حسم رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام أمره واتخذ قراره بعدم عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل التوافق على القضايا الاجتماعية العالقة التي تحول الخلافات السياسية دون إقرارها، وأبرزها ملف الجامعة اللبنانية ورواتب القطاع العام لهذا الشهر، فيما لا يزال العام الدراسي المقبل في خطر إذا لم يحصل المعلمون على مطالبهم بإقرار «سلسلة الرتب والرواتب» رافضين تصحيح الامتحانات النهائية لهذا العام.
مع العلم أن العوائق في ملف الجامعة تتجسّد في الخلاف حول المحاصصة السياسية والتوزيع بين الطوائف والأحزاب، فيما المشكلة الأساسية في قضيتي الرواتب هي الخلاف على تأمين مصادر واردات «السلسلة»، أي رواتب المعلمين والقطاع العام، ورفض بعض القوى السياسية التشريع في غياب رئيس للجمهورية، وبالتالي عدم إقرار القوانين المطلوبة للسير بها.
وفيما يفترض أن يوزّع جدول الأعمال على الوزراء قبل أربعة أيام من موعد الجلسة الخميس المقبل، كما سبق لسلام أن أعلن، فإن هذا الأمر لن يحصل وفق ما أكّدته مصادره لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أنّ رئيس الحكومة مستاء ومنزعج كثيرا مما يحصل في جلسات مجلس الوزراء، وبات يشعر أن هناك أطرافا تريد التعطيل، وخير دليل على ذلك ما شهدته الجلسة الأخيرة الخميس الماضي وأدّت إلى عدم التوافق على إنهاء ملف الجامعة اللبنانية ولا سيّما تعيين عمداء لأسباب سياسية، ما أطاح كذلك بتثبيت الأساتذة المتعاقدين. ويرى سلام، بحسب المصادر، أن هذه التجاذبات التي وصلت إلى ذروتها الأسبوع الماضي من شأنها تعطيل آلية العمل الحكومي في الدولة اللبنانية في ظل الفراغ الرئاسي المستمر منذ نحو ثلاثة أشهر. وفيما نفت المصادر المعلومات التي أشارت إلى نيّة سلام الاستقالة، قالت إنه أبلغ كل الأفرقاء السياسيين استياءه وعدم رضاه عما يحصل وأنّه يشعر بأنّ هناك أطرافا تريد التعطيل، مشدّدا على أنّه لن يقبل بأن تكون قضايا المواطنين رهينة شدّ الحبال وأسيرة المصالح السياسية.
وكانت الحكومة اللبنانية قد أجمعت الشهر الماضي على «إدارة الفراغ الرئاسي بالتوافق» وهذا يعني أن «كل أمر لا يحوز التوافق يوضع جانبا»، وفقا لتعبير سلام الذي أكّد: «لن نذهب إلى مكان خلافي في تحمل مسؤولياتنا على مستوى السلطة الإجرائية».
وفيما لا يبدو لغاية الآن أي بوادر إيجابية بشأن ملف الجامعة رغم الجهود التي تبذل على هذا الخط، فإن الأمر نفسه ينسحب على زيادة الأجور وتأمين رواتب القطاع العام لهذا الشهر التي يرفض وزير المال علي حسن خليل دفعها إلا بناء على صيغة قانونية من مجلس النواب، أي عقد جلسة تشريعية فيما يرى فريق «14 آذار» أنّ الأمر يحل بقرار من الحكومة.
وفي هذا الإطار، أكّد النائب في «كتلة المستقبل» محمد الحجار أنّ هناك مبدأ أساسيا بالنسبة إلى فريقه السياسي، وهو أن تعقد جلسات الحكومة والبرلمان لإقرار الأمور الضرورية لتسيير شؤون البلاد. وفيما قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنّ «المستقبل» مؤيّد لطرح وزير التربية إلياس بوصعب بشأن ملف الجامعة اللبنانية، وإنهاء قضيتي العمداء وتثبيت الأساتذة معا، أكّد أنّه عندما يتم تأمين نفقات «سلسلة الرتب والرواتب» بشكل موثوق ودائم، عندها جاهزون للمشاركة في جلسة تشريعية لإقرارها، على اعتبار أنّها من القضايا الضرورية.
أما فيما يتعلّق بالخلاف الحاصل بشأن دفع رواتب القطاع العام لهذا الشهر، وإصرار وزير المال على عقد جلسة تشريعية لإقراره، أكد الحجار أنّ «الإصرار على طرح الموضوع بهذا الشكل يخفي أهدافا أخرى، أهمها جعل التشريع شاملا وكاملا في ظل الفراغ الرئاسي، وهو الأمر الذي نرفضه كما ترفضه معظم الكتل والمراجع الدينية المسيحية، على اعتبار أنّ التشريع لا يجوز في ظل شغور موقع الرئاسة». وأوضح أن دفع رواتب القطاع العام أمر ممكن من خلال المراسيم الصادرة عن الحكومة وقانون الموازنة الذي أقرّ في عام 2006 وهي تلبّي الحاجة لصرف الرواتب ونقل الاعتمادات اللازمة.
ودار أمس سجال بين وزير التربية إلياس بوصعب المحسوب على رئيس كتلة التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، ووزير العمل سجعان قزي المحسوب على حزب الكتائب، بعدما كان قد أعلن بوصعب أن «الكتائب» طالبت بتعيين عميدين محسوبين عليها للسير بالملف.
وقال قزّي إنّ حزب الكتائب يؤيّد ملف التفرغ وليس هو من عارضه ووقف بوجهه، مبينا أنّ «تعامل وزير التربية مع هذا الملف أدى إلى عدم إقراره وذلك برفضه المَسّ بأي اسم من الأسماء المرشّحة لمجلس العمَداء من التيار الوطني الحر والقريبين منه»، مضيفا: «نحن لا نريد شيئا إذا تم اعتماد معيار الكفاءة، أما إذا تم التوزيع على أساس سياسي فنحن نطالب بحقوقنا».
من جهته، أكّد بوصعب أنّه «لم يعطل جلسة مجلس الوزراء، وأنه مارس حقه كوزير مثل الوزراء الآخرين»، مشيرا إلى أنّ هناك فريقا أعطى وعدا بعدم التعطيل قبل 24 ساعة من الجلسة، وهو وزير «حزب الكتائب» وزير العمل سجعان قزي الذي أبلغني أنه سيكون إلى جانبي، ونُفاجأ بالداخل بالتعطيل غير المبرر في السياسة.
ولفت إلى أن «ما يعرقل تصحيح الامتحانات الرسمية هو عدم الاتفاق على مسألة سلسلة الرتب والرواتب»، مشيرا إلى أنّه «ليس هناك أي أسس واضحة حول الجلسة التشريعية».
وسبق لوزير التربية أن أعلن أنّ الجامعة اللبنانية الرسمية التي يتعلّم فيها نحو 70 ألف طالب هي بحاجة إلى 2800 أستاذ للتفرّغ، لكن لا يزيد عدد من يبحث في ملف تثبيتهم اليوم على 110 أساتذة، وكان قد بلغ عدد المتعاقدين معها في السنوات الأربع الأخيرة نحو 720 أستاذا.
لبنان: لا جلسة لمجلس الوزراء قبل التوافق على القضايا العالقة
مصادر لـ «الشرق الأوسط»: أطراف تريد العرقلة ولن يسمح بأن تكون شؤون الناس أسيرة المصالح
لبنان: لا جلسة لمجلس الوزراء قبل التوافق على القضايا العالقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة