المسيحيون يرفضون مبادرة جنبلاط الرئاسية وبري يدعم البحث عن مرشح توافقي

«القوات» لا يرى نفسه معنيا * و«التيار الوطني»: لا يجوز مقارنة عون وجعجع مع الحلو

الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان أثناء اجتماعه برئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي أمس (دلاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان أثناء اجتماعه برئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي أمس (دلاتي ونهرا)
TT

المسيحيون يرفضون مبادرة جنبلاط الرئاسية وبري يدعم البحث عن مرشح توافقي

الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان أثناء اجتماعه برئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي أمس (دلاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان أثناء اجتماعه برئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي أمس (دلاتي ونهرا)

تستمر المبادرات اللبنانية لإحداث خرق في الجمود الرئاسي، في ظل الاصطفاف الداخلي وتمسك كل فريق بموقفه، من دون جدوى، وإن كانت بعض المعلومات قد أشارت إلى حراك غربي بدأ يشق طريقه على خط رئاسة الجمهورية، إضافة إلى إمكانية طرح البطريركية المارونية دعمها مرشحين جددا.
وكان آخر هذه الطروحات ما أعلنه رئيس «اللقاء الديمقراطي» وليد جنبلاط، حول استعداده لسحب مرشح كتلته النائب هنري حلو إذا أقدم الآخرون على سحب ترشيحاتهم لتسهيل التوصل إلى تسوية تنهي حالة الفراغ. وفي حين لا يزال جنبلاط في إطار «رصد ردود الفعل» حول طرحه، بحسب ما أكده مفوض الإعلام في «الحزب التقدمي الاشتراكي»، رامي الريس، لـ«الشرق الأوسط»، يبدو أن المواقف الأولية تجاه المبادرة لا توحي بأي تجاوب، ولا سيما من الفريقين المعنيين الأساسيين: «التيار الوطني الحر» و«حزب القوات اللبنانية»، بمرشحيهما، النائب ميشال عون، ورئيس «القوات» سمير جعجع.
في موازاة ذلك، آمل النائب في كتلة «التنمية والتحرير» علي خريس، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «يكون طرح جنبلاط بداية لحل، لكن الوضع لا يطمئن في ظل الاصطفاف الداخلي والتمترس وراء المواقف». وأكد خريس أن «التواصل مستمر بين كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري وجنبلاط، وهناك توافق بين الطرفين على مبدأ البحث عن إيجاد مخرج والتوافق على رئيس مقبول من كل الأطراف».
وبشأن مبادرة رئيس «اللقاء الديمقراطي»، قال الريس في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن ما طرحه جنبلاط هو «مسعى جديد في إطار المساعي التي بدأها من دون انقطاع منذ دخول لبنان في الفراغ الرئاسي قبل أكثر من شهرين، في محاولة منه لإخراج لبنان من عنق الزجاجة بعدما وصلنا إلى أفق مسدود». ورأى أنه «بعدما أصبحت خريطة توزع القوى السياسية في مجلس النواب معروفة وغير قابلة للتغيير في موازاة انسداد الأفق الإقليمي الذي من الممكن أن يحقق انفراجا ما - لا بد من أن تعيد القوى السياسية قراءة ترشيحاتها ومواقفها».
وشدد الريس على أن «التصلب في استمرار الترشيحات على حالها والبحث عن أسباب تخفيفية للتهرب من المأزق الرئاسي لم تعد تجدي نفعا»، عادا «الشغور الرئاسي إذا استمر طويلا سيزيد الوضع اللبناني تأزما على كل المستويات».
وفي إطار مبادرة جنبلاط، قال النائب في «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا لـ««الشرق الأوسط»: «لسنا معنيين بهذا الطرح، لا سيما أن جعجع سبق له أن طرح مبادرات عدة ودعا عون إلى المواجهة في مجلس النواب أو التوافق على مرشحين من الفريقين من دون أن يلقى تجاوبا من عون، الذي يبدو أنه مستعد لـ(المقامرة) بالنظام بعدما اقترح انتخاب الرئيس من الشعب في هذه المرحلة بالتحديد». وفيما عد «النائب هنري الحلو ليس المشكلة في عقدة الانتخابات الرئاسية»، أكد أن «العائق الرئيس هو النائب ميشال عون الذي يرفض التراجع عن ترشحه».
في المقابل، لم يكن رد فعل تكتل «التغيير والإصلاح» مرحبا بمبادرة جنبلاط، إذ عد نائبها سيمون ابي رميا «المقارنة بين عون وجعجع من جهة والنائب هنري الحلو من جهة ثانية لا تجوز، على اعتبار أن عون وجعجع يحظيان بأكبر تأييد في الشارع المسيحي». وعد، في حديث تلفزيوني، أنه «حان الوقت لكي يشعر المسيحيون بأن رئيس جمهوريتهم يمثلهم فعلا»، مشيرا إلى أن «أقلية نيابية تمنع إنتاج رئيس قوي للجمهورية»، في إشارة إلى كتلة النائب وليد جنبلاط، الذي سبق له أن أعلن رفضه انتخاب أي من عون وجعجع.
من ناحيته، شدد النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» آلان عون على أن «الإصرار على مرشحين ليست لهم فرصة في الوصول إلى سدة الرئاسة هو أيضا نوع من التعطيل»، لافتا إلى أن «مجلس النواب الحالي ضرب مصالح المسيحيين»، داعيا الأفرقاء كافة إلى «تحمل مسؤولية قراراته».
وأشار إلى أن «الوتيرة الإقليمية أبطأ من الاستحقاقات اللبنانية، وهذه الوتيرة تزيد تعقيدا مع الوقت، لذلك لا ينبغي ربط الاستحقاقات النيابية بالدول الإقليمية»، مشددا على «ضرورة أن ندير شؤوننا ومؤسساتنا على الأقل بانتظار الحلول الكبرى».
وكان جنبلاط أعلن رفضه انتخاب كل من جعجع الذي أعلن ترشحه رسميا وطرح برنامجا انتخابيا، وكذلك عون الذي وصفه «بأنه مرشح افتراضي لـ(حزب الله)»، رافضا سحب ترشيح حلو لصالح آخرين أيا كانت المعادلات والتوافقات، وقال: «نحن بحاجة إلى رئيس دولة قوي وليس إلى رئيس مسيحي قوي».
ووصف وزير الصحة العامة، وائل أبو فاعور، ما يحاول النائب جنبلاط القيام به بأنه «مواكبة ومساعدة لجهود رئيس الحكومة تمام سلام الذي يتصرف بكثير من الصبر والدراية والحرص على لملمة شتات الدولة اللبنانية». وقال بعد لقائه سلام موفدا من جنبلاط، أمس: «اتفقنا مع دولة الرئيس على أن انتخابات رئاسة الجمهورية هي مفتاح الحلول، وكل ما ينالنا اليوم من تعطيل ومشاكل وعثرات هو نتيجة الشغور في موقع الرئاسة، والحل الوحيد هو، كما دعا النائب جنبلاط اليوم، فتح باب الوفاق حول الرئاسة»، مضيفا: «ما دمنا مستمرين في هذه المعاندة والإصرار على الشروط والشروط المضادة سيستمر الشغور في موقع الرئاسة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.