طالما كانت قيادة حركة حماس تراهن على سوريا وإيران في السابق، عندما كان تحالفها معهما مصدر «إزعاج وقلق» لكثيرين وأفقدها كثيرا من العلاقات مع الدول العربية، لكن الربيع العربي غير المعادلة.
ففي منتصف 2011 كان واضحا لقيادة حماس أنها يجب أن تبحث عن مقر آخر غير دمشق التي احتضنتها عشرات السنوات، وذلك على خلفية نأي الحركة بنفسها عن حرب النظام السوري ضد المعارضة بعد انطلاق الثورة السورية في مارس (آذار) من ذلك العام. وبعد أشهر قليلة انقلب موقف حماس من صمت إلى تأييد للثورة السورية، وصار لزاما على الحركة أن تغادر سوريا.
وفعلا في منتصف 2012 لم يكن هناك مسؤول واحد لحماس بقي في دمشق بمن فيهم رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل الذي كان غادرها مسبقا مكتفيا بزيارات بين الحين والآخر للعاصمة السورية.
كان أمام قيادة حماس خيارات محدودة لم تكن مصر من بينها آنذاك، ولكن بعد فوز الرئيس الإخواني محمد مرسي أصبحت مصر خيارا قويا، فكرت فيه حماس طويلا قبل أن تفضل قيادة الحركة عدم الاستقرار في مصر لأسباب يبدو أنها شعبية داخلية وأخرى أمنية.
وفتحت تركيا أبوابها لمشعل والآخرين وكذلك فعلت السودان لكنه أيضا عزف عنهما، الأولى كونها بعيدة عن الاهتمامات العربية والثانية لأنها لا يمكن أن تؤمن له الحماية. وبعد تردد قرر مشعل أن تكون وجهته قطر، إذ إن علاقته بالأمير السابق حمد بن خليفة في أوجها.
اختار مشعل قطر، واصطحب معه عضوي المكتب السياسي عزت الرشق ومحمد نصر بينما طار سامي أبو خاطر وصالح العاروري للاستقرار في تركيا، وبقي أسامة حمدان في لبنان وفضل موسى أبو مرزوق أن يعيش وحيدا في مصر.
كان اختيار قطر مفارقة عجيبة، إذ يرى كثير من الفلسطينيين أنها تحظى بعلاقات قوية مع واشنطن وإسرائيل العدوين اللدودين لحماس.
وعلاقة حماس بقطر قديمة ومرت بمفارق هامة، بعد أن دعمت الدوحة بقوة فوز حماس في الانتخابات التشريعية في يناير (كانون الثاني) 2006، وكانت من أوائل الدول التي فتحت ذراعها لحماس بعد سيطرتها على قطاع غزة في 2007 وأرسلت لها دعما ماليا سخيا واستمرت في ذلك وكانت تدفع 30 مليون دولار شهريا لحكومتها في القطاع.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2006 استقبلت قطر إسماعيل هنية في أول زيارة له خارج البلاد، كما استقبلته بعد إقالته أكثر من مرة بصفته رئيسا للوزراء. كما لعبت قطر دورا رئيسا في الاتصالات لوقف الحرب على غزة في 2008 وكذلك في 2012 إلى جانب مصر.
وفي نهاية 2008 دعت قطر الدول العربية لعقد قمة طارئة، على الرغم من معارضة مصر، وعندما قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مقاطعة القمة بسبب دعوة حماس، وجهت قطر الدعوات إلى قادة المقاومة للمشاركة وإلقاء كلمة الشعب الفلسطيني، وألقى حينها مشعل كلمة الفلسطينيين محل أبو مازن.
وفي يناير 2012، اصطحب الشيخ تميم بن حمد الذي كان ولي العهد آنذاك مشعل إلى عمان من أجل تسوية الخلافات مع المملكة الأردنية، ونجحت الزيارة في إنهاء مقاطعة الأردن لحماس.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2012 زار الأمير القطري غزة على الرغم من معارضة الرئيس الفلسطيني لأي تعامل مباشر مع حماس لأنه من وجهة نظره يعطي حماس الشرعية، وتبرع الأمير حينها بأكثر من 450 مليون دولار لبناء مدينة حمد وأحياء سكنية أخرى للأسرى المحررين، وكذلك الكثير من مشاريع الإعمار وترميم البنى التحتية.
وبعد عام بادرت قطر لتحقيق المصالحة الفلسطينية ودعت عباس ومشعل للدوحة، وأقنعت الطرفين بتوقيع اتفاق، وهو ما جرى لكنه لم يطبق.
استمرت قطر في دعم كل مواقف حماس ضد السلطة الفلسطينية، رافضة ممارسة أي ضغط على حماس في أي مرحلة.
وتوفر قطر لمشعل ورفاقه كل الاحتياجات المالية واللوجيستية، بينما يرى مراقبون أن إقامة حماس في مظلة قطر له ثمن كبير، ولكن مشعل خرج أكثر من مرة وقال إن الدوحة «لم تطلب منه شيئا مقابل كل ذلك».
حماس وقطر.. علاقة قديمة تعززت بعد الثورة السورية
مشعل اختار الإقامة في الدوحة وفضلها على تركيا والسودان
حماس وقطر.. علاقة قديمة تعززت بعد الثورة السورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة