الخارجية المصرية لـ «الشرق الأوسط»: نعمل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.. والجيش يرسل 500 طن مساعدات

إغلاق معبر «رفح} عقب إحباط محاولة لتهريب 20 صاروخ «غراد} إلى سيناء

السفير بدر عبد العاطي
السفير بدر عبد العاطي
TT

الخارجية المصرية لـ «الشرق الأوسط»: نعمل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.. والجيش يرسل 500 طن مساعدات

السفير بدر عبد العاطي
السفير بدر عبد العاطي

قال السفير بدر عبد العاطي، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية لـ{الشرق الأوسط} أمس إن بلاده تبحث اتخاذ المزيد من الإجراءات والضغوط على جميع الأطراف من أجل الوصول إلى تهدئة ووقف العدوان الإسرائيلي على غزة، دون أن يفصح عن ماهية هذه الإجراءات، مؤكدا أنها ستكون وفقا للتطورات الحالية على الأرض، وأن بلاده لن تدخر جهدا في سبيل ذلك.
وأوضح عبد العاطي أن مصر تواصل اتصالاتها مع الجانب الإسرائيلي والسلطة الشرعية الفلسطينية ممثلة في الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، من أجل وقف إطلاق النار ومنع المزيد من التدهور في قطاع غزة، مشيرا إلى أن إغلاق معبر رفح البري أمس (على حدود المصرية مع غزة)، هو أمر طبيعي لأنه يجري فتحه فقط بشكل استثنائي وحسب الحالات الإنسانية الطارئة والحرجة.
وقالت مصادر أمنية في معبر رفح الحدودي مع القطاع إن 11 مصابا فلسطينيا دخلوا الأراضي المصرية مساء أول من أمس الخميس بعد فتح استثنائي للمعبر، وإن ثمانية منهم نقلوا إلى مستشفيين في القاهرة للعلاج من إصابات خطيرة، قبل أن تعاود السلطات إغلاقه أمس.
لكن السفير عبد العاطي أشار إلى أن «المعبر مرتبط بالوضع في سيناء، وأنه إذا كان هناك جرحى فلسطينيون آخرون يحتاجون الدخول لمصر فسيتم إدخالهم فورا للعلاج خلال الأيام المقبلة، على أن يجري ذلك بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية المصرية بالإضافة إلى وزارة الصحة}.
وكانت قوات الأمن المصرية في سيناء قد أعلنت أمس عن إحباط عملية تهريب 20 صاروخا ماركة «غراد} من قطاع غزة عبر الأنفاق الحدودية بمنطقة صلاح الدين برفح. وأشارت مصادر أمنية إلى أنه وقعت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن وعناصر تكفيرية مصرية مع عناصر فلسطينية عند إحدى فتحات الأنفاق بمنطقة صلاح الدين برفح، حيث كانت تلك العناصر تحاول تهريب 20 صاروخ غراد و20 قاعدة لإطلاقها من الأراضي المصرية على إسرائيل أو استهداف قوات الأمن المصرية في سيناء، وقد تمكنت قوات الأمن من إحباط عملية التهريب وضبط الصواريخ وقواعد الإطلاق.
ويكثف الجيش المصري من عمليات تدمير الأنفاق بين مصر وغزة منذ أغسطس (أب) 2012 عقب مقتل 16 مجندا من أفراد حرس الحدود برفح على يد مجهولين وتعمل وحدة الهندسة التابعة للقوات المسلحة على ردم المئات من الأنفاق المؤدية إلى قطاع غزة.
وكانت مصر قد وصفت الهجمات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة بأنها «تصعيد غير مسؤول}، مؤكدة أن «ضرب القطاع يعد استخداما مفرطا وغير مبرر للقوة}، وطالبت المجتمع الدولي بالعمل لمنع سقوط مزيد من الضحايا.
وأصدرت وزارة الخارجية بيانا أمس أكدت فيه «رفض مصر تماما التصعيد الإسرائيلي غير المسؤول في الأراضي الفلسطينية المحتلة والذي يأتي في إطار الاستخدام المفرط وغير المبرر للقوة العسكرية وما يترتب عليه من إزهاق لأراوح المدنيين الأبرياء}.
وأضاف البيان أن مصر تطالب إسرائيل «بضبط النفس وتحكيم العقل.. أخذا في الاعتبار أنها قوة احتلال عليها التزامات قانونية وأخلاقية لحماية المدنيين}، وناشدت «المجتمع الدولي سرعة التدخل وتحمل مسؤوليته للعمل على إنهاء هذا العدوان والحيلولة دون سقوط المزيد من الضحايا}.
كما شددت مصر على أنه لم يعد من المقبول أن تستمر وتتزايد معاناة الشعب الفلسطيني بسبب سياسات الفعل ورد الفعل غير المسؤولة دون الانتباه إلى آثار ذلك على المدنيين الأبرياء من أبناء هذا الشعب الشقيق، وهو الذي يفرض مسؤولية كبيرة على كافة الأطراف من ضبط النفس والتزام السبل اللازمة لإنهاء هذه المعاناة.
وأكدت مصر مواصلة اتصالاتها المكثفة بكافة الأطراف المعنية لوقف العنف ضد المدنيين الأبرياء، واستئناف العمل باتفاق الهدنة المُبرم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، وأعربت عن أسفها لما تواجهه تلك الاتصالات والجهود الحالية منذ عشرة أيام من تعنت وعناد.
من جهتها، أعلنت القوات المسلحة المصرية عن إرسال 500 طن من الأغذية والدواء مساعدات إلى قطاع غزة. وقال بيان صادر عن القوات المسلحة أمس إن القوات المسلحة المصرية سترسل 500 طن من المواد الغذائية والمستلزمات الطبية للفلسطينيين في قطاع غزة، وإن هذه المساعدات تأتي «استمرارا للجهود والمساعي الدبلوماسية المصرية الرامية لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وبتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة}.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».