عائلة مسيحية نازحة: تعرضنا في الموصل إلى خيانة ولن نعود إليها

قالت لـ {الشرق الأوسط} إن جيرانا دلوا مسلحي «داعش» على منزلها

نازحة مسيحية من الموصل تنتظر مع ابنتها الحصول على معونة من كنيسة في الحمدانية بسهل نينوى (أ.ب)
نازحة مسيحية من الموصل تنتظر مع ابنتها الحصول على معونة من كنيسة في الحمدانية بسهل نينوى (أ.ب)
TT

عائلة مسيحية نازحة: تعرضنا في الموصل إلى خيانة ولن نعود إليها

نازحة مسيحية من الموصل تنتظر مع ابنتها الحصول على معونة من كنيسة في الحمدانية بسهل نينوى (أ.ب)
نازحة مسيحية من الموصل تنتظر مع ابنتها الحصول على معونة من كنيسة في الحمدانية بسهل نينوى (أ.ب)

تجلس سارا يوسف، المواطنة المسيحية، مع عائلتها المكونة من خمسة أشخاص في أحد أركان كنيسة النور في بلدة عنكاوة القريبة من أربيل، التي أصبحت بعد أحداث الموصل الشهر الماضي ملاذا آمنا لكثير من المسيحيين الذين رحلهم تنظيم «الدولة الإسلامية (داعش)».
روت سارا (43 سنة) لـ«الشرق الأوسط» قصة نزوحها وعائلتها من الموصل إلى أربيل قائلة: «قبل أيام من إعلان (داعش) قرارها بطردنا، كانت هناك أجواء ترقب وانتظار وتساؤلات حول مصيرنا في المدينة». وتضيف: «نحن المسيحيات منذ سيطرة (داعش) على الموصل لم نخرج من بيوتنا خوفا من هذا التنظيم».
وتحدثت سارا بمرارة عما وصفتها بـ«خيانة الجيران»، وقالت: «نحن والمسلمون في المدينة لنا علاقات تمتد لمئات السنين»، وتابعت حديثها وهي تجهش بالبكاء: «على الرغم من أن جارنا كان حزينا جدا على ما حصل لنا، لكنه لم يكن يستطيع فعل شيء لنا، لأن آخرين في منطقتنا جاءوا مع المسلحين ليدلوهم على بيوتنا، وبالتالي أخرجونا منها وأخذوا كل شيء من ممتلكاتنا.. تلك كانت خيانة حقيقية».
وأضافت سارا: «حتى إذا عاد الأمان إلى الموصل، فلن نعود إليها لأن أموالنا وبيوتنا سلبت، وكيف نعيش مع مجتمع سلمنا لـ(داعش). مضت أيام والعالم ساكت لا يتحدث عن حالنا المزري هذا، نتمنى أن نبقى هنا في كردستان التي تحترمنا وتؤوينا».
وكان المطران داوود شرف، رئيس طائفة السريان في الموصل وكردستان، أعرب في بيان تلاه خلال مؤتمر صحافي في أربيل أول من أمس عن استغرابه من موقف أهالي الموصل «والمساهمة في طرد المسيحيين من الموصل». وتابع: «المساجد كانت تحث المسلمين على مهاجمتنا ونهب أملاكنا».
من جهتها، قالت تمارا إن زوجها، ليث متّي، كان يخبئ مبلغ خمسة آلاف دولار معه حين كانوا متوجهين للخروج من الموصل مع أطفالهما الثلاث، وتقول: «كان ليث يحمل معه خمسة آلاف دولار استطاع أن يخفيها عن المسلحين الذين اقتحموا بيتنا وسرقوا ونهبوا كل ما فيه من أموال». وأوضحت: «ليث يعمل تاجر أحذية يستوردها من تركيا، وكان في البيت إلى جانب المجوهرات مبلغ بحدود 50 ألف دولار أخذها المسؤول الداعشي الموصلي الذي نعرف نحن الموصليين أكثرهم ويعرفوننا، لكن ليث خبأ نحو خمسة آلاف دولار معه للطريق، وقبل الخروج من المدينة اعترضنا مسلحون وأخذوا كل ما حملناه معنا حتى السيارة والهواتف والهويات وجوازات السفر وأدوية ابنتي الصغيرة المريضة بالسكري، وأجبرونا على الخروج مشيا من المدينة إلى المناطق الآمنة. بقينا ليلة واحدة في القوش ثم جئنا إلى أربيل لأن أقاربنا هنا في عنكاوة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.