بوتين ينسج تحالفات في أميركا اللاتينية بعد تعقد علاقاته مع الغرب

عقد لقاءين مع فيدل كاسترو وأورتيغا ويحضر نهائي كأس العالم في البرازيل اليوم

بوتين أثناء اجتماعه مع فيدل كاسترو في هافانا الليلة قبل الماضية (أ.ب)
بوتين أثناء اجتماعه مع فيدل كاسترو في هافانا الليلة قبل الماضية (أ.ب)
TT

بوتين ينسج تحالفات في أميركا اللاتينية بعد تعقد علاقاته مع الغرب

بوتين أثناء اجتماعه مع فيدل كاسترو في هافانا الليلة قبل الماضية (أ.ب)
بوتين أثناء اجتماعه مع فيدل كاسترو في هافانا الليلة قبل الماضية (أ.ب)

يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جولته في أميركا اللاتينية، بهدف نسج تحالفات في هذه المنطقة، بعد تعقد علاقاته مع الغرب على خلفية الأزمة الأوكرانية. وشدد بوتين بعد اجتماع مطول عقده مع الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، مساء أول من أمس، على رغبة بلاده في إنشاء «تحالفات كاملة» مع أميركا اللاتينية.
وحط بوتين أمس في الأرجنتين، المحطة الثالثة في جولته بالمنطقة، حيث كان مفترضا أن يجتمع مع الرئيسة كريستينا كيرشنر للتوقيع على اتفاقيات ثنائية. وفي طريقه إلى هناك، توقف في نيكاراغوا لمدة ساعتين حيث اجتمع مع الرئيس دانيال أورتيغا وبحث معه التعاون الثنائي. ووصف بوتين نيكاراغوا بأنها «شريك مهم للغاية» بالنسبة لروسيا، بينما قال أورتيغا خلال لقائه مع الرئيس الروسي: «إنها زيارة تاريخية».
وكان بوتين بدأ جولته بزيارة هافانا وعقد لقاء وصفه بأنه «لقاء مطول وهام جدا» مع الزعيم التاريخي للثورة الكوبية فيدل كاسترو. وبعد اللقاء قال بوتين لصحافيين روس: «نعم، أجرينا لقاء مطولا ومهما جدا» موضحا أنهما بحثا في «مسائل دولية ومشكلات ثنائية». وذكر الموقع الكوبي الرسمي «كوباسي» من جهته أن «اللقاء تناول مواضيع دولية راهنة، وحالة الاقتصاد العالمي وتطوير العلاقات بين كوبا وروسيا». كما بحث الرجلان أثناء هذا الاجتماع الذي استغرق «زهاء الساعة»، في «سوق صرف العملات وتنمية الزراعة»، كما أضاف بوتين.
ومنذ تخليه عن الحكم لشقيقه راؤول عام 2006 لأسباب صحية، يكرس الزعيم الكوبي فيدل كاسترو الذي سيبلغ الـ88، في 13 أغسطس (آب) المقبل، أوقاته للكتابة، ونادرا ما يستقبل شخصيات أجنبية.
كما أصبحت إطلالاته العامة نادرة أكثر فأكثر. وقد سبق أن اجتمع الزعيمان في ديسمبر (كانون الأول) 2000 أثناء أول زيارة قام بها فلاديمير بوتين إلى كوبا.
وبعد ترسيخ تطبيع العلاقات بين موسكو وهافانا في ضوء شطب 90 في المائة من الديون الهائلة المترتبة على كوبا تجاه الاتحاد السوفياتي السابق، سيختتم الرئيس الروسي جولته بالبرازيل حيث سيشارك في قمة مجموعة البريكس (البرزايل، روسيا، الهند، الصين وجنوب أفريقيا) في 15 و16 يوليو (تموز) الحالي. وهي خطوة دبلوماسية طموحة وصعبة بالنسبة لرجل الكرملين القوي في قارة تُعدّ تقليديا منطقة نفوذ لواشنطن، التي تهدد موسكو بعقوبات جديدة لدعمها الانفصاليين الأوكرانيين.
وقبل مغادرته، أكد بوتين في حديث لوكالة الأنباء الكوبية «برنسا لاتينا» على رغبة روسيا في «إنشاء تحالفات كاملة» مع أميركا اللاتينية، وندد بـ«مكر» سياسة الولايات المتحدة للمراقبة الإلكترونية، وهو موضوع حساس في أميركا اللاتينية. وأكد بوتين أيضا أن موسكو تدرس مع كوبا «مشاريع كبرى في ميادين الصناعة والتكنولوجيا العالية والطاقة والطيران المدني والطب والصيدلة الحيوية».
ومن المقرر أن يصل بوتين اليوم الأحد إلى البرازيل لحضور نهائيات كأس العالم لكرة القدم بين ألمانيا والأرجنتين، مع احتمال لقاء مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للبحث في الأزمة الأوكرانية.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.