ذكرى الثورة التونسية: احتفالات رسمية في قصر الرئاسة.. واحتجاجات شعبية في سيدي بوزيد

محتجة تونسية تلوح بعلم بلادها أثناء احتجاجات ضد الحكومة خرجت بمناسبة العيد الثالث للثورة أمس (أ.ف.ب)
محتجة تونسية تلوح بعلم بلادها أثناء احتجاجات ضد الحكومة خرجت بمناسبة العيد الثالث للثورة أمس (أ.ف.ب)
TT

ذكرى الثورة التونسية: احتفالات رسمية في قصر الرئاسة.. واحتجاجات شعبية في سيدي بوزيد

محتجة تونسية تلوح بعلم بلادها أثناء احتجاجات ضد الحكومة خرجت بمناسبة العيد الثالث للثورة أمس (أ.ف.ب)
محتجة تونسية تلوح بعلم بلادها أثناء احتجاجات ضد الحكومة خرجت بمناسبة العيد الثالث للثورة أمس (أ.ف.ب)

تغيب الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان) لأول مرة عن احتفالات مدينة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية بالذكرى الثالثة لاندلاع الثورة. واختاروا الاحتفال هذه السنة في قصر قرطاج بالعاصمة وسط توقع احتجاجات اجتماعية بسبب بطء مشاريع التنمية والتشغيل.
وكان الرؤساء الثلاثة قد تنقلوا خلال السنتين الماضيتين إلى سيدي بوزيد على الرغم من مظاهر الاستياء التي تطبع وجوه سكان المدينة. وكانت المنظمات المحلية بسيدي بوزيد قد عبرت عن عدم رغبتها في استقبال الرؤساء الثلاثة بالمدينة، في ظل استياء عائلات جرحى وشهداء الثورة من تواصل مظاهر الفقر والبطالة. وألقى الرئيس التونسي المنصف المرزوقي في القصر الرئاسي بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية خطابا مقتضبا بالمناسبة. ودعا من خلاله إلى الانتهاء من صياغة الدستور وتشكيل هيئة عليا للانتخابات. وتوقع أن يتم الإعلان عن تاريخ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة قبل ذكرى 14يناير (كانون الثاني) المقبل التي وصفها بـ«عيد النصر». ولم ينف المرزوقي عن الحكومة الحالية فشلها في معالجة عدة ملفات على غرار البطالة والفساد وإنصاف شهداء الثورة وغياب التنمية في الجهات المحرومة وعدم تقدم مسار العدالة الانتقالية وقال إن وصول تونس إلى بر الأمان مسؤولية جماعية.
وانتظمت أمس بسيدي بوزيد مسيرات كثيرة كان أهمها تلك التي انطلقت من أمام مقر الاتحاد الجهوي للشغل (فرع نقابة العمال التونسية) التي رفعت شعارات تطالب بالتشغيل والتنمية، وتنتقد أداء الحكومة والسلط الجهوية والمحلية، بسبب ما وصفته بـ«عجزها عن تغيير الواقع الصعب الذي يواجهه التونسيون في هذه المناطق المحرومة والمهمشة». في حين نظمت كثير من القوى السياسية من بينها حركة النهضة الإسلامية، القائدة للائتلاف الحاكم في تونس، والجبهة الشعبية (تجمع للقوى اليسارية والقومية)، مسيرات وأنشطة سياسية وفنية، كما شرع عدد من العاطلين عن العمل في تنظيم اعتصام للمطالبة بالتشغيل. وقد جرت كل هذه الاحتفالات في غياب كلي للشخصيات الرسمية التونسية، وذلك بسبب رفض أهالي المدينة حضور أي من المسؤولين السامين في الدولة إلى المدينة.
ومن أبرز مآخذ أهالي سيدي بوزيد على السلط الحكومية ما يعتبرونه عدم نجاحها في توفير مقومات تنمية حقيقية تساهم في التقليص من نسبة البطالة المرتفعة في المدينة، خاصة بين أصحاب الشهادات الجامعية العليا، وعدم تسجيل تحسن كبير في التجهيزات الأساسية والبنية التحتية بما يكفل ارتفاع نسق الاستثمار بالمدينة وبباقي المناطق الداخلية في تونس. كما تأتي هذه الاحتفالات وسط تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تونس والمصاعب أمام الفئات الهشة والضعيفة خاصة في المناطق الداخلية التي لا تتوفر فيها فرص كثيرة للعمل وفي ظل ارتفاع الأسعار لعدد من المواد الأساسية. من جهة أخرى وبمناسبة احتفال تونس بهذه الذكرى دعت سفارة الولايات المتحدة الأميركية في تونس رعاياها في بيان أصدرته أمس إلى «توخي الحيطة والحذر، تحسبا لأي اعتداءات يمكن أن تستهدفهم»، محذرة «كل من يريد السفر إلى ولاية سيدي بوزيد بتجنب التجمعات الكبرى». كما ذكرت السفارة رعاياها بضرورة «تجنب الحشود الكبيرة والمظاهرات حتى تلك السلمية منها والتي يمكن أن تتحول إلى مواجهات عنيفة وغير متوقعة وإلى توخي الحذر عند ارتياد الأماكن العامة التي يرتادها المغتربون». أما على المستوى السياسي فينتظر أن يستأنف الحوار الوطني الذي ترعاه أربع منظمات وطنية (نقابة العمال واتحاد الأعراف وهيئة المحامين ومنظمة الدفاع عن حقوق الإنسان) جلساته يوم الجمعة المقبل، بعد التوصل مساء السبت الماضي إلى اختيار مهدي جمعة وزير الصناعة الحالي في حكومة علي العريض لتقلد منصب رئيس للحكومة الجديدة. علما بأنه تم تعليق هذا الحوار منذ يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بسبب عدم التوافق على شخصية لتقلد هذا المنصب. وجرت منذ ذلك اليوم مشاورات جانبية ماراثونية أفضت إلى الاتفاق على تولي مهدي جمعة مهمة تشكيل حكومة جديدة من الكفاءات المستقلة.
وتشهد الساحة السياسية التونسية وحتى الشعبية منذ يوم السبت جدلا واسعا بعد اختيار مهدي جمعة لتشكيل الحكومة الجديدة، وخصوصا حول الطريقة التي تمت بها عملية الاختيار. علما بأن سبعة أحزاب من المعارضة لم تشارك في عملية التصويت التي جرت لاختيار رئيس الحكومة الجديد.
وتعتبر بعض الجهات، وخصوصا المعارضة أنه «لم يحصل توافق بشأن اختيار جمعة لتشكيل الحكومة الجديدة». وقد وصل الأمر إلى حد توجيه انتقادات حادة للرباعي الراعي للحوار، وخصوصا الاتحاد العام التونسي للشغل، من قبل جهات تعتبر تاريخيا وتقليديا صديقة لنقابة العمال، بسبب ما اعتبرته هذه الجهات «دورا سلبيا في الطريقة التي اعتمدت لاختيار رئيس الحكومة الجديد».
ومن أبرز ردود أفعال أحزاب المعارضة حول عملية اختيار جمعة لمنصب رئاسة الحكومة ذهاب أحمد نجيب الشابي، القيادي في الحزب الجمهوري (وسط اليسار) إلى حد الإعلان عن قرار حزبه «عدم العودة إلى الحوار الوطني» في حين اعتبر الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس (حزب ليبرالي) أن «الحوار قد انحرف عن أهدافه» وأن حزبه «سيتخذ موقفا نهائيا من كيفية التعامل مع المرشح الجديد لرئاسة الحكومة خلال اجتماع الحزب غدا الخميس». في حين قال قياديون في الجبهة الشعبية المعارضة (تجمع للقوى اليسارية والقومية العربية) إن الجبهة «ستتعامل مع رئيس الحكومة الجديد المرشح على قاعدة مدى احترامه لما نصت عليه خارطة الطريق التي يجرى على أساسها الحوار الوطني» ومدى «استقلاليته وحياده». حسب قول أحد القياديين في الجبهة. أما حركة النهضة فقد اعتبرت أن اختيار جمعة هو «ثمرة للتوافق الوطني، وانتصار للديمقراطية». وتعتبر كثير من الأوساط أن اختيار مهدي جمعة هو «انتصار سياسي كبير لحركة النهضة وهزيمة مدوية لكل فصائل المعارضة» التي كشفت مرة أخرى حسب نفس هذه الأوساط عن «انقسامها وضعفها». ومن المنتظر أن يشرع المهدي جمعة في إجراء أول مشاوراته واتصالاته بشكل رسمي بمجرد عودة الحوار الوطني المقررة الجمعة المقبل. وعلمت «الشرق الأوسط» أنه ينتظر أن يعلن علي العريض عن استقالته فعليا في غضون أسبوعين من استئناف الحوار وفقا لما تنص عليه خارطة الطريق التي تنص أيضا على وجوب الانتهاء من صياغة الدستور الجديد لتونس والمصادقة عليه بعد ثلاثة أسابيع من عودة الحوار، فضلا عن استكمال تكوين الهيئة المستقلة للانتخابات التي ستتولى اقتراح موعد للانتخابات المقبلة.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.