هل من الممكن رواية قصة الذهب؟ ذلك المعدن اللامع الذي تسبب في رفعة إمبراطوريات وسقوط غيرها، ارتبط بالفن وبالعقيدة وبكل مناحي الحياة، ما أكثر الأساطير التي تناولت سطوة الذهب وتأثيره على حياة الناس، مثال، قصة الملك الإغريقي ميداس الذي كان يحوِّل كل ما يقع تحت يديه إلى ذهب. غلفت قصة الذهب بالتحذيرات من أنه ذو حدين، فميداس، كما تقول الأسطورة، مات جوعاً، لأن يده كانت تحول الطعام لذهب.
عموماً أسطورة ميداس ومغزاها الأخلاقي تظل شهيرة في الموروث العالمي، ولكن معدن الذهب ما زال يسحر الأبصار، ليس فقط بلمعانه بل بفضل استخدامه لتكوين ونحت وتلوين قطع فنية وقطع أثاث وكتب وغيرها كثير، فهو ما زال يعني الثراء والفخامة، ويضيف الفنّ له صفة جديدة تحوله إلى معدن ينطق بالإبداع.
دار «سوذبيز» قررت إقامة مزاد خاص بالذهب، تعرض فيه مختلف القطع الفنية والجمالية التي تلمع بلون الذهب، ولم تجد أفضل من الاسم الإغريقي «ميداس» عنواناً لمزادها الذي يقام في لندن في 17 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
المزاد يقدم مجموعة متنوعة من القطع الفنية تتراوح ما بين المنحوتات والسيوف والجواهر والمفروشات، بل وحتى ضمَّت سيارة مطلية بلون الذهب وملاءات سرير مغزولة بخيوط الذهب.
في حديث مع الخبير المسؤول عن المزاد كونستانتين فرانغوز يشير إلى أنه المزاد الأول من نوعه وعبره تضيف «سوذبيز» فئة جديدة من المزادات المتخصصة لقائمة مزاداتها. ويستعرض معنا بعض القطع التي يشملها المزاد، ولكنه يقول بأسف: «لم نستطع إحضار كل القطع من المخازن في الوقت المناسب»، ويعني بذلك القطع الضخمة مثل السيارة أو ملاءات السرير وغيرها من المفروشات.
من النقاط التي يركز عليها الخبير أن المزاد لا يمكن حصره داخل تصنيف واحد؛ فهو يجمع ما بين الحرفيين والرسامين، وبين الفن المعاصر والقطع الإغريقية، وفي إطار هذا المفهوم نفهم وجود عقد من الذهب على هيئة أوراق شجر مترابطة وقد رصعت كل منها بحجر ماس، وهو عقد من صنع الفنان السيريالي سلفادور دالي أو ميدالية ذهبية مستديرة تحمل خطوط الفنان بابلو بيكاسو، وإلى جانبهما يتمدد سيف أثري بمقبض وغمد من الذهب الخاص.
في الدار تعرض قطع قليلة، ولكنها تفتح شهيتنا لرؤية بقية القطع، يشير فرانغوز لرأس تمثال مصنوع من الذهب الخالص يمثل العارضة البريطانية كيت موس ويقول: «الفنان مارك كوين أبدع في نحت التفاصيل الدقيقة لخصلات الشعر والحواجب، كما أن المعدن المصقول يبرز صفحة وجه العارضة بشكل ساحر». التمثال واحد من مجموعة منحوتات نفذها كوين، مجسِّداً فيها ملامح العارضة الشهيرة، ويأتي من ممتلكات أحد المقتنين.
أما عن السعر فهو مرتفع جدّاً أخذا بالاعتبار أنه مصنوع بأكمله من الذهب (يزن 8000 غرام من الذهب عيار 18)، كما أنه من عمل فنان شهير ويمثل شخصية شهيرة، وفي كل الأحوال فإن الرقم المتوقع للتمثال (300 ألف - 400 ألف جنيه إسترليني) قد يتضاعف خلال المزايدة.
- فانتازيا مصرية بريشة فنان روسي
إلى جانب التمثال صحيفة ملونة تبدو مثل إحدى المنمنات العتيقة، أو عمل لأحد الخطاطين المسلمين الماهرين، ولكن بالاقتراب يتبدى لنا أن الزخرفات الإسلامية المتعانقة والألوان الجميلة المجملة بورق الذهب كلها تدور حول قصة خيالية، هناك وجه لرجل غاضب يسيطر على الصفحة، وحوله رسوم متداخلة نتبيَّن منها تنيناً ضخماً ونمراً هائجاً وفتاة تصارع وحشاً ما.
يشير فرانغوز إلى أن الفنان صاحب اللوحة هو الروسي بول ماك الذي عمل في البلاط الملكي لدى شاه إيران في النصف الأول من القرن العشرين، وتعلَّم هناك تقنيات وأساليب الفن الإسلامي. لوحتنا هنا تحمل اسم «فانتازيا مصرية» وتُقدَّر بمبلغ يتراوح ما بين 8 آلاف إلى 12 ألف جنيه إسترليني.
- عرش نابليون
ومن أهم القطع في المزاد مقعد فاخر التنفيذ والتفاصيل مبطن بالحرير، وتستند ذراعاه على حيوانين مجنَّحَين باللون الذهبي، المقعد واحد من طقم أمر بصنعة نابليون بونابرت بمناسبة تتويجه إمبراطوراً لفرنسا في عام 1804، ومن الطريف أن المقاعد لم ينتهِ صنعها ولم تصل إلى قصر نابليون إلا قبل موعد التتويج بيوم واحد فقط.
المقعد ضمن طاقم مكون من ستة مقاعد و36 مقعداً منخفضاً، إضافة إلى كرسي العرش، وحسبما يذكر تقرير على موقع الدار فإن المقاعد وضعت في حجرة العرش بقصر التّويليري، ولم تُستخدَم باستثناء مقعدين خُصِّصا للإمبراطور نابليون وزوجته جوزفين أو والدته، ويمكن رؤية المقاعد من خلال لوحة للفنان نيكولا غروس رسمها في عام 1808، وحسبما تذكر «سوذبيز» فالمقعد الذي تعرضه للبيع هو الوحيد المتبقي من تلك المجموعة، وتقدر له الدار مبلغاً يتراوح ما بين 200 ألف إلى 300 ألف جنيه إسترليني.
مقعد نابليون ومنحوتة رأس كيت موس في مزاد مخصص للذهب
تقيمه دار «سوذبيز» في لندن تحت عنوان «لمسة ميداس»
مقعد نابليون ومنحوتة رأس كيت موس في مزاد مخصص للذهب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة