيم، أمضى وزوجته الثانية شهر عسل في الأنبار. ويوضح الناشط أن الشيشاني شارك في إحدى هذه الرحلات برفقة زوجته السورية «بعد وقت قصير من زواجهما»، مضيفا بسخرية: «هؤلاء الجهاديون رومانسيون إلى حد كبير».
إلا أنه، وبحسب الناشط، لم يجلس الشيشاني وزوجته جنبا إلى جنب داخل الحافلة، «لأن النساء يجلسن في الخلف، والرجال في المقدمة». ويشير إلى أن سائق الحافلة «يقوم ببث أناشيد جهادية طوال الرحلة».
ويقول سلامة إن رحلة الحافلات «تنطلق من مدينة تل أبيض (في ريف الرقة على الحدود التركية) وصولا إلى محافظة الأنبار، ويمكن للراغبين النزول في أي مكان يرغبون، ولا حاجة لجوازات سفر لعبور الحدود». وأكد أن هذه الرحلات «ليست مجانية، إلا أن السعر يختلف بحسب المسافة التي يعبرها الركاب».
ويوضح أبو قتيبة العكيدي، وهو قائد ميداني لمجموعة مقاتلة معارضة في محافظة دير الزور، أن غالبية المشاركين في هذه «الرحلات» هم من الجهاديين الأجانب. ويقول: «غالبيتهم أجانب. يتحدث بعضهم مع بعض باللغة الإنجليزية ويرتدون ملابس أفغانية، ويرافقهم مترجم بالزي الأفغاني الأسود يشرح لهم عن المناطق التي يزورونها». ويضيف أن بعض هؤلاء شوهدوا وهم يحملون كتيبات عن «شعارات الخلافة الإسلامية وتاريخها وأسباب نشأتها وعودة أمجادها»، مؤكدا أن المقاتلين لا يحملون أسلحتهم في الحافلات، إلا أن عربات التنظيم المزودة بأسلحة رشاشة تواكب الحافلات.
ويوضح ناشط يقدم نفسه باسم أبو إبراهيم الرقاوي أن الرحلات «تنظم مرتين أسبوعيا، يومي الأربعاء والأحد. وهي تشبه إلى حد كبير أي رحلة تنظمها شركة سياحية، باستثناء أنها تقتصر على مناطق سيطرة (الدولة الإسلامية) الموزعة بين بلدين، ويجري التعامل معها على أنها أرض واحدة». ويشير إلى أن هذه الرحلات بدأت تحظى ببعض «الشعبية» في أوساط المدنيين السوريين الذين لديهم أقارب على الجانب الآخر من الحدود. ويقول إن «العديد من الناس المقيمين (في شمال سوريا وشرقها) ينتمون إلى عشائر منتشرة في سوريا والعراق، ويستخدمون الحافلات لزيارة أقاربهم».
ولم يكن في الإمكان الحصول على معلومات حول هذه الرحلات من تنظيم «الدولة الإسلامية» نفسه. إلا أن حساب «ولاية نينوى» التابع لـ«الدولة الإسلامية» على «تويتر»، نشر صورا لحافلات كتب عليها: «مشروع النقل المجاني الخيري»، وبدت صور أشخاص وهم يدخلون الحافلات التي ألصقت عليها أعلام «الدولة الإسلامية»، مع تعليقات بينها: «إقبال المسلمين على النقل في الحافلات».
ويقول الرقاوي إن رحلات التنظيم إلى العراق بدأت تستقطب أيضا أشخاصا عاديين من سوريا «بعضهم يذهبون للقيام بأعمال تجارية، في حين أن آخرين يريدون فقط أن يأخذوا إجازة من القصف المتواصل في سوريا».
لكن الشيخ سامي الفهداوي، القيادي في صحوات الأنبار، قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الأنباء ليست عارية عن الصحة فقط، وإنما مثيرة للسخرية لأسباب كثيرة، أبرزها أن عناصر تنظيم (داعش) يتلقون ضربات في الأنبار بطريقة يومية، وأن وجودهم في مناطق المحافظة بدأ في الانحسار، وأنهم سينتهون في الأنبار قبل صلاح الدين والموصل». وتابع: «كما أن مفهوم الرحلات السياحية إذا كان يقصد به المفهوم المعروف للسياحة، فإنه لا يوجد في كل محافظة الأنبار فندق واحد، لأن الطبيعة العشائرية للمحافظة لا تسمح بذلك».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.