البهرجة تفسد بساطة «القرقيعان»

أهالي «الشرقية» يحتفلون بالمناسبة.. ووجهاء يحذرون من الإسراف فيها

أطفال يحتفلون بالقرقيعان في الأحساء («الشرق الأوسط»)
أطفال يحتفلون بالقرقيعان في الأحساء («الشرق الأوسط»)
TT

البهرجة تفسد بساطة «القرقيعان»

أطفال يحتفلون بالقرقيعان في الأحساء («الشرق الأوسط»)
أطفال يحتفلون بالقرقيعان في الأحساء («الشرق الأوسط»)

احتفل أهالي المنطقة الشرقية من السعودية وغالبية دول الخليج العربي، أمس، بمناسبة «القرقيعان»، وهي عادة سنوية تتوارثها الأجيال، وتعد من العادات الحميدة في شهر رمضان المبارك لكونها تعزز جوانب مهمة في الترابط بين الأسرة وأبناء الأحياء، وخصوصا في القرى قبل أن تتطور بشكل أكبر في المدن وتكون من أهم علامات انقضاء النصف الأول لأفضل شهور السنة.
ومع أن هذه المناسبة بها الكثير من الإيجابيات إلا أنها لا تخلو من السلبيات، وفي مقدمتها الإسراف والتكلف في هذه المناسبة؛ مما يثقل كاهل رب الأسرة، وخصوصا من ذوي الدخل المحدود؛ حيث إن رب الأسرة يقوم بقضاء متطلبات شهر رمضان ويكون حينها ملتزما بقضاء حاجات عيد الفطر، ولكن وجود هذه المناسبة قد يؤثر على تنظيم أوضاعه المالية، بحسب مهتمين بهذا الجانب.
ويقول د. جاسم الياقوت، وهو من أبرز الشخصيات الإعلامية والاجتماعية بالمنطقة الشرقية كونه ترأس إدارة الإعلام الخارجي بالمنطقة، إن «هذه المناسبة تعد من أهم المناسبات التي يجري إحياؤها منتصف شهر رمضان ويتوارثها الآباء عن الأجداد، وهذه المناسبة تعزز جوانب إيجابية كبيرة في هذا الشهر الفضيل؛ حيث تعزز الترابط بين الأسرة وأبناء القرية أو حتى المدينة الواحدة على أساس أن هذه العادة السنوية لا يقتصر إحياؤها على المنطقة الشرقية من السعودية، وخصوصا في الدمام والخبر والقطيف والجبيل، إضافة إلى الأحساء، بل إن هذه المناسبة يجري إحياؤها في غالبية دول الخليج العربي إن لم يكن جميعها، وهذا ما يجعل لهذه المناسبة أهمية خاصة جدا».
ويضيف الياقوت لـ«الشرق الأوسط»: «رغم كل الجمال الذي تحويه هذه المناسبة بما في ذلك الأذكار الإيمانية والأدعية التي تلهج بها ألسن وحناجر من يشارك في هذه المناسبة، فإن من أبرز السلبيات التي ظهرت في هذه المناسبة في السنوات الأخيرة هي (البهرجة)، وتسابق بعض الأسر على شراء أنواع فاخرة جدا من الحلويات والمواد الغذائية والألعاب والهدايا لتوزيعها على الأطفال؛ مما يثقل كاهل أرباب هذه الأسر، وخصوصا ذات الدخل المحدود، ولكن المؤسف أن هناك من يقود البهرجة أو التنافس على شراء الأغلى والأجود من الأسر المقتدرة ماليا؛ مما يزرع نوعا من الحسرة على الأسر غير المقتدرة والملتزمة بميزانيات معينة عادة ما تكون رمزية للمشاركة في إحياء هذه المناسبة».
وبيّن الياقوت أن «جمال إحياء هذه المناسبة يكمن في بساطتها، وليس بالتفاخر بين العائلات على أنها تقدم الهدية الأغلى لمن يزورها من الأطفال في هذه المناسبة، وكانت هذه المناسبة أو العادة لها رونق خاص جدا في قديم الزمان، وخصوصا في الحواري القديمة؛ حيث البساطة تتجلى بأروع صورها من خلال مشي الأطفال لمسافات طويلة على أقدامهم، ولكن في السنوات الأخيرة وصل الحال لدى بعض الأسر إلى نقل أبنائهم بالحافلات إلى منازل أبناء الحي والقرية من أجل ممارسة هذه العادة».
ولا يقتصر إحياء هذه العادة في الأحياء الشعبية والمدن، بل إن هناك أندية وجمعيات خيرية تقوم بإحيائها من خلال توزيع الهدايا على المستفيدين من هذه الأندية، وتكون هناك احتفالات على مستوى كبير، كما يؤكد الياقوت أن نادي القادسية بمدينة الخبر من الأندية التي تحيي هذه المناسبة منذ أكثر من 35 عاما.
من جانبه، يقول خالد الصويغ، وهو رجل أعمال بمحافظة الأحساء، إن «إحياء هذه العادة اختلف مع التطورات التي شهدتها الحياة والتمدن؛ حيث باتت هذه العادة مصدرا للتسابق على إهدار المال من خلال السباق بين العائلات على شراء أجود الأطعمة، وخصوصا الشيكولاته من أشهر الماركات من أجل التفاخر، وهذا من الأمور التي نهى الله عنها، فحلاوة هذه المناسبة في بساطتها، خصوصا أن الأوضاع المادية للأسر تختلف؛ فهناك ميسورو الحال، وهناك أصحاب الدخل المتوسط، وهناك ضعفاء يودون من جانبهم المشاركة في إحياء هذه العادة الجميلة، ولكن هذا التفاخر يقضي على الكثير من رونق هذه العادة التي يتوارثها الأبناء عن آبائهم وأجدادهم وهي من العادات الخيرة جدا في المجتمع، ولكن التغيرات التي طرأت عليها جعلتها تتخذ منحى آخر».
واستعاد الصويغ بعض ذكرياته من هذه المناسبة؛ حيث قال إن من أبرز ذكرياته هو خروج الأطفال مشيا على الأقدام في الشوارع وينشدون بالأذكار، ويقوم أبناء الحارة أو القرية بشكل عام بتوزيع الحلوى والمكسرات بأنواعها، والهدايا، أو حتى الأموال النقدية على الأطفال والذين يحملون في العادة أكياسا وحقائب لجمع ما يتحصلون عليه، ثم يفرزونه بعد العودة إلى منازلهم، وكانت البراءة لدى الأطفال من أهم مميزات هذه المناسبة، كما أن المسحراتي أو ما يعرف بـ«بوطبيله» ينال نصيبا وافرا من الأموال والمكسرات والهدايا، وحتى اللحوم بأنواعها في هذه المناسبة، وخصوصا أن المسحراتي أو بوطبيله عادة ما يكون من الأسر الفقيرة، وتكون هذه المناسبة فرصة للتصدق عليه ومنحه ما تجود به أيدي المحتفلين بهذه المناسبة.
والقرقيعان موروث ينتشر بشكل واسع في المنطقة الشرقية من السعودية، إضافة إلى غالبية دول الخليج العربي؛ حيث إن الأبناء يتوارثون هذه العادة عن آبائهم وأمهاتهم ليرسموا منتصف هذا الشهر لوحات جميلة تغطي أماكن واسعة من مناطقهم وأحيائهم.
وتختلف الآراء حول أسباب هذه التسمية للقرقيعان، فهناك من يقول إن الاسم مأخوذ من اللغة العربية «قرع الباب»، وهي الطريقة التي يقوم بها الأطفال للحصول على هديتهم سواء كانت من المواد الغذائية أو الألعاب أو حتى الأموال النقدية ممن يشاركونهم هذه الفرحة من أبناء الجيران أو الحي أو حتى المنطقة.
ولا يهم الكثيرون، وخصوصا الأطفال، مدلول هذه التسمية بقدر ما يهمهم، وهو الفرحة وحصد ما تجود به أنفس الأقارب والجيران عليهم؛ حيث يعدون المناسبة تضاهي من حيث السعادة المناسبات الكبيرة كالأعياد واحتفالات الزفاف، وهذا ما يجعل هناك حالة من الاستنفار لدى العوائل على حد سواء قبل أيام من هذه المناسبة من خلال شراء الملابس الجديدة والمكسرات وألعاب الأطفال والمواد الغذائية، وكذلك توفير مبالغ نقدية توضع عليها في بعض الأحيان صور لأطفال هذه العائلة أو تلك لتعزيز السعادة على محيا وقلوب أبنائهم.
ومع أن هذه العادة تمثل ذكريات جميلة حينما كانت القرى وحدها هي من تحتضن هذه الفعالية، إلا أن التمدن لم يقتل الكثير من جمال هذه العادة، خصوصا أن القاطنين في المدن يحرصون من جانبهم على الاحتفال بهذه المناسبة في القرى والأحياء القديمة.
ويلقي الأطفال في هذه المناسبة أهزوجة لها نسق وطريقة إخراج معينة أمام منزل المشاركين في الاحتفال بهذه المناسبة تجعل من السامع لها يشعر بارتياح كبير كونها تخرج من حناجر أطفال بريئة، وعادة ما تتخلل الأنشودة ذكر اسم الطفل الأصغر للمنزل الذي يجري فيه القرقيعان من خلال الدعاء للعائلة بأن يوفق أبناءها، ويجعلهم بارين بوالديهم، ويكسبون الرزق الوفير في الكبر.
من جانبها، تقول د. نهاد الجشي عضو مجلس الشورى السعودي وإحدى أبرز المهتمات بالجانب التراثي في المنطقة الشرقية لـ«الشرق الأوسط»: «تعد هذه المناسبة من أبرز المناسبات الشعبية المتوارثة التي تمثل رمزا هاما وموروثا رائعا، خصوصا لدى الأطفال كونهم أكثر السعداء بهذه المناسبة كونهم يجوبون الشوارع والأزقة ويرددون الأناشيد الخاصة بهذه المناسبة ويلقون تكريما من الأهالي والجيران وأهالي البلدة التي يجوبونها، كما أنهم يرتدون ملابس خاصة وجديدة لهذه المناسبة؛ مما يجعل لها رونقا خاصا يحس فيه الأطفال أكثر من الكبار على أساس أنهم من يحتفلون بهذه المناسبة، مع أنها ليست مخصصة لفئة عمرية محددة، ولكن حلاوتها ترسم السعادة على محيا الأطفال».
وعدت د. نهاد أن «أصل هذه الاحتفالية مختلف فيه من مجتمع إلى مجتمع آخر، ولكن الأهم أنها في قائمة الأشياء الجميلة المتوارثة في المجتمع الخليجي والعربي المسلم»، مشيرة إلى أن «هذه المناسبة تدخل البهجة على نفوس الأطفال وهذا يكفي لكي يجري دعمها»، وبينت أنها حينما كانت صغيرة كانت تترقب هذه المناسبة من أجل الخروج والاحتفال مع بقية الأطفال من الأقارب والجيران وهناك ذكريات لا يمكن أن تغادر ذاكرتها من هذه المناسبة، وشددت على أن هذه العادة تحافظ كذلك على تعزيز العلاقات الاجتماعية، وخصوصا في المجتمعات الريفية بينما تتراجع نسبيا في المدن كون الجار أحيانا لا يعرف جاره، ولكنها عدت في الوقت نفسه فرصة لفتح أبواب التعارف والتعاون بين الجيران وتحديدا في المدن.



«البرنامج السعودي» يقدم دعماً شاملاً لقطاع التعليم باليمن

دعم «البرنامج السعودي» إنشاء وتجهيز أكثر من 30 مدرسة نموذجية موزعة على المحافظات اليمنية (واس)
دعم «البرنامج السعودي» إنشاء وتجهيز أكثر من 30 مدرسة نموذجية موزعة على المحافظات اليمنية (واس)
TT

«البرنامج السعودي» يقدم دعماً شاملاً لقطاع التعليم باليمن

دعم «البرنامج السعودي» إنشاء وتجهيز أكثر من 30 مدرسة نموذجية موزعة على المحافظات اليمنية (واس)
دعم «البرنامج السعودي» إنشاء وتجهيز أكثر من 30 مدرسة نموذجية موزعة على المحافظات اليمنية (واس)

قدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» دعماً شاملاً لقطاع التعليم بجميع مستوياته؛ سواء التعليم العام والعالي، إلى جانب التدريب الفني والمهني، وذلك عبر عشرات المشروعات والمبادرات التنموية المنتشرة في المحافظات اليمنية.

وعلى صعيد التعليم العام، دعم «البرنامج» مشروعات ومبادرات شملت إنشاء وتجهيز أكثر من 30 مدرسة نموذجية موزعة على المحافظات اليمنية، تحتوي مرافق تعليمية متطورة بفصول دراسية ومعامل حديثة، مثل معامل الكيمياء والكومبيوتر.

وجهّز «البرنامجُ» المدارسَ بأحدث المواصفات التي «تمنح الطلاب والطالبات بيئة تعليمية محفّزة تعزز المعرفة وتصقل المهارات وتفعّل الابتكار والإبداع؛ للإسهام في إعداد جيل قادر على المشاركة بفاعلية في خدمة مجتمعه ووطنه».

أسهم «البرنامج» في توفير فرص التعليم لعشرات آلاف الطلاب والطالبات بمختلف أنحاء اليمن (واس)

كما اهتم «البرنامج» بـ«تعزيز الوصول الآمن للتعليم عبر مشروعات النقل المدرسي والجامعي في محافظات يمنية عدة، ويراعي أهمية توفير منظومة النقل الآمن للطلبة بمختلف فئاتهم العمرية، مع دعم الوصول لذوي الإعاقة، عبر تخصيص حافلات تنقل الطلبة من منازلهم إلى مقارهم التعليمية، لتعيدهم مع نهاية اليوم الدراسي، بما يضمن استمرار تحصيلهم الدراسي».

وتسهم المشروعات والمبادرات في توفير فرص التعليم والتعلم لعشرات الآلاف من الطلاب والطالبات في مختلف أنحاء اليمن، وأوجدت «فرصاً وظيفية في قطاع التعليم بشكل مباشر وغير مباشر، كما وفّرت بيئة تعليمية نموذجية شاملة عبر مشروعات نوعية متعددة ومهيأة لاستيعاب مختلف فئات المجتمع».

وتشمل مشروعات ومبادرات «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» في قطاع التعليم إنشاءَ المدارس النموذجية، وتطوير الجامعات، وبناء الكليات والمعاهد، وتعزيز المرافق التعليمية، وتجهيز المختبرات، إلى جانب مشروعات النقل المدرسي، وذلك ضمن 264 مشروعاً ومبادرة تنموية قدمها «البرنامج» في 8 قطاعات أساسية وحيوية؛ هي: التعليم، والصحة، والمياه، والطاقة، والنقل، والزراعة والثروة السمكية، وتنمية ودعم قدرات الحكومة اليمنية، والبرامج التنموية، وذلك بمختلف المحافظات اليمنية.