ليبيا تدرس السماح لمحققين غربيين باستجواب السنوسي في قضية لوكربي

وزير الاقتصاد الليبي مصطفى أبو فناس وسفيرة أميركا في طرابلس ديبورا جونس يوقعان إطار اتفاقية تجارية واستثمارية بين البلدين في العاصمة أمس (أ.ف.ب)
وزير الاقتصاد الليبي مصطفى أبو فناس وسفيرة أميركا في طرابلس ديبورا جونس يوقعان إطار اتفاقية تجارية واستثمارية بين البلدين في العاصمة أمس (أ.ف.ب)
TT

ليبيا تدرس السماح لمحققين غربيين باستجواب السنوسي في قضية لوكربي

وزير الاقتصاد الليبي مصطفى أبو فناس وسفيرة أميركا في طرابلس ديبورا جونس يوقعان إطار اتفاقية تجارية واستثمارية بين البلدين في العاصمة أمس (أ.ف.ب)
وزير الاقتصاد الليبي مصطفى أبو فناس وسفيرة أميركا في طرابلس ديبورا جونس يوقعان إطار اتفاقية تجارية واستثمارية بين البلدين في العاصمة أمس (أ.ف.ب)

برز أمس تناقض في المواقف والتصريحات داخل الحكومة الانتقالية في ليبيا، بشأن إعلان وزير العدل الليبي صلاح المرغني لمحطة تلفزيونية بريطانية أن بلاده تعتزم السماح للمحققين البريطانيين والأميركيين باستجواب عبد الله السنوسي صهر العقيد الراحل معمر القذافي ورئيس جهاز المخابرات الليبية السابق، بشأن تفجير طائرة فوق بلدة لوكربي الأسكوتلندية عام 1988.
ونقلت محطة «آي تي في» التلفزيونية البريطانية عن المرغني قوله: «لكي نتعلم دروس التاريخ، ونمنح أسر الضحايا الراحة والطمأنينة والارتياح، علينا أن نعرف كل شيء عما حدث لأحبائهم خلال هذه الجريمة البشعة».
وقالت القناة في موقعها الإلكتروني إن المرغني سئل عما إذا كان السنوسي يمكن استجوابه، فقال: «نعم هذه هي نيتنا»، مضيفا: «نعمل على وضع اللمسات الأخيرة على الترتيبات الخاصة بذلك، وأيضا الحصول على الأدلة المتوفرة لدى السلطات البريطانية والأميركية.. نحتاج جميعا لمعرفة الحقائق».
لكن أحد المسؤولين عن سجن الهضبة (جنوب شرقي العاصمة الليبية طرابلس) الخاضع لإشراف جهاز الحرس الوطني الليبي والذي يقبع فيه السنوسي منذ تسليم موريتانيا له للسلطات الليبية قبل 16 شهرا، قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط»: «لا علم لنا بأي ترتيبات لاستقبال محققين أجانب في الوقت الراهن للتحقيق مع السنوسي».
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم تعريفه في اتصال هاتفي من طرابلس: «يجب الحصول أولا على موافقة الأجهزة الأمنية المعنية قبل السماح لأي فريق تحقيق بالاستماع إلى أقوال السنوسي فيما يتعلق بمقتل 270 شخصا في تفجير طائرة لشركة بان أميركان فوق لوكيربي في أسكوتلندا عام 1988».
وأدين ضابط المخابرات الليبية عبد الباسط المقرحي، الذي نفى على الدوام أي دور له في الحادث، بضلوعه في إسقاط الطائرة.. قبل أن يطلق سراحه من السجن في 2009 وسط جدل كبير في بريطانيا، وتوفي بالسرطان العام الماضي.
ولفت المسؤول الليبي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أي تحقيقات مع السنوسي يجب أن تخضع لإشراف مكتب النائب العام في ليبيا، وأن تجري بحضور ممثلين عن السلطات الأمنية»، مشيرا إلى أن السماح لمحققين من بريطانيا والولايات المتحدة بالجلوس إلى السنوسي قد يؤدي إلى طلبات مماثلة من عدة دول وحكومات تريد معرفة ما لديه من معلومات بشأن قضايا عالقة وقعت خلال حكم القذافي. وتابع: «بإمكان لبنان أن يطلب إرسال محققين لسؤال السنوسي عما يعرفه من معلومات عن عملية اختفاء الإمام الشيعي موسى الصدر عام 1978، ولفرنسا أن تطالب بالمثل لمعرفة دور السنوسي في قضية سقوط إحدى طائراتها فوق صحراء النيجر».. في إشارة إلى حادث تفجير طائرة شركة «يو تي إيه» في 19 سبتمبر (أيلول) عام 1989 جنوب النيجر، مما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 170 شخصا. ويخضع سجن «الهضبة»، الذي يشرف عليه الحرس الوطني، لإجراءات أمنية مشددة، ويضم إلى جانب السنوسي المسجون في زنزانة انفرادية، أشهر رموز نظام القذافي.
وتولى السنوسي (64 سنة) إدارة المخابرات العسكرية الليبية، وقام بدور أساسي في الرد العسكري على انتفاضة 2011، وألقى مقاتلون القبض عليه في آخر الأمر بعد شهر من مقتل القذافي. وفي شهر يونيو (حزيران) 2011، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرا باعتقال السنوسي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. كما أنه متهم كذلك بالضلوع في مذبحة سجن أبو سليم، التي يعتقد أن زهاء 1200 سجين قتلوا فيها قبل ذلك بعامين. في غضون ذلك، أعلن عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني العام (البرلمان) رفض المؤتمر، الذي يعد أعلى سلطة دستورية وسياسية في البلاد، لاستخدام القوة لإنهاء أزمة إغلاق حقول وموانئ النفط المستمرة منذ عدة أشهر، والتي تسببت في انخفاض مستوى إنتاج البلاد من النفط الذي يمثل العمود الفقري للاقتصاد المحلي.
وقال حميدان، في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس بالعاصمة طرابلس، إن المؤتمر الوطني لا يرى في الخيار العسكري حلا سليما لهذه الأزمة، معتبرا أن «هذا الخيار كان مطروحا دائما أمام المؤتمر، لكن من بيدهم اتخاذ القرار لا يرون أنه الحل السليم لإنهاء الأزمة؛ لأنه سيزيد من تفاقمها».
وأوضح أن اللجنة المفوضة من المؤتمر لبحث الحل المناسب للأزمة، رأت ضرورة إعطاء فرصة للحكماء للحوار، مشيرا إلى أن هناك خطوات جدية اتخذت في هذا الموضوع، وقد ينتج عنها الوصول إلى حل للأزمة. وكانت «غرفة عمليات ثوار ليبيا» هددت بأنها لن تتوانى في إعادة فتح الحقول والموانئ النفطية في شرق ليبيا بما يمليه الحكم الشرعي والواجب الوطني، سواء بادرت الدولة أو تباطأت في أداء مسؤولياتها وواجباتها.
وجاء هذا التهديد على خلفية إعلان إبراهيم جضران، رئيس ما يسمى إقليم برقة الفيدرالي في شرق ليبيا، استمرار إغلاق الحقول والموانئ النفطية لعدم استجابة حكومة علي زيدان الانتقالية للشروط الثلاثة المتمثلة في تشكيل لجنة قضائية مستقلة للتحقيق في تصدير النفط، وأن تأخذ برقة نصيبها من النفط حسب القانون رقم 58 لسنة 1951، بالإضافة إلى تشكيل لجنة من الأقاليم الثلاثة لمراقبة عملية بيع النفط.
ويحول غلق موانئ رئيسية في ليبيا دون تصدير مئات الآلاف من البراميل يوميا من الخام الخفيف عالي الجودة، الأمر الذي يتسبب في شح الإمدادات بسوق النفط. في غضون ذلك، أعلن المصرف المركزي الليبي أنه قام أخيرا بسداد قرض قطري بقيمة 100 مليون دولار أميركي بناء على طلب الدوحة وآخر لتركيا بقيمة 200 مليون دولار بسبب ارتفاع فائدته. ونقلت وكالة أنباء شينخوا الصينية عن مصباح العكاري مدير إدارة الأسواق المالية بالمصرف قوله إن «المصرف المركزي الليبي قام بسداد قرض بقيمة 100 مليون دولار من دون فوائد، كان قدمه بنك قطر الدولي إلى ليبيا خلال ثورة 17 فبراير (شباط) 2011 في عهد المجلس الانتقالي الليبي السابق». وأضاف أنه «فجأة - ودون مقدمات - طلب خلال الأيام الماضية استرجاع القرض، وعلى الفور قام المصرف المركزي بسداده في اليوم الثاني للطلب دون تردد»، مشيرا إلى أن ليبيا ردت أيضا قرضا تركيا بقيمة 200 مليون دولار بفائدة كبيرة بنسبة 2.6 في المائة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».