صحافي يهودي أميركي يرفض اعتذار نتنياهو ويتحدث عن «قوائم سوداء» لمعارضي سياسته

جهاز «الشاباك» أخضعه لـ«تحقيقات استفزازية»

TT

صحافي يهودي أميركي يرفض اعتذار نتنياهو ويتحدث عن «قوائم سوداء» لمعارضي سياسته

رفض الصحافي اليهودي الأميركي، بيتر بينارت، الاعتذار الذي قدّمه له رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بسبب التحقيقات التي أجرتها معه المخابرات الإسرائيلية (الشاباك). واتهم أجهزة الأمن الإسرائيلية بوضع «قوائم سوداء سياسية تنكّل باليهود الأميركيين وغير اليهود» ممن يعارضون سياسة نتنياهو. وقال إن مجرد تشكيل وزارة خاصة للشؤون الاستخبارية أمر يتعارض مع المبدأ الأساسي للديمقراطية التي رأى أنها «أصبحت هشة في إسرائيل».
وكان رجال «الشاباك» قد أوقفوا بينارت، المعلّق السياسي في شبكة الأخبار الأميركية «سي إن إن»، في غرفة التحقيق في مطار اللد (بن غوريون)، أول من أمس، لمدة ثلاث ساعات، وأجروا معه تحقيقاً وُصف بأنه «استفزازي»، سألوه خلاله عن تاريخه السياسي ونشاطاته ومشاركاته في مظاهرات يسارية. وشكا الصحافي من أن المحقق تصرف معه بتبجح وغطرسة واستخفاف. وعندما غادر غرفة التحقيق، أصدر بياناً قال فيه إنه تعرض لتحقيق بوليسي «قمعي مهين»، موضحاً أنه جاء ليشارك في حفل عائلي لأقاربه ولم يتوقع أن يتعرض لمثل هذه المعاملة في إسرائيل.
وأصدر رئيس «الشاباك»، نداف أرغمان، بياناً أعرب فيه عن اعتذاره. وقال إنه أصدر تعليمات بالتحقيق في الحادث. وأضاف: «احتجاز بينارت كان بسبب خطأ في ترجيح الرأي للعنصر المهني ميدانياً». ثم أصدر رئيس الوزراء، نتنياهو، بياناً قال فيه إن التحقيق تم مع بينارت نتيجة خطأ إداري وأن إسرائيل ترحب بزائريها سواء كانوا مؤيدين أو منتقدين. لكن الصحافي الأميركي رد قائلاً إنه «لا يقبل نصف اعتذار كهذا». وتابع أن «المطلوب هو ألا يكون الشاباك في خدمة أجندة الحكومة، وألا يتماشى مع روح الفترة»، وإنما أن يحافظ على «الديمقراطية الهشة» لإسرائيل، ويتحرك ضد «التيار غير الديمقراطي السائد فيها».
وكان تصرف «الشاباك» قد أثار ردود فعل واسعة في إسرائيل والولايات المتحدة، خصوصا أنه ليس أول حادث من نوعه. ففي الأسابيع الأخيرة أوقفت ست شخصيات يهودية أميركية في مطار اللد وأُخضعت لتحقيقات استفزازية حول نشاطها السياسي المعارض للسياسة الإسرائيلية. وقال الباحث في شؤون المخابرات، يوسي ميلمان، إن «الشاباك وضع كما يبدو قائمة سوداء، لا تضم ناشطي إرهاب أو مشتبهاً بهم بهذا النشاط، وإنما لأناس آخرين لمجرد وجود آراء سياسية مختلفة». ولفت إلى أنه تم في إسرائيل تشكيل وزارة تتعارض مع المبدأ الأساسي للديمقراطية، وهي الوزارة للشؤون الاستخبارية والتي يتولاها وزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، وتديرها المراقبة العسكرية السابقة، سيما فكنين - جيل. وأشار إلى أن هذه الوزارة قامت بوضع قوائم لناشطي حركة المقاطعة (BDS) أو مؤيديهم، وذلك في محاولة للتضييق على خطواتهم في إسرائيل وخارج البلاد، ويتضمن ذلك إدارة حملات لتشويه سمعتهم، الأمر الذي من شأنه أن يحرج إسرائيل ويسبب لها أضراراً.
وتابع ميلمان أنه بالتزامن مع ذلك، تستمر السياسة الصارمة لسلطة السكان والهجرة، حيث تنكل، منذ سنوات، باليهود وبغير اليهود، الذين يريدون زيارة إسرائيل أو العيش فيها. وأضاف أن من «المثير للقلق» أن «الشاباك» بدأ مؤخراً بالانجرار، سواء برغبته أو مكرها، إلى هذه الدوامة «غير الديمقراطية». ولفت إلى أنه في الأسابيع الأخيرة تم تسجيل خمس حالات قام فيها محققو «الشاباك» باحتجاز والتحقيق مع ناشطين سياسيين «يساريين» إسرائيليين ويهود.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».