برلمان ليبيا يناقش اليوم طلب الحكومة مساعدات عسكرية من الأمم المتحدة وسط مخاوف من اقتحامه

167 قتيلا وجريحا في معارك مطار طرابلس.. وبعثة الصليب الأحمر تغادر إلى تونس

عنصر من قوات الأمن الليبية يتفقد الأضرار التي لحقت بمطار طرابلس امس (أ.ب)
عنصر من قوات الأمن الليبية يتفقد الأضرار التي لحقت بمطار طرابلس امس (أ.ب)
TT

برلمان ليبيا يناقش اليوم طلب الحكومة مساعدات عسكرية من الأمم المتحدة وسط مخاوف من اقتحامه

عنصر من قوات الأمن الليبية يتفقد الأضرار التي لحقت بمطار طرابلس امس (أ.ب)
عنصر من قوات الأمن الليبية يتفقد الأضرار التي لحقت بمطار طرابلس امس (أ.ب)

أعلن نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا، أن المؤتمر الذي يعد أعلى سلطة سياسية ودستورية في البلاد سيعقد اليوم (الثلاثاء) اجتماعا لمناقشة الطلب الرسمي الذي تقدمت به الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني، إلى مجلس الأمن، بشأن الحصول على مساعدات عسكرية وأمنية عاجلة من الأمم المتحدة للمساهمة في فرض الأمن والاستقرار المفقودين منذ الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
ووجه أبو سهمين الدعوة عبر الموقع الرسمي للمؤتمر، على شبكة الإنترنت، لجميع أعضاء المؤتمر، لحضور الجلسة المزمع عقدها اليوم في طرابلس، مشيرا إلى أن الجلسة ستخصص لمناقشة تحديد موعد التسليم والتسلم بين المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب الجديد، والتصويت على قرار يسمح للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات باستئناف الانتخابات في الدوائر التي لم يكتمل فيها انتخاب مجلس النواب.
وكان أبو سهمين قد عد، في بيان أصدره أول من أمس بعد فترة من اختفائه الرسمي، التدخل الأجنبي أمرا مرفوضا من قبل الشعب الليبي، مؤكدا ما انفردت به «الشرق الأوسط» أخيرا حول اندلاع خلافات بينه وبين الثني بسبب تحرك الأخير للحصول على دعم دولي. ويتضمن جدول أعمال الجلسة المرتقبة للبرلمان الليبي مناقشة الوضع الأمني في البلاد، بالإضافة إلى مناقشة وتقييم قرارات حكومة الثني الأخيرة وعلى رأسها طلبها العاجل للتدخل الخارجي. ولم يحدد أبو سهمين مكان أو زمان عقد الجلسة، لكنه لفت في المقابل إلى أنه سيجري موافاة الأعضاء في وقت لاحق بمكان وزمان بداية الاجتماع، الذي يعد الأول من نوعه منذ بدء الاشتباكات المسلحة بين ميليشيات تتصارع في ما بينها للسيطرة على مطار العاصمة.
وكشفت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن هناك مخاوف أمنية من إقدام بعض الميليشيات المسلحة على محاولة اقتحام مقر الاجتماع، مشيرة إلى أن الوضع الأمني بصفة عامة في العاصمة مرشح للتدهور السريع في أي وقت. وأطلقت ميليشيات مسلحة سراح عضوين في المؤتمر الوطني العام هما سليمان زوبي وفتحي العربي، بعد توقيفهما لعدة ساعات، نظرا لوجودهما في أماكن الاشتباكات.
وطبقا لإحصائية رسمية قدمتها وزارة الصحة الليبية أمس فإن عدد القتلى في المعارك التي تخوضها ميليشيات مسلحة للسيطرة على مطار طرابلس بلغ 47 قتيلا، بينما ارتفع عدد الجرحى إلى 120، مشيرة إلى أن العدد قابل للزيادة حيث إن حالات كثيرة جرى إجلاؤها إلى المستشفيات الميدانية لكن دون توثيق. ونفت الوزارة أيضا ما تردد عن مغادرة وزير الصحة نور الدين دغمان أو استقالته، مؤكدة في المقابل أنه يزاول مهام عمله بشكل عادي.
من جهة أخرى، أعلنت الحكومة الليبية عن تشكيل لجنة أزمة من عدة وزارات في إطار ما وصفته بمساعيها للقيام بواجبها تجاه المواطنين المتضررين من الاقتتال الدائر في المنطقة المحيطة بمطار طرابلس الدولي. وقالت الحكومة إن هذه اللجنة ستتولى وبالتنسيق مع عميد بلدية قصر بن غشير تأمين احتياجات الأسر المتضررة، وكذلك التي أجبرت على ترك منازلها في المناطق المحيطة بالمطار، والتكفل بتوفير كل الخدمات التموينية والعلاجية والإسكانية للمتضررين من هذه المناطق بحيث تعالج أوضاع من تضررت منازلهم، إما بتوفير بديل أو بدل إيجار كذلك توفير العلاج للجرحى والمصابين ورفع المعاناة عنهم.
وعقدت حكومة الثني أول من أمس اجتماعا استثنائيا ناقشت خلاله تطورات الأوضاع في منطقة مطار طرابلس والاقتتال الدائر هناك خارج شرعية الدولة، مشيرة إلى أن الاجتماع تطرق إلى معاناة سكان المنطقة من جراء هذا الاقتتال وما خلفه من رعب وخوف في نفوس الأطفال والنساء والشيوخ، وخسائر طالت الأرواح والممتلكات.
وقالت الحكومة في بيان لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع تابع أوضاع الليبيين الذين انقطعت بهم السبل في عدة بلدان لتوقف الملاحة الجوية في المطارات الليبية وما جرى بشأن تسكينهم والعمل على إعادتهم لأرض الوطن في القريب العاجل، موضحة أنها ناقشت أيضا الجهود التي تبذلها لحقن الدماء من خلال التواصل بين كل الأطراف بمساهمة الحكماء والأعيان من مختلف مناطق ليبيا والسعي للخروج من هذه الأزمة في أسرع وقت ممكن. وجددت الحكومة تأكيدها على ضرورة وقف الأعمال القتالية وانسحاب الأطراف المتصارعة خارج المنطقة والاحتكام إلى لغة العقل من خلال حوار وطني شامل.
من جهته، دافع صلاح الميرغني، وزير العدل الليبي، عن المحادثات التي أجراها أخيرا في مدينة لاهاي الهولندية مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. وقال الميرغني، عبر صحفته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «يبدو أن من يطالهم القانون كمجرمي حرب ومرتكبي جرائم ضد الإنسانية من قادة المجموعات المسلحة التي أغرتها سطوتها اكتشفوا الآن أن ما حذرنا منه مرارا وتكرارا قد وقع». وسخر من محاولة بعض الأطراف المزايدة على مواقف حكومته، وقال «يحاول البعض المزايدة بالقول إن الحديث مع الجنائية الدولية في هذه الجرائم التي أعجزتنا أفعالهم عن دفعها هو دعوة للتدخل الأجنبي ومساس بالسيادة الوطنية».
وتساءل «عن أي تدخل تتحدثون؟ هل تريدون أن تقتلوا وتذبحوا وتفعلوا الأفاعيل بليبيا وأهلها ومقدراتها ويبقى الجميع خائفا منكم ومن سطوتكم؟»، مضيفا «أقول عندما تعطلون القضاء الوطني ولا تطالكم يد القانون هنا فجرائمكم يطالها القانون الدولي كما طال القذافي وابنه ورئيس مخابراته، فهم أيضا ظنوا ما ظننتم بأن «لن يقدر عليهم أحد».
وخاطب من وصفهم بـ«أمراء الحرب وقادة جيوش الباطل»، قائلا «اعلموا أن مشاركتكم في ثورة 17 فبراير (شباط) لا تعطيكم الحق في تخريب الوطن، وعليكم الاعتذار للشعب الليبي على ما تفعلونه بليبيا، فإن ثرتم على الظلم فأنتم الآن تظلمون».
على صعيد آخر، كشف فضل الحاسي، آمر تحريات القوات الخاصة ببنغازي، عن اشتباكات دارت أمس بين قوات الصاعقة ومجموعة مسلحة قامت باقتحام معسكر اللواء 319 بمنطقة بوعطني، وحاولت الاستيلاء عليه. وقال الحاسي إن قوات الصاعقة تحركت للمساندة، ودارت اشتباكات في محيط المعسكر بعد أن جرى إخراج المسلحين من المعسكر.
ونفى العقيد ونيس بوخمادة، آمر القوات الخاصة، اقتحام المعسكر الرئيس للقوات الخاصة ومعسكر 21 المقابل له بمنطقة بوعطني، مؤكدا أن الأمور داخل المعسكر توجد تحت السيطرة. وقال مصدر طبي إن الاشتباكات أسفرت عن مقتل شخص وإصابة 28 بجروح، فيما شهدت ضواحي مدينة بنغازي سقوط عدد من الصواريخ والقذائف.
في غضون ذلك، أكدت وزارة الداخلية الليبية أن منفذ رأس اجدير الحدودي بين ليبيا وتونس يعمل بصورة طبيعية، وأن حركة عبور المسافرين في الاتجاهين لم يتوقف. ونفى رامي كعال، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، في تصريح بثته وكالة الأنباء الليبية، الأخبار المتداولة بشأن إغلاق المنفذ، داعيا وسائل الإعلام إلى تحري الدقة في ظل الظروف التي تمر بها البلاد حاليا.
من جهته، أعلن الناطق الرسمي باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر مغادرة بعثة اللجنة لمكاتبها في ليبيا متوجهة إلى تونس، حيث سيكون مقر عملها إلى حين هدوء الأوضاع الأمنية. وعد في تصريحات له أمس أن هذا الإجراء احترازي مؤقت إلى حين استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد. وسبق للجنة الدولية للصليب الأحمر أن جمدت عملياتها مؤقتا في ليبيا، عقب قتل أحد موظفيها في الرابع من يونيو (حزيران) الماضي في سرت.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».