مقتل ثمانية زوار شيعة في هجومين أحدهما انتحاري في بغداد

مقتل ثمانية زوار شيعة في هجومين أحدهما انتحاري في بغداد
TT

مقتل ثمانية زوار شيعة في هجومين أحدهما انتحاري في بغداد

مقتل ثمانية زوار شيعة في هجومين أحدهما انتحاري في بغداد

قتل ثمانية من الزوار الشيعة المتوجهين إلى كربلاء لإحياء زيارة أربعين الإمام الحسين في هجومين منفصلين في مدينة بغداد وجنوبها أمس، أحدهما انتحاري، بحسب ما أفادت به مصادر أمنية وطبية.
وقال عقيد في الشرطة إن «انتحاريا يرتدي حزاما ناسفا فجّر نفسه في وسط جمع من الزوار في المحمودية (20 كلم جنوب بغداد)، ما أسفر عن مقتل أربعة وإصابة 12 آخرين». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الهجوم الثاني نفذه مسلحون يستقلون سيارة مسرعة قاموا برمي قنابل يدوية على زوار في منطقة بغداد الجديدة في جنوب شرقي العاصمة، ما أسفر عن مقتل أربعة وإصابة 13 آخرين».
وفي مقابل ذلك، قتل ستة مسلحين بينهم انتحاري يرتدي حزاما ناسفا فجّر نفسه في جنوب بغداد. وقال العقيد قاسم عطية مدير إعلام قيادة عمليات بغداد إن «عددا من الزوار شكّوا بشخص يرتدي حزاما ناسفا وأبلغوا القوات التي تمكنت من قتله في الحال»، بينما قتل المسلحون الخمسة في الزمبرانية جنوب بغداد.
وتأتي هذه الهجمات غداة سلسلة تفجيرات في العراق أول من أمس أوقعت 68 قتيلا، بينها تفجير سيارتين مفخختين ضد الزوار الشيعة أديتا إلى مقتل 24 من الزوار وإصابة 53 بجروح.
وتخوض القوات العراقية، بعد عامين على الانسحاب الأميركي، معركة يومية ضارية تصارع فيها للحد من تصاعد أعمال العنف التي بلغت معدلات لم يشهدها العراق منذ عام 2008، في ذروة الانتشار العسكري الأميركي. وتجد القوات العراقية نفسها وحيدة اليوم في مواجهة جماعات مسلحة تستمد زخمها من النزاع في سوريا المجاورة، ومن استياء المكون السني الذي يشكو من تعرضه لتهميش واستهداف من قبل الأكثرية الشيعية الحاكمة.
ويشهد العراق منذ أبريل (نيسان) الماضي تصاعدا في أعمال العنف اليومية المتواصلة منذ اجتياح البلاد في عام 2003، والتي تشمل استهداف كل أوجه الحياة فيه، وبينها المقاهي والمساجد والمدارس وحتى مجالس العزاء. ومنذ بداية عام 2013 قتل في العراق أكثر من 6500 شخص في أعمال العنف اليومية، بحسب حصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية، استنادا إلى مصادر أمنية وعسكرية وطبية.
وقال مسؤول عسكري عراقي بارز، رافضا الكشف عن اسمه، إن «القوات الأميركية كانت تشرف أو تشارك أو تنسق مع القوات العراقية بمهامها قبل الانسحاب، وكانت هناك نتائج سريعة». وأضاف: «هم يمتلكون القوة النارية والجوية والبحرية بينما العراق ما زال في بداية الطريق، فأميركا تمتلك جيشا مميزا في كل شيء، وفقدان ذلك هو خسارة لنا، مما جعلنا نتحمل المسؤولية من دون أن يكون لدينا إتمام لسد النقص».
وأنهت القوات الأميركية العمليات القتالية في العراق في عام 2010، وجعلت محور عملها بعد ذلك تدريب القوات العراقية. وفي العام التالي توقفت المفاوضات العراقية الأميركية حول بقاء قوات لتدريب نظيرتها في العراق بسبب رفض بغداد منح الجنود الأميركيين، الذين كان من المفترض أن يبقوا، الحصانة القانونية. وغادر آخر جندي أميركي العراق في 18 ديسمبر (كانون الأول) العام 2011، باستثناء عدد من أفراد الجيش الأميركي الذين بقوا تحت سلطة السفارة الأميركية.
ويقول فرانك هالميك، الجنرال الأميركي المتقاعد الذي شارك في مهمات في العراق على مدى عدة سنوات، بينها عام 2011: «غادرنا قبل أن نحقق الكثير من الأهداف الأساسية للتدريبات». وأضاف: «القوات الجوية العراقية لم تكن جاهزة بعد للدفاع عن أجواء البلاد، وما زالت حتى الآن تفتقد هذه القدرة». وتابع: «اعتمدت (القوات العراقية) على الجيش الأميركي لتستحصل على دعم استخباراتي سمح لها بإبقاء الضغط على شبكات المتمردين»، مشيرا إلى أن «هذه القدرة عانت كثيرا في غياب الدعم الأميركي».
من جهته، يرى السفير الأميركي السابق جيمس جيفري إن التدريبات التي تتلقاها القوات العراقية تقلصت منذ مغادرة القوات الأميركية. وقال: «كان لدينا برنامج متطور حين كانت قواتنا هناك»، وهو برنامج يشمل «تدريب وحداتهم وفرقهم وألويتهم (...) وهذا الأمر غير متوفر حاليا كما نرى، أو أن المتوفر الآن ليس بالدرجة نفسها التي كان عليها». وأضاف: «نشر قوات عسكرية على الأرض أمر معقد جدا (...) عندما يطلق الناس النار عليك، والأمر يتطلب تدريبا كبيرا، وخبرة كبيرة، وهم لا يملكون هذه المسائل حاليا، علما بأنه كان بإمكاننا أن نمنحهم إياها».
وكان تقرير صادر عن «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» الأميركي حول القوات العراقية هذا الأسبوع أشار إلى أن البلاد «لم تجد بعد طريقة فعالة تستبدل عبرها الاعتماد» على المساعدة الأميركية.
وتحدث التقرير عن محاولة رئيس الوزراء نوري المالكي، القائد العام للقوات المسلحة، إحكام سيطرته على القوات المسلحة. ويرى التقرير أن «القيادة السياسية العراقية تصر على تكرار مساعي صدام حسين في إدارة كل تفاصيل العمليات الأمنية، وتعزيز سيطرتها السياسية، وتجاوز التسلسل القيادي الرسمي، والحد من المبادرات».
وفي موازاة نقاط الضعف لدى القوات العراقية التي تصعب مساعي الحد من العنف المتصاعد في البلاد، تبرز أيضا الخلافات السياسية المتفاقمة، ومصدرها الاستياء السني من الحكومة الحالية.
وقال أنطوني كوردسمان الذي أعد تقرير «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» إن العراق «يحتاج إلى إدراك وطني أكبر (...) وللمضي باتجاه تبني حكومة أكثر وطنية». وأضاف أنه إذا لم يحدث ذلك فإن العراق «سيجد نفسه، كما يحدث حاليا، في طريق العودة إلى الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد» بين عامي 2006 و2008.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».