ملك إسبانيا الجديد يزور المغرب غدا في ثالث زيارة خارجية له

تعميق العلاقات الاقتصادية والتعاون الأمني ومحاربة الإرهاب تتصدر مباحثاته مع العاهل المغربي

الملك فيليبي السادس  و   الملك محمد السادس
الملك فيليبي السادس و الملك محمد السادس
TT

ملك إسبانيا الجديد يزور المغرب غدا في ثالث زيارة خارجية له

الملك فيليبي السادس  و   الملك محمد السادس
الملك فيليبي السادس و الملك محمد السادس

يحل ملك إسبانيا فيليبي السادس، غدا (الاثنين)، بالمغرب في أول زيارة له لبلد خارج أوروبا، منذ توليه الحكم قبل أقل من ثلاثة أسابيع، وثالث زيارة رسمية له، كملك لبلد خارج إسبانيا، بعد أن زار الفاتيكان والبرتغال في الأيام الماضية، وسيجري مباحثات مع الملك محمد السادس.
ويجمع الخبراء على كون زيارة ملك إسبانيا تكرس الأبعاد الاستراتيجية الثابتة للعلاقات المغربية - الإسبانية، وتندرج في إطار الاستمرارية، إذ تتزامن زيارة الملك فيليبي مع مرور سنة على زيارة والده الملك خوان كارلوس، في 17 يوليو (تموز) 2013، على رأس وفد اقتصادي كبير للمغرب.
بيد أن تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين الجارين سيشكل أحد أبرز محاور جدول أعمال الزيارة الملكية الإسبانية للمغرب، خلال اليومين المقبلين، غير أن التداعيات الأمنية والاستراتيجية للحرب في سوريا والعراق والساحل الأفريقي والتعاون في مواجهة التهديدات الإرهابية، ستشكل أحد أبرز محاور الزيارة، خاصة بالنظر لتداخل نشاط الجماعات الإرهابية على طرفي الحدود بين البلدين، في مجال تجنيد وإرسال المقاتلين إلى بؤر التوتر، التي أصبحت تشكل أحد أكبر التحديات الأمنية للمغرب وإسبانيا، إضافة إلى مكافحة الجريمة العابرة للحدود والاتجار في المخدرات والبشر.
وبهذا الصدد، تتجه إسبانيا إلى تعزيز التعاون مع المغرب في مجال التأطير الديني للجاليات المسلمة بإسبانيا، خاصة الجالية المغربية التي تعد أكبر جالية أجنبية في البلاد بأزيد من 792 ألف شخص.
وتسعى إسبانيا في هذا المجال إلى الاستفادة من التجربة المغربية في مجال حماية الأمن الروحي للمواطنين والوقاية من التشدد والتطرف والإرهاب، ومن برامج تكوين الوعاظ والمرشدين والمرشدات وتأطير المساجد والخطاب الديني.
وتصبو إسبانيا من الناحية التجارية إلى أن تصبح الشريك الأول للمغرب، بعد إن كانت تحتل المرتبة الثانية خلف فرنسا. وتمكنت إسبانيا خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة من أن تزحزح فرنسا عن موقعها كأول مصدر للواردات المغربية، إذ رفعت حصتها من الواردات المغربية إلى 13.5 في المائة مقابل 12.9 في المائة بالنسبة لفرنسا. أما بالنسبة للصادرات المغربية، فرغم أن فرنسا ما زالت تحافظ على المرتبة الأولى بحصة 24 في المائة، مقابل 20 في المائة لإسبانيا، إلا أن إسبانيا تتجه لاحتلال المرتبة الأولى، إذ تعرف صادرات المغرب إلى إسبانيا نموا قويا بمعدل يتجاوز 16 في المائة، في حين تجتاز صادراته نحو فرنسا مرحلة ركود.
ويصدر المغرب منتجات متنوعة لإسبانيا، خاصة المنتجات الصناعية والزراعية ومنتجات الصيد البحري. ويوجه المغرب 50 في المائة، من صادراته من الألبسة الجاهزة إلى إسبانيا، و48 في المائة، من صادراته من فواكه البحر والقشريات والصدفيات والرخويات، و41 في المائة من صادراته من الأسلاك والكابلات الكهربائية. ويستورد 30 في المائة من الفيول والغازول من إسبانيا، بالإضافة إلى آليات ومعدات صناعية وسيارات.
وتعد إسبانيا من أكبر المستفيدين من تطوير صناعة السيارات في المغرب، حيث أصبحت ثالث مزود للمغرب بمكونات وأجزاء السيارات، بعد فرنسا ورومانيا اللتين تؤويان الوحدات الصناعية لشركة «رينو» التي تعد أكبر مستثمر في صناعة السيارات بالمغرب.
وتضم إسبانيا أربعة في المائة من مخزون الاستثمارات المغربية في الخارج، وتأتي في المرتبة العاشرة بعد فرنسا والدول الأفريقية. في حين تمثل الاستثمارات الإسبانية حصة 12 في المائة من إجمالي الاستثمارات الخارجية المباشرة في المغرب. وينظر مجتمع الأعمال الإسباني إلى المغرب وامتداداته الأفريقية كفرصة في مواجهة تداعيات الأزمة والركود الاقتصادي في أوروبا.
ويتصدر المهاجرون المغاربة في إسبانيا الجاليات الأجنبية من خارج الاتحاد الأوروبي بنحو 792 ألف شخص، ويعدون من أكثر الجاليات تأثرا بتداعيات الأزمة الاقتصادية وارتفاع البطالة في إسبانيا. كما يتصدرون الجاليات الأجنبية المنخرطة في صندوق الضمان الاجتماعي الإسباني بنحو 226 ألف منخرط. وتشكل إسبانيا ثالث مصدر لتحويلات المهاجرين المغربة بالخارج بنسبة 8.7 في المائة، خلف إيطاليا بحصة 9.7 في المائة، وفرنسا بحصة 37.1 في المائة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.