اتهم عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، أمس، المعارضة بالسعي لإسقاط الحكومة ونسفها، من خلال استخدام خطاب تحريضي وعدائي ضدها، يقوم على الكذب، وذلك خلال مناقشتها، الاثنين الماضي، الحصيلة المرحلية للحكومة.
وسخر ابن كيران بشكل لاذع من مداخلات أحزاب المعارضة خلال جلسة عامة مشتركة بين مجلسي البرلمان (النواب والمستشارين). وقال إنه توقع منها انتقادات لاذعة وقاسية، بيد أنه لم يتصور أن يصل كلامها إلى درجة الكذب والبهتان، وترويج أمور مخلة لن يصدقها حتى مجنون، وأضاف أن المعارضة أخلفت موعدها مع لحظة دستورية مهمة.
وقال ابن كيران موجها خطابه إلى المعارضة إن «قواعد العمل السياسي تتغير، ولم يبقَ فيها مكان للابتزاز والتضليل والتحكم والتدليس والترهيب والترغيب»، وأضاف أنه عوض أن تفاعل المعارضة إيجابيا مع التحولات السياسية، بقي حبيس ثقافة سياسية سلبية ومتجاوزة، تنبني على الصراع والتنازع والمناورات التي تؤدي إلى الفشل.
وأوضح ابن كيران أنه كان ينتظر أن يساهم نقاش فرق المعارضة حول التأخير الحاصل في بعض الملفات والمشاريع، مثل تقديم الدعم المباشر للمعوزين، غير أنه انصرف إلى أمور جانبية لا تهم المواطن، حسب رأيه.
وردا على الانتقادات التي وجهتها المعارضة بشأن تهميش الحوار معها من قبل الحكومة، قال ابن كيران: «الحوار محمود ومطلوب»، بيد أنه أردف متسائلا: «أي حوار سيكون مع من يتساءل عن علاقتي بالاستخبارات الصهيونية (الموساد)، وبجبهة النصرة و(بداعش)؟»، في إشارة واضحة إلى الاتهامات التي وجهها إليه حميد، الأمين العام لحزب الاستقلال المعارض بشأن علاقته مع هذه الجهات.
وقال ابن كيران، الذي تفاعلت مع خطابه أحزاب الغالبية بشكل كبير، لا سيما نواب حزبه العدالة والتنمية، إن مناقشة المعارضة للحصيلة كشفت عن «فشل جديد في التقييم الموضوعي والمنصف للعمل الحكومي، وسقوط مؤسف في اجترار أحكام مسبقة ومفتقرة إلى الوقائع الدالة، والمؤشرات الملموسة، وتعويض ذلك بخطاب سياسوي تحريضي، وأحيانا عدائي وعدمي ينكر كل شيء وينتقص من كل شيء».
وأضاف رئيس الحكومة المغربية أن ما يزيد من حدة بؤس خطاب المعارضة هو «نزوعها المتكرر لجعل الحكومة في حالة تعارض مع المؤسسات، وعلى رأسها المؤسسة الملكية، وكأن الحكومة ليست حكومة الملك، الذي ينص الدستور صراحة على تعيينه لها ورئاسته للمجلس الوزاري»، وذلك ردا على الانتقادات التي وجهتها أحزاب المعارضة إلى ابن كيران بشأن ضم بعض المشاريع التي يشرف عليها الملك محمد السادس إلى حصيلة حكومته، بما فيها ما تحقق بشأن قضية الصحراء.
وتعليقا على رفض المعارضة نسب الحكومة لنفسها الفضل في الاستقرار الذي تعيشه البلاد، رد ابن كيران أن الحكومة لم تدّعِ الفضل كله، بل أكدت على مساهمتها فيه، وعد ذلك مكسبا تحقق بفضل المبادرة الاستباقية للملك محمد السادس، ودعم القوى الوطنية المسؤولة، ورصيد الإصلاحات الإيجابية التي تعرفها البلاد.
وبخصوص موقفه من الانتخابات المقبلة، نفى ابن كيران تشكيكه في نزاهة الانتخابات وما نسبته إليه المعارضة بشأن حديثه عن الدولة العميقة، واللجوء إلى أسلوب الابتزاز وخطاب المظلومية لنيل بعض المقاعد الانتخابية، وتهديد الولاة والعمال (المحافظون)، وقال إنها مجرد افتراءات لا تليق به كرئيس حكومة، مؤكدا أن حزبه لن يفشل في الانتخابات المقبلة.
واتهم ابن كيران المعارضة بنشر أرقام مضللة، ومعطيات مغلوطة بشأن المؤشرات الاقتصادية، واستدل على ذلك بحديثها عن تراجع كبير في الاستثمارات العمومية والأجنبية واحتياطي العملة الصعبة، في الوقت الذي رصدت الحكومة أكثر من 186 مليار درهم (22.6 مليار دولار) سنة 2014 لهذه الاستثمارات، كما أن الاستثمارات الأجنبية ارتفعت بدورها، وكذلك احتياطي العملة الأجنبية الذي ارتفع بنسبة 14 في المائة، منتقدا حديث المعارضة عن بلوغ نسبة الدين العمومي 80 في المائة، في حين أنه لم يتجاوز 63 في المائة. كما استشهد بثقة المؤسسات الدولية في بلاده، وقدرتها على مواجهة الأزمة الاقتصادية، وقال مخاطبا المعارضة: «هل وصل بكم الحقد إلى درجة ألا تفرحوا بما تحقق في بلادكم؟».
وردا على الانتقادات التي وجهتها المعارضة بشأن الزيادة في أسعار المحروقات بعد رفع الدعم عنها ضمن خطة إصلاح صندوق المقاصة (دعم المواد الأساسية)، خاطب ابن كيران معارضيه قائلا: «عوض التباكي أمام المواطنين على الزيادة في أسعار المحروقات، عليكم أن تعلنوا موقفكم بصراحة من هذا الإصلاح، وأن تتعهدوا بأنكم ستراجعون هذه الزيادات إن فزتم في الانتخابات».
وانتقد ابن كيران إخفاء المعارضة للحقائق بشأن ما أنجزته حكومته في المجال الاجتماعي، وعد ما أنجز بمثابة طفرة لم تتحقق في عهد الحكومات السابقة، وسرد عددا من الإجراءات الإيجابية المتخذة مثل التعويض عن فقدان الشغل، وتمكين الموظفين الذين لم يستوفوا شرط 3240 يوما من الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من حقهم في استرجاع مبالغ مساهماتهم، ورفع معاشات التقاعد والزيادة في منح الطلبة الجامعيين، وخفض أسعار عدد من الأدوية. وأقر ابن كيران أنه ما زال أمام الحكومة الكثير لإنجازه، واعترف بأنها كانت مقصرة في عدد من المجالات، بيد أنها كانت «صريحة مع المغاربة ولم تبعهم الوهم».
وخصص رئيس الحكومة حيزا مهما في بداية مداخلته للغالبية الحكومية، وأشاد بانسجامها ووفائها وانخراطها في دعم الإصلاحات ومساندة الحكومة، وإبداء الملاحظات وتقديم الاقتراحات «رغم المحاولات المستميتة للبعض في الترويج لتوتر متوهم بين مكوناتها والتحريض على الصراع بينها».
وانتقد ابن كيران انشغال أحزاب المعارضة بالعلاقات بين مكونات الأغلبية، وترويجها لوجود صراع بينها، ودعاها إلى «الاهتمام بتفعيل دورها الدستوري في القيام بمعارضة فعالة وبناءة ترعى شؤون العباد، وتساهم في تقدم البلاد، بدل إضاعة الوقت في مناورات فاشلة».
ابن كيران يتهم أحزاب المعارضة بالسعي لإسقاط الحكومة واستخدام خطاب تحريضي ضدها
دعاها للمساهمة في تقدم البلاد بدل إضاعة الوقت في مناورات فاشلة
ابن كيران يتهم أحزاب المعارضة بالسعي لإسقاط الحكومة واستخدام خطاب تحريضي ضدها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة