ألقى تراجع انهيار الليرة التركية، خلال الفترة الماضية، بظلاله على الأوساط الاقتصادية الليبية، وتصاعدت مخاوف البعض من تأثير تلك التراجعات على الاستثمارات الليبية في أنقرة، وسط مطالبات لديوان المحاسبة الليبي بـ«التحقيق العاجل في مصير تلك الأموال»، واتهامات لحكومات سابقة بوضع مليارات الدولارات في مصارف «لا ترتقي للتصنيفات الآمنة».
وقال الدكتور عطية الفيتوري أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي لـ«الشرق الأوسط» إن الأزمة التي ألمت بالاقتصادي التركي، وتسببت في تدني سعر الليرة بنحو 40 في المائة منذ بداية العام الجاري، تسببت بالتأكيد في تضرر الاستثمارات الليبية في أنقرة، مشيرا إلى أن غالبية أسهم المصرف «العربي التركي» مملوكة لليبيا.
ويرى اقتصاديون ليبيون، من بينهم أمين عام المركز الليبي للتنافسية الاقتصادية فوزي عمّار، أن للمصرف الليبي الخارجي نوعين من الاستثمارات، أحدهما مباشر بالدولار الأميركي في مصرف «زراعات» التركي، والآخر مشاركة في المصرف «العربي التركي» المملوك «لليبيا الخارجي»، ورغم أنه قال إن قيمة هذه المشاركات ما زالت مجهولة إلى الآن، رجح أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن تكون في حدود 400 مليون دولار فقط، في وقت تتحدث بعض التقارير الاقتصادية عن أنها تقترب من مليار ونصف مليار دولار.
وفور اندلاع أزمة تراجع الليرة، تساءل عضو مجلس النواب عبد السلام نصية، عن حجم الاستثمارات الليبية في تركيا، وقال في بيان نشره على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «إن ما يهم الليبيين من انهيار الليرة التركية هو مسألة وجود جزء من الاحتياطي الليبي مودعا في المصارف التركية»، وتساءل: «هل لدينا سندات تركية بأي شكل، وكم تبلغ قيمتها؟ وهل مصرفنا الخارجي مشارك في أي خطوط ائتمان للمصارف التركية وغيرها؟».
وطالب عارف النايض، السفير الليبي السابق لدى الإمارات، والذي يعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية، مجلس النواب في طبرق (شرق البلاد)، وديوان المحاسبة في طرابلس، بالتحقيق العاجل في حجم ووضع إيداعات مصرف ليبيا المركزي في المصارف التركية.
وقال النايض وفقا لـ«قناة ليبيا» منتصف الأسبوع الجاري: «يجب التحرك الفوري لحماية الأموال الليبية من استمرار انهيار العملة التركية، ومحاسبة من وضعها هناك»، مضيفا أن مسؤولين في المصرف المركزي في طرابلس العاصمة «وضعوا مليارات الدولارات في مصارف تركية لا ترقى للتصنيفات الدولية الآمنة، وعرّض بذلك أموال الليبيين لمخاطر تفوق المعتاد».
وبالرغم من مطالبات النايض بسرعة التحقيق في القضية، قال الرئيس الأسبق للمؤسسة الليبية للاستثمار، محسن الدريجة إن «غالبية الاستثمارات الليبية موجودة في أوروبا والولايات المتحدة، باستثناء بعض المبالغ المحدودة في تركيا».
وذكّر الدريجة في حديثه إلى «الشرق الأوسط» «بشراكة قديمة بين البلدين في المصرف الليبي التركي»، وقال: «في العادة أماكن إيداع أموال المصارف ليست معلومات عامة... أي أن المصارف لا تنشر هذه المعلومات، وأغلب الاستثمارات الليبية في تركيا هي استثمارات خاصة وليست للدولة».
بموازاة ذلك، قال الناطق باسم الرئاسة التركية، إن «الوضع الاقتصادي لبلاده بدأ في التحسن، منذ الثلاثاء الماضي»، ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن الناطق باسم الرئاسة التركية قوله أمس: «نتوقع استمرار التحسن، وتركيا لا ترغب في خوض حرب اقتصادية، غير أنها لن تظل دون رد في حال حصل هجوم ضدها».
وتقدّر الأموال الليبية المجمّدة في الخارج بـ67 مليار دولار موزعة في بنوك أوروبية، بالإضافة إلى أموال أخري مهربة، محتفظ بها بشكل غير قانوني.
انهيار الليرة يزحف إلى الاستثمارات الليبية في أنقرة
انهيار الليرة يزحف إلى الاستثمارات الليبية في أنقرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة