مذبحة إسرائيلية في «الشجاعية».. وعباس يعلن الحداد وحماس تتعهد بالانتقام

فرار 130 ألف فلسطيني من منازلهم.. وإسرائيل تقر بمقتل 13 من جنودها

طفلة تنتحب بعد وفاة شقيقها الذي لقي حتفه خلال عمليات إسعاف لنقل المصابين في حي الشجاعية أمس (أ.ف.ب)
طفلة تنتحب بعد وفاة شقيقها الذي لقي حتفه خلال عمليات إسعاف لنقل المصابين في حي الشجاعية أمس (أ.ف.ب)
TT

مذبحة إسرائيلية في «الشجاعية».. وعباس يعلن الحداد وحماس تتعهد بالانتقام

طفلة تنتحب بعد وفاة شقيقها الذي لقي حتفه خلال عمليات إسعاف لنقل المصابين في حي الشجاعية أمس (أ.ف.ب)
طفلة تنتحب بعد وفاة شقيقها الذي لقي حتفه خلال عمليات إسعاف لنقل المصابين في حي الشجاعية أمس (أ.ف.ب)

في واحد من أكثر الأيام دموية منذ انطلاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي دخل أمس يومه الثالث عشر، لقي أكثر من 60 فلسطينيا حتفهم وأصيب العشرات في قصف مدفعي وغارات جوية استهدفت حي الشجاعية الحدودي، مما يرفع إجمالي الضحايا الفلسطينيين منذ بدء الحرب إلى نحو 450 قتيل و2800 جريح. كما أعلن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن نحو 130 ألف فلسطيني فروا من منازلهم في المناطق القريبة من الحدود. وفي المقابل، أقرت إسرائيل بمقتل 13 جنديا خلال العمليات التي جرت أمس.
وقضى الفلسطينيون في حي الشجاعية ليلة كاملة من الرعب الحقيقي تحت القصف الإسرائيلي العشوائي، وأبيدت عائلات بأكملها داخل منازلها وأخرى في الشوارع عندما حاولت الفرار، بينهم أسامة خليل الحية نجل المسؤول الكبير في حركة حماس، وزوجته وأبناؤه.
وقال شهود عيان إن بعض الضحايا نزفوا طويلا قبل أن يفارقوا الحياة بسبب تعثر سيارات الإسعاف في الدخول إلى الحي.
وأعلن الناطق باسم الصحة الفلسطينية انتشال 60 جثة، معظمهم من الأطفال والنساء، فيما أصيب 200 في مجزرة الشجاعية. وحتى وقت متأخر من أمس، كانت لا تزال بعض الجثث مدفونة تحت ركام المنازل. وانتشل معظم الضحايا خلال فترة ساعة ونصف الساعة، وافقت فيها إسرائيل على هدنة إنسانية في الشجاعية، استجابة لطلب اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أجل نقل المصابين الفلسطينيين.
وكان يفترض أن تستمر الهدنة ساعتين، لكن إسرائيل قصفت الحي مجددا بعد نحو ساعة ونصف الساعة منذ بدء الهدنة، متهمة الفلسطينيين بخرقها. وشوهد الصحافيون وطواقم الإسعاف وهم يفرون من الحي بعد تجدد القصف الإسرائيلي.
وأدانت الرئاسة الفلسطينية «المجزرة الجديدة» التي ارتكبتها الحكومة الإسرائيلية، في حي الشجاعية، وطالبت إسرائيل بإيقاف عدوانها على القطاع فورا. ووجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فورا، نداء إلى المجتمع الدولي للتدخل الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، وفرض وقف إطلاق النار.
وأعلن عباس، الحداد في فلسطين لمدة ثلاثة أيام «على أرواح شهداء شعبنا في قطاع غزة، وآخرهم شهداء مجزرة الشجاعية التي ارتكبتها الحكومة الإسرائيلية بدم بارد فجر الأحد، وراح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى». وجاء في بيان رئاسي: «سيجري خلال أيام الحداد تنكيس الأعلام على الدوائر الرسمية والحكومية والسفارات الفلسطينية في الخارج».
وهاجمت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الصمت الدولي، قائلة إنه يشجع الحكومة الإسرائيلية، على المضي في «جريمتها الدموية البشعة وتوسيع نطاقها». وأضافت: «أنه لا يمكن ردع العدوان المجرم، ومنع إسرائيل من ارتكاب المزيد من المجازر إلا بمحاسبتها على هذه الجرائم ومنع إفلاتها من العقاب، بما في ذلك في المحكمة الجنائية الدولية، والكف عن المقولات الزائفة بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها». ودعت المنظمة الدول العربية المجاورة إلى «الإسراع في إرسال الطواقم والمساندة الطبية القادرة على التعامل مع حجم هذه المجزرة؛ بسبب نفاد مخزون معظم المواد الطبية، وازدحام المستشفيات بالمئات والآلاف من الضحايا».
وتعاني المستشفيات في غزة نقص الاحتياجات الطبية، وامتلأت ثلاجات مستشفى الشفاء بجثث الضحايا، واضطر الأطباء إلى تمديد جثث الأطفال على الأرض وبعض الطاولات الخشبية، فيما وصل الناجون إلى المستشفى يتفحصون وجوه الضحايا بحثا عن أقربائهم.
بدورها، تعهدت حماس بالانتقام وأن «تشرب إسرائيل من الكأس نفسها». وقال الناطق الرسمي باسم حماس، سامي أبو زهري، في بيان، إن حركته تندد بـ«جريمة الحرب» التي نفذها الاحتلال في حي الشجاعية ضد المدنيين، وتتعهد باستمرار المقاومة. وأضاف أن «المقاومة ستستمر في تكبيد الاحتلال خسائر كبيرة، ولن تسمح للاحتلال بأن تطأ قدمه أرض غزة».
وفي المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي أن 13 جنديا قتلوا ليل السبت/ الأحد في قطاع غزة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي أنه «قتل 13 جنديا من لواء جولاني للمشاة الليلة الماضية»، في إطار العملية الجارية في القطاع، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
وبذلك، يرتفع عدد قتلى الجيش الإسرائيلي إلى 18 جنديا. وكانت إسرائيل بررت مذبحة الشجاعية بقولها إن حماس تستخدمها قاعدة لإطلاق الصواريخ. واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حركة حماس باستخدام الفلسطينيين في غزة «دروعا بشرية»، وناشد «سكان غزة بألا تبقوا هناك. حماس تريدكم أن تموتوا، ونحن نريد سلامتكم»، لكنه لم يوضح الأماكن الآمنة التي بوسعهم اللجوء إليها.
بدوره، قال أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي: «توجد تحت حي الشجاعية نحو عشرة أنفاق إرهابية، وبعضها يمتد إلى داخل إسرائيل، وهدفها هو التسلل إلى البلدات المحاذية للحدود وقتل سكانها المدنيين». وأضاف: «حماس تستخدم حي الشجاعية في غزة قاعدة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل وحولت الحي إلى منطقة عسكرية محصنة». بينما قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن «إسرائيل دعت سكان الشجاعية على مدار أيام إلى مغادرة منازلهم، لكن حماس منعتهم».
وطلب الجيش الإسرائيلي مجددا أمس من الفلسطينيين في بيت لاهيا وبيت حانون مغادرة منازلهم.
وبدأ القصف العنيف على الشجاعية بعد إصابة قائد وحدة جولاني التي تقاتل في الشجاعية وهو عربي درزي يدعى غسان عليان، ويعد أول عربي يقود وحدة جولاني بعد أن نال ترقية منذ نحو شهر. وقاد عليان الهجوم على الشجاعية قبل إصابته في كمين لكتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس، إلا أنه طلب من أطبائه، أمس، إعادته إلى غزة من أجل استئناف القتال.
وتشير تصريحات مسؤولين إسرائيليين إلى أنهم سيواصلون الحرب على غزة حتى وقت طويل.
وقرر المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، أمس، ألا يوافق على أي هدنة إنسانية جديدة في غزة قبل حلول عيد الفطر بعد نحو أسبوع.
وكانت «كتائب القسام» أعلنت مقتل أكثر من 31 جنديا إسرائيليا في كمائن وعمليات مختلفة وإصابة أكثر من 200 جندي.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.