الصومال بحاجة لمساعدة ملحة لمواجهة موجة جديدة من الجفاف

منظمات غير حكومية دقت جرس الإنذار

ارشيفية (أ.ف.ب)
ارشيفية (أ.ف.ب)
TT

الصومال بحاجة لمساعدة ملحة لمواجهة موجة جديدة من الجفاف

ارشيفية (أ.ف.ب)
ارشيفية (أ.ف.ب)

دقت منظمات غير حكومية أمس جرس الإنذار من جديد. فبعد ثلاث سنوات على مجاعة رهيبة حصدت أكثر من 250 ألف ضحية في الصومال، وحدها المساعدة العاجلة يمكن أن تحول دون حصول كارثة جديدة ناجمة عن الجفاف، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وكانت منطقة القرن الأفريقي شهدت أسوأ موجة جفاف في يونيو (حزيران) 2011 طالت نحو عشرة ملايين شخص، وأعلنت يومها الأمم المتحدة أن المجاعة ضربت مناطق عدة في الصومال الذي يعاني أصلا من الحرب والفوضى منذ عام 1991.
وأسفرت ستة أشهر من مجاعة امتدت إلى كل أنحاء الصومال، عن 260 ألف قتيل، نصفهم من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمسة أعوام، وهذه حصيلة تفوق حصيلة المجاعة الرهيبة في 1992، وواحدة من أسوأ المجاعات العالمية «في السنوات الخمس والعشرين الماضية»، كما أفادت دراسة للأمم المتحدة صدرت في مايو (أيار) 2013.
وأضافت هذه الدراسة التي أجرتها وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية في الأمم المتحدة وشبكة الإنذار المبكر من المجاعة، ومولتها الوكالة الأميركية للتنمية (يو إس ايد)، أن «4.6 في المائة من إجمالي السكان و10 في المائة من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات توفوا في جنوب ووسط الصومال» خلال مجاعة 2011. مشيرة إلى أن التعاطي الإنساني مع الوضع آنذاك «كان غير كاف ومتأخرا».
وحذر تحالف منظمات غير حكومية في الصومال يضم 19 منظمة غير حكومية محلية ودولية ومنها منظمة عمل ضد الجوع واكتد واوكسفام وورلد فيجن وتضامن دولي، أن «مؤشرات الجفاف ظهرت من جديد في الصومال.. ويجب ألا يجري تجاهلها لتجنب الوقوع في ظروف كارثة 2011».
ودعت المنظمات غير الحكومية إلى «مساعدة عاجلة ومستدامة خلال فترة الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة للحؤول دون تكرار كارثة 2011»، مؤكدة أن أقل من 30 في المائة من الأموال الضرورية من أجل الصومال قد توافرت حتى الآن.
وأضافت: «يوجد في الوقت الراهن أكثر من 300 ألف طفل يعانون من سوء التغذية و2.9 مليون شخص يحتاجون لدعم حيوي ووسائل إعاشة في الصومال. ونتوقع ارتفاع هذا العدد إذا ما استمر تفاقم الظروف».
وأشارت هذه المنظمات غير الحكومية إلى أن 1.1 مليون شخص مهجر يواجهون ظروفا صعبة، وإلى أن «السكان الأكثر تضررا لم يتعافوا بعد من الخسائر الكثيفة التي منوا بها خلال الجفاف ومجاعة 2011».
وذكرت المنظمات غير الحكومية أنه في 2011 «احتجنا إلى 16 إنذارا مبكرا وإعلان المجاعة أخيرا قبل اتخاذ قرار في نهاية المطاف حول تدابير وتمويل مناسب. وحتى اليوم، صدرت ثمانية إنذارات حول أزمة إنسانية وشيكة في الصومال منذ يناير (كانون الثاني) 2014».
ومنذ مايو الماضي، حذرت هيئات إنسانية في الصومال من أن «كل الظروف متوفرة لاندلاع أزمة إنسانية» في البلاد. وقالت منظمة يونيسيف بأن 50 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد، وأن 200 ألف قد يموتون من الجوع هذه السنة إذا لم تتأمن مساعدة كافية.
وأشار تحالف المنظمات غير الحكومية في الصومال إلى أن «12 في المائة فقط في تلك الفترة من الحاجات الإنسانية المقدرة بـ933 مليون دولار، قد تمولت. وبلغت هذه النسبة منذ ذلك الحين 27 في المائة، ولا تزال بعيدة عن الهدف في منتصف السنة».
وأضاف التحالف أن «العجز الحالي في التمويل يعني أن برامج تؤمن هذه الحاجات وتقدم خدمات أساسية قد تقفل».
وقالت شبكة الإنذار المبكر من المجاعة بأن الوضع الغذائي مضطرب في معظم أنحاء البلاد ويواجه عدد كبير من المناطق أزمة بسبب كميات الأمطار القليلة وارتفاع أسعار الحبوب واستمرار الفلتان الأمني الناجم عن النزاع بين الحكومة والقوات العسكرية الدولية من جهة ومتمردي حركة الشباب الإسلامية من جهة ثانية.
وعدت وحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية في بداية يوليو (تموز) أن «الأزمة الغذائية في الصومال ستتفاقم في الأشهر المقبلة»، وأن العاصمة مقديشو على وشك الانتقال إلى مستوى «الطوارئ»، وهو المرحلة الأخيرة قبل «المجاعة»، حسب معايير تصنيفها للمجاعة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».