الجيش العراقي دخل تكريت بعد السحور وانسحب منها قبل الفطور

الجبوري رئيسا للبرلمان وقيادي في حزب المالكي نائبا أول له

صورة التقطت بكاميرا الهاتف الجوال تظهر عنصرا في «داعش» عند تقاطع طرق وسط الموصل أمس (أ.ب)
صورة التقطت بكاميرا الهاتف الجوال تظهر عنصرا في «داعش» عند تقاطع طرق وسط الموصل أمس (أ.ب)
TT

الجيش العراقي دخل تكريت بعد السحور وانسحب منها قبل الفطور

صورة التقطت بكاميرا الهاتف الجوال تظهر عنصرا في «داعش» عند تقاطع طرق وسط الموصل أمس (أ.ب)
صورة التقطت بكاميرا الهاتف الجوال تظهر عنصرا في «داعش» عند تقاطع طرق وسط الموصل أمس (أ.ب)

اضطرت القوات العراقية التي شنت عملية عسكرية كبرى صباح أمس لاستعادة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين (170 كيلومترا شمال بغداد)، إلى الانسحاب بعد سيطرتها مؤقتا على مناطق جنوبية من المدينة.
وقال ضابط في الشرطة: «انسحبت القوات العراقية من مدينة تكريت وعادت إلى مناطق تجمعها على بعد نحو عشرة كيلومترات من جنوب المدينة بعد معارك ضارية مع المسلحين فيها». وذكر من جهته مصدر عسكري رفيع المستوى أن «القوات العراقية انسحبت مع بدء حلول الليل حتى لا تتعرض لخسائر، لكنها ستعود لتدخل المدينة». وأكد شهود عيان في تكريت انسحاب القوات العراقية وعودتها إلى مقر الفرقة الرابعة في الجيش الواقع خارج تكريت (160 كلم شمال بغداد) من جهة الجنوب.
وأعلن أحمد الجبوري، محافظ صلاح الدين، أن القطعات العسكرية العراقية بدأت أمس «عملية جس نبض» للجماعات المسلحة وبالذات تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) داخل مدينة تكريت، مركز المحافظة (170 كيلومترا شمال بغداد)، وأنها «لم تجد مقاومة كبيرة، الأمر الذي جعلها تتقدم باتجاه مركز المدينة».
وقال الجبوري في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات العراقية الموجودة في أطراف تكريت كانت تنتظر طوال الفترة الماضية وصول الإمدادات العسكرية الكافية التي تمكنها من استعادة السيطرة على تكريت، لكن هذه الإمدادات لم تصل كاملة، غير أنه وفي إطار عملية جس نبض استباقية فقد تمكنت القطعات الموجودة من تحرير منطقة العوجة الجديدة والملاصقة للمستشفى العام في المدينة ومن ثم تطهير مبنى أكاديمية الشرطة الذي لا يبعد عن مبنى المحافظة سوى 150 مترا».
وردا على سؤال بشأن ما إذا كان مبنى المحافظة سيكون جاهزا للعمل بعد الإعلان عن تطهيره استنادا إلى ما أعلنته وزارة الدفاع، قال الجبوري إن «مبنى المحافظة لم يكن فيه أحد أصلا، بل إنه منذ فترة شبه خال من المسلحين، ولكن أن يكون جاهزا للعمل أم لا فهذا يتطلب أولا إكمال تطهير الأحياء القريبة منه والعملية الآن مستمرة في هذا الاتجاه، كما يتطلب، وهذا هو الأهم، وصول قطعات جديدة غير القطعات التي تتولى الآن عملية التطهير تتولى عملية مسك الأرض لأنه في حال لم يجر مسك الأرض فإن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة، لا سيما أن مسلحي (داعش) انسحبوا الآن بطريقة تبدو وكأنها بلا مقاومة إلى منطقة البوعزيزي شرق تكريت، وهو ما يتطلب استمرار الحذر في حال لم تصل الإمدادات الكافية التي تؤمن كل المحافظة لفترة من الوقت حتى تتمكن القوات الموجودة فيها والشرطة المحلية من مزاولة عملها الطبيعي وبدء الحياة اليومية».
وبشأن أحداث الضلوعية الواقعة على بعد 90 كيلومترا شمال بغداد التي استولى عليها المسلحون في الأيام القليلة الماضية، قال الجبوري إن «قضاء الضلوعية يتكون من ثلاث قبائل كبيرة، وهم الخزرج والجبور والبوجواري، وما حصل أن قبائل الجبور والخزرج لم يتمكن المسلحون من الوصول إليها لكنهم تعرضوا لقبيلة البوجواري لكن الأخيرة انتفضت عليهم من جديد وتم تطهير كل الضلوعية أيضا». وبشأن عمليات النزوح التي شهدتها تكريت، قال الجبوري: «شهدت تكريت وبعض أطرافها عمليات نزوح كبيرة حيث بلغ عدد النازحين نحو نصف مليون مواطن وهو الأكبر في تاريخها».
من جهته أكد الشيخ عبد الوهاب السالم، أحد شيوخ تكريت، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «معظم أهالي تكريت نزحوا بسبب الخوف الذي سيطر على الجميع أول الأمر ومن ثم بسبب النقص الحاد في الخدمات، إذ لا توجد حياة أصلا»، مشيرا إلى أن «المسلحين لم يحاولوا فرض نمط معين من الحياة على المدينة لأنهم لم يقدموا البديل الذي يمكن أن يجعل أهالي المدينة ينظرون إليهم من زاوية مختلفة». وأوضح السالم أن «الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء بيد الحكومة وقد قطعتها عن المدينة، كما أن السيولة المالية بيدها وقد جرى قطع الرواتب، وبالتالي فإن من تبقى من أهالي المدينة و(داعش) باتوا في وضع لا يحسدون عليه لأنهم لا يملكون القدرة على تسيير البنية التحتية للمدينة التي يحتاج إليها الناس لتمشية أمورهم اليومية».
وكانت وزارة الدفاع العراقية أعلنت في بيان أمس أنها أطلقت عمليات «السيف البتار» لاستعادة تكريت، مضيفة «أن قواتنا المسلحة معززة بالدبابات وطيران الجيش والقوة الجوية هاجمت الدواعش من عدة محاور». وأكد البيان أن «قواتنا البطلة قامت برفع العلم العراقي فوق القصور الرئاسية ولا تزال قواتنا مستمرة في تطهير ما تبقى من مدينة تكريت وملاحقة الهاربين من الدواعش».
يذكر أن تنظيم داعش الذي تحول إلى «الدولة الإسلامية» كان قد سيطر في 11 يونيو (حزيران) الماضي على مدينة تكريت بعد سيطرته على أجزاء من محافظة صلاح الدين وبعد يوم واحد من سيطرته في على مدينة الموصل (400 كم شمال بغداد).



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.