مطاعم ناندوز: 750 مليون جنيه إسترليني بالملاذ الضريبي بجزر القنال

بشركات العائلة المالكة لسلسلة المطاعم

مطاعم ناندوز: 750 مليون جنيه إسترليني بالملاذ الضريبي بجزر القنال
TT

مطاعم ناندوز: 750 مليون جنيه إسترليني بالملاذ الضريبي بجزر القنال

مطاعم ناندوز: 750 مليون جنيه إسترليني بالملاذ الضريبي بجزر القنال

تستخدم سلسلة المطاعم المملوكة لرجل الأعمال الجنوب أفريقي ديك إنثوفين - مجموعة من الأساليب الخارجية، منها شركات في مالطا وغيرنسي وهولندا، من أجل تخفيض الضرائب التي تسددها شركاتها في بريطانيا إلى الثلث بطريقة قانونية.
يعني استخدام صندوق مالي لعائلة إنثوفين أنها سوف تتجنب ضريبة الإرث البريطانية على ثروتها. ولكن تشير مجموعة المطاعم إلى أنها سددت 12.6 مليون جنيه إسترليني ضريبة شركات في بريطانيا العام الماضي. وكانت شعبية مطاعم ناندوز قد شهدت صعودا إذ أصبحت وجهة يقصدها الجمهور على نطاق واسع في بريطانيا، من بينهم مشاهير مثل ديفيد بيكام وجاي زد بالإضافة إلى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، أثناء الحملة الانتخابية التي سبقت الانتخابات الأوروبية، وذلك في الوقت الذي يتصاعد فيه الجدل عن تجنب سداد الضرائب في الأسبوع الحالي مع المطالبات الموجهة إلى وزيرة الخزانة أندريا ليدسوم، بتقديم توضيح أمام مجلس الوزراء بشأن التبرعات السياسية التي بلغت قيمتها 816,000 جنيه إسترليني التي قدمها صهرها المصرفي في غيرنسي، إلى حزب المحافظين، بينما تدعي أندريا أنها لم تكن تعلم بحجم التبرعات.
وذكرت مجلة «التايم} في الأسبوع الحالي أن من بين المستفيدين المحتملين من برنامج تجنب سداد الضريبة الصارم الذي يحمل اسم ليبرتي، سير مايكل كاين والموسيقيين أركتيك مونكيز وكاتي ميلوا. كما ذكرت «فاينانشيال تايمز} خلال هذا الأسبوع أيضا، أن السيدة كلارا فورز من لجنة السياسات المالية ببنك إنجلترا ولورد هوليك، من بين المستثمرين في «إنجينيوس ميديا» وهو برنامج آخر مثير للجدل. إلى ذلك نُشرت وثائق تمكنت «الغارديان} من الاطلاع عليها، تكشف عن عملاء سابقين وحاليين في الخارج لمصارف كلينورت بينسون التي تدير الصناديق المالية، في الولايات المتحدة أيضا، عن طريق مؤسسة «آي سي آي جيه» الإخبارية التي لا تستهدف الربح وتكشف عن أنشطة خارجية قانونية متنوعة تطالب رجال الأعمال بتفسيرها. ومن بين المذكورين بارتباطهم بصلات خارجية، عائلة روذرمير المالكة لـ{ديلي ميل}؛ والسير كين موريسون الشهير في مجال الأسواق التجارية الكبرى وعائلة لورا آشلي والسير ستيليوس حاجي أيوانو، مؤسس إيزي جيت والمخترع السير جيمس دايسون ورجل الأعمال الماليزي خو كاي بينغ ومدير شركة البرمجة مارتين ريد ومدير التلفزيون بروس غاينجيل.
يبدو العالم الخارجي لناندوز أكثر دقة بوجه خاص. فجميع الأموال الشخصية المملوكة للعائلة ومنزلها في ويلتشاير الذي تبلغ قيمته ثمانية ملايين جنيه إسترليني، وجميع المؤسسات التابعة لشركاتهم تملك عناوين خارجية. إذا اشتريت قطعة من الدجاج بمبلغ 7.30 جنيه إسترليني في ناندوز، سوف يسير المال عبر شبكة من الأجهزة المحاسبية من بينها مالطا وجزيرة مان وغيرنسي وهولندا وآيرلندا ولوكسمبورغ وبنما وجزر فيرجين البريطانية. وينتهي الحال بالأرباح في صندوق إنثوفين الذي يحمل اسم تارو الثالث. أمّا مقره فيقع في جيرسي، ويديره بنك كلينورت بينسون.
لا يخضع هذا الصندوق إلى الضرائب البريطانية، ويوجد به ما لا يقل عن 750 مليون جنيه إسترليني وربما أكثر. وإنثوفين هو رجل أعمال جنوب أفريقي جمع والده الهولندي روبرت ثروة من خلال العمل في مجال التأمين. ويرجع إلى أموال ديك الفضل في صعود ناندوز على المستوى العالمي.
وعلى الرغم من أن جميع الكيانات التي يملكها إنثوفين قانونية، فإنها معقدة وغير نزيهة. إنها تقلل كثيرا من حجم الضرائب التي تسددها الشركة والعائلة حول العالم، مقارنة بالعمليات البريطانية في الداخل.
وكما هو الحال غالبا في العالم الخارجي، يتضح أن إحدى ثمار هذه المناورات هي مقاطعة سباي بارك الإنجليزية الكلاسيكية في ويلتشاير. ويسكن في هذه المقاطعة، التي ترجع إلى القرن السادس عشر، غيغز وروبي إنثوفين. وكان روبي، وهو ابن ديك إنثوفين، قد طور سلسلة المطاعم البريطانية، ولكن المالك المسجل لسباي بارك بالفعل هو كيان خارجي مجهول الاسم في جزر فيرجن البريطانية. تستطيع مثل تلك الترتيبات أن تتجنب بصورة قانونية سداد ضريبة أرباح رأس المال وضريبة الإرث ورسوم محتملة في المستقبل على من هم مثل إيثوفين، الذين يجعلهم إرثهم الجنوب أفريقي موجودين في المملكة المتحدة، ولكنهم غير مستقرين بها. كما يخفض مالكو ناندوز أيضا من ضرائب الشركات التي يسددونها في بريطانيا بطريقة قانونية من خلال مدفوعات متعددة مسموح بها في الخارج.
وهكذا لا تسدد هذه الشركات ضريبة الشركات البريطانية على بقية أرباحها، فيما سددت الشركة البريطانية المسؤولة عن تشغيل 280 مطعما في بريطانيا بالعام الماضي، أكثر من 21 مليون جنيه إسترليني من أرباحها مقابل حقوق استخدام علامة ناندوز التجارية. تذهب هذه الأموال إلى شركة في هولندا منخفضة الشريحة الضريبية تسمى «تورتولي بي في} التي بدورها تجمع المال نيابة عن شركة أخرى مسجلة في ملاذ ضريبي آخر في مالطا.
 



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.