الروس يأملون بتسليم الـ«أندوف» زمام الأمور في الجولان السورية

الشرطة الروسية أنشأت 4 نقاط مراقبة وتحضّر لإنشاء 4 أخرى

عنصران من الشرطة العسكرية الروسية أمام نقطة مراقبة لقوات حفظ السلام الدولية في الجولان (أ.ف.ب)
عنصران من الشرطة العسكرية الروسية أمام نقطة مراقبة لقوات حفظ السلام الدولية في الجولان (أ.ف.ب)
TT

الروس يأملون بتسليم الـ«أندوف» زمام الأمور في الجولان السورية

عنصران من الشرطة العسكرية الروسية أمام نقطة مراقبة لقوات حفظ السلام الدولية في الجولان (أ.ف.ب)
عنصران من الشرطة العسكرية الروسية أمام نقطة مراقبة لقوات حفظ السلام الدولية في الجولان (أ.ف.ب)

قرب نقطة مراقبة مهجورة تابعة للأمم المتحدة بجدرانها الإسمنتية المثقوبة بشظايا الرصاص، يتجول عناصر من الشرطة العسكرية الروسية والسورية في المنطقة العازلة من هضبة الجولان التي تحتل إسرائيل قسماً منها.
في هذه المنطقة المرتفعة، يقف عنصران من الشرطة العسكرية الروسية قرب لافتة بيضاء كتب عليها بالأسود: «نقطة الطوارئ الدولية - ممنوع الدخول»، وفي مكان قريب يطل جندي سوري وآخر روسي من فوق تلة على قرى محيطة في هضبة الجولان.
على هامش زيارة نظمتها وزارة الدفاع الروسية للصحافيين، يقول رئيس «المركز الروسي لمراقبة الهدنة» سيرغي كورالنكو، إن «الاستقرار» عاد إلى المنطقة العازلة في هضبة الجولان. ورغم «مشكلات قليلة مع تنظيم (داعش) في أقصى الجنوب»، فإن كورالنكو يؤكد أن المنطقة العازلة «باتت بأكملها تحت سيطرة الشرطة العسكرية السورية»، مضيفاً: «كل شيء بات جاهزاً من أجل عودة قوات الأمم المتحدة» التي انسحبت من المنطقة في عام 2014.
ومنذ يونيو (حزيران) الماضي، استعاد الجيش السوري بدعم روسي محافظتي درعا والقنيطرة بموجب عملية عسكرية ثم اتفاقات مصالحة مع الفصائل المعارضة. وتمكن أيضاً من طرد تنظيم داعش الذي كان يسيطر على منطقة حوض اليرموك بين المحافظتين.
وإثر ذلك، أنشأت الشرطة العسكرية الروسية 4 نقاط مراقبة في الجهة السورية من الخط الفاصل، وتحضّر لإنشاء 4 أخرى، وفق كورالنكو، الذي أكد استعداد قوات بلاده «تسليمها إلى الأمم المتحدة إن قالت إنها مستعدة لمراقبة الجولان وحدها».
وكانت فصائل معارضة و«هيئة تحرير الشام»، («جبهة النصرة» سابقاً)، سيطرت قبل سنوات على الجزء الأكبر من محافظة القنيطرة بما فيه القسم الأكبر من المنطقة العازلة.
وتم إنشاء هذه المنطقة منزوعة السلاح بموجب اتفاقية تم التوصل إليها في عام 1974 وانتشرت بموجبها قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (أندوف) في مرتفعات الجولان التي احتلت إسرائيل الجزء الأكبر منها في عام 1967 قبل أن تعلن ضمها إليها في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
وبعد دخول الفصائل المعارضة و«جبهة النصرة» سابقاً إلى المنطقة العازلة، احتجزوا أكثر من 40 جندياً من فيجي في صيف عام 2014، وانسحبت قوات «أندوف» من المنطقة. وقد عاودت نشاطها في فبراير (شباط) الماضي عبر تسيير دوريات في الجزء الذي كان يسيطر عليه الجيش السوري.
وفي بداية الشهر الحالي، وبعد استعادة قوات النظام المنطقة كافة، قامت بأول دورية لها عند معبر القنيطرة، الذي كان تحت سيطرة الفصائل ويُعد أبرز معابر هضبة الجولان مع الجزء المحتل. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة حينها إن تسيير هذه الدورية يأتي في إطار الجهود من أجل عودة القوات الأممية «بشكل متزايد» إلى المنطقة.
وجدد مجلس الأمن الدولي في يونيو الماضي مهمة «أندوف» 6 أشهر إضافية حتى ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ويحظر وجود أي قوات عسكرية في المنطقة العازلة باستثناء قوات «أندوف».
وتعمل القوات الروسية حالياً على نزع الألغام من حول نقاط مراقبة الأمم المتحدة لضمان أمن الدوريات مستقبلاً، وفق كورالنكو الذي قال: «مهمتنا هنا هي ضمان الأمن حتى يتم رفع علم الأمم المتحدة فوق مراكزها ولتتمكن (أندوف) من العمل في المنطقة دون قيود».
ولم يتسن الاتصال بمتحدث باسم الأمم المتحدة للتعليق على الأمر. إلا إن وزير الدفاع السوري علي عبد الله أيوب التقى الثلاثاء وفداً أممياً يضم قائد الـ«أندوف» الجنرال فرنسيس فيب سانزيري، وجرى بحث آلية إعادة انتشار تلك القوات، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وعلى هامش جولة الصحافيين في الجولان، حضرتها وكالة الصحافة الفرنسية, قال العميد محمد أحمد من الشرطة العسكرية السورية: «نرحب بالأمم المتحدة إذا أرادت التنسيق مع الروس ومعنا». وفي قرية الحميدية القريبة، تحولت مبان كاملة إلى أنقاض جراء القصف الذي أصاب قبة مسجدها. وأمام جسر مدمر، يراقب شرطيان سوريان قافلة عسكرية تمرّ أمامهما يرفرف فوقها العلم الروسي. وتقوم الشرطة السورية أحيانا بدوريات في المنطقة بمساعدة القوات الروسية، كما قال المتحدث العسكري الروسي إيغور كوناشينكوف للصحافيين.
ولطالما شكل الجنوب السوري، خصوصاً محافظة القنيطرة، منطقة حساسة لقربها من إسرائيل التي كررت مراراً مطالبتها بانسحاب إيران و«حزب الله» الداعمين لدمشق من سوريا. ولطالما استهدفت إسرائيل خلال سنوات النزاع مواقع تابعة لإيران و«حزب الله» والجيش السوري، بعضها في محافظة القنيطرة.
ورداً على سؤال حول وجود الإيرانيين في الجولان، شدّد كوناشينكوف على أنه «ليس لدى الجيش الروسي ما يقوله عن وجود الإيرانيين أو عدمه». ورفض عناصر من الشرطة السورية أيضاً الرد على السؤال حول الوجود الإيراني.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.