الجيش الليبي يشن حملة لتجفيف آخر جيوب الجماعات المتشددة في درنة

عمال نظافة يحيون قوات الجيش الوطني الليبي في أحد شوارع درنة
عمال نظافة يحيون قوات الجيش الوطني الليبي في أحد شوارع درنة
TT

الجيش الليبي يشن حملة لتجفيف آخر جيوب الجماعات المتشددة في درنة

عمال نظافة يحيون قوات الجيش الوطني الليبي في أحد شوارع درنة
عمال نظافة يحيون قوات الجيش الوطني الليبي في أحد شوارع درنة

داهمت قوات الجيش الوطني الليبي أحد أوكار الجماعات الإرهابية في مدينة درنة، (شمال شرقي البلاد)، وقتلت أحد قيادييها البارزين في اشتباكات واسعة، أمس، في واحدة من العمليات التي تستهدف تجفيف آخر جيوب الجماعات الأصولية بالمدينة القديمة. فيما كشف مصدر أمني هوية بعض العناصر الـ14، الذين قتلتهم قوات الجيش أول من أمس على الطريق الرابطة بين مدينتي أجدابيا وطبرق (شرق البلاد).
وقال مصدر أمني من مدينة درنة، في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أمس، إن «قوات الجيش اشتبكت مع مجموعة ممن يسمون أنفسهم (مجلس شورى مجاهدي درنة)، وأعوانهم من (الدواعش) الذين تسللوا إلى البلاد خلال السنوات الماضية، وقتلت أحدهم بعد فرار البعض الآخر»، موضحاً أن «القوات تتعقب تلك الفلول، وتحاصرهم في نقاط محدودة على أطراف المدينة القديمة».
وأضاف المصدر ذاته أنه تم التعرف على هوية بعض جثث المقتولين الـ14، بعد نقلهم إلى مشرحة مستشفى أمحمد المقريف بأجدابيا، عقب اشتباكات دامية مع عناصر كتيبة «129» التابعة للجيش الوطني، وهم 6 ليبيين وفلسطيني ومصري وجزائريان، لافتاً إلى أن المسلحين تسللوا عبر أحد الأودية جنوب درنة، وصولاً إلى بوابة أمنية على الطريق الرابطة بين مدينتي أجدابيا وطبرق.
وأبرز المصدر الأمني أن من بين الإرهابيين الذين تمت تصفيتهم أبريك عبد الرحيم الفريطيس، وصلاح أمراجع البرعصي، وفرج عبد الله بالعرج، وشقيقه سعيد، إلى جانب فلسطيني يدعى رأفت غازي، بالإضافة إلى شخصين يحملان الجنسية الجزائرية. وهو ما أكده المنذر الخرطوش، المسؤول الإعلامي للكتيبة «276» مشاة‏، التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، وقال إن من بين القتلى جنسيات كثيرة، من بينهم مصري وفلسطيني، رافضاً الإفصاح عن تفاصيل أخرى تتعلق بجنسيات باقي القتلى.
وعلى الرغم من أن قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر أعلن رسمياً تحرير درنة نهاية يونيو (حزيران) الماضي، فإن قوات الجيش، التي تم الدفع بها نهاية يوليو (تموز) الماضي، لا تزال تتعقب العناصر الإرهابية التي اتخذت من المدينة القديمة أوكاراً لها.
وسبق أن أوضح الخرطوش تفاصيل مقتل الـ14 «إرهابياً»، وقال إن هذه المجموعة التي فرت أمام ضربات الجيش الليبي، خلال تطهير مدينة درنة، استطاعت الهرب، لكن قوات الجيش تعقبتهم وقتلتهم قُبيل بوابة الـ200 بالقرب من أجدابيا، مشيراً إلى أنه عثر عليهم بمفردهم دون عائلاتهم.
كما تحدث الخرطوش عن الأوضاع الداخلية في درنة، وقال إن قوات الجيش تمكنت من التقدم في المدينة القديمة، وتطهير أكثر من 70 في المائة منها، لافتاً إلى اعتقال مسلحين اثنين بالقرب من بوابة العزيات بعد هروبهم من درنة.
وكان المشير حفتر، القائد العام لقوات الجيش الليبي، قد أطلق في 7 مايو (أيار) الماضي عملية عسكرية تهدف إلى «تطهير» درنة، التي يقطنها قرابة 150 ألف نسمة من «العناصر الإرهابية». وظلت هذه المدينة الساحلية معقل عناصر أصولية مسلحة من مختلف التيارات، أبرزهم «مجلس شورى مجاهدي درنة» الموالي لتنظيم القاعدة، إلى أن أعلن حفتر تحريرها. وقال حينها عبر خطاب تلفزيوني: «نعلن بكل فخر تحرير مدينة درنة الغالية على كل الليبيين، وعودتها آمنة مطمئنة إلى أحضان الوطن لتعم الفرحة كل أرجاء ليبيا».
واستوطنت تنظيمات إرهابية، وفي مقدمتها «داعش» المتشدد عدة مدن ليبية، من بينها درنة، قبل أن تتم محاربتها وطردها على أيد الجيش في شرق وغرب البلاد. وفيما قدر خبراء بالأمم المتحدة أعداد تنظيم داعش المتبقين في ليبيا بين 3 و4 آلاف مقاتل، موزعين في أنحاء متفرقة من البلاد، شكك المصدر الأمني في هذه الأرقام، وقال: «أعتقد أن عدد مسلحي داعش في ليبيا لا يتجاوز المئات»، موضحاً أن «هذا العدد يمارس عملية الكر والفر على أطراف سرت وجنوب البلاد، بالإضافة إلى أنه يتبنى تنفيذ عمليات إرهابية من وقت لآخر في شرق البلاد، مثل بنغازي وأجدابيا».
وكان فريق من الخبراء الأمنيين وزع تقريره أول من أمس على الدول الأعضاء بالمنظمة الأممية، وقال إن «داعش» لا يزال يملك القدرة على شن هجمات خطيرة داخل ليبيا، نظراً لـ«زيادة قدرة التنظيم على استخدام تكتيكات قتالية غير متماثلة، ولاستخدام أجهزة متفجرة وعبوات ناسفة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.