كردستان تسيطر على حقلي نفط في كركوك.. وبغداد تدعوها لإخلاها

أربيل تؤكد حمايتها {كركوك} و {باي حسن} من «داعش».. وتنفي طرد العاملين فيها

كردستان تسيطر على حقلي نفط في كركوك.. وبغداد تدعوها لإخلاها
TT

كردستان تسيطر على حقلي نفط في كركوك.. وبغداد تدعوها لإخلاها

كردستان تسيطر على حقلي نفط في كركوك.. وبغداد تدعوها لإخلاها

في الوقت الذي دعت فيه وزارة النفط العراقية من سمتهم «العقلاء الأكراد» إلى ضرورة تفهم خطورة قيام قوات من البيشمركة الكردية بالاستيلاء على محطات إنتاج النفط في حقلي كركوك وباي حسن في محافظة كركوك المتنازع عليها بموجب المادة 140 من الدستور العراقي وطرد العمال العراقيين منها، نفى إقليم كردستان أمس طرد العمال العراقيين (العرب) من الحقول التي سيطرت عليها قوات البيشمركة في كركوك، وأكد الإقليم أن قوات البيشمركة سيطرت على محطات إنتاج النفط الخام في حقلي كركوك وباي حسن ضمن خطواتها الرامية إلى حماية هذه الحقول، ومنع مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) من الاستيلاء عليها.
لغة التصعيد بين بغداد وأربيل هي التي تتسيد المشهد السياسي منذ يوم الأربعاء الماضي على خلفية الاتهامات التي وجهها رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي إلى الأكراد بإيواء داعش والبعثيين و«القاعدة» والتنسيق معهم لضرب العملية السياسية. فبعد يوم واحد من تصريحات المالكي في كلمته الأسبوعية أعلن الوزراء الكرد انسحابهم من الحكومة الاتحادية وردت رئاسة الإقليم على كلمة المالكي متهمة إياه بفقدان الصواب والهستيريا.
وأصدر المالكي أمس أمرا يقضي بتعيين نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني وزيرا للخارجية بالوكالة خلفا لهوشيار زيباري الذي أكد من جانبه أن الكتل السياسية الكردية أوقفت «تماما» مشاركتها في الحكومة احتجاجا على تصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي التي قال فيها إن «الكرد يستضيفون الإرهابيين في أربيل». وفي تصريحات نقلتها «رويترز» عن زيباري قوله: إن «الوزراء الكرد يمتنعون الآن عن إدارة الشؤون اليومية لوزارته ووزارة التجارة ووزارة الهجرة ووزارة الصحة ومكتب نائب رئيس الوزراء».
وبرغم المساعي التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية إلى التهدئة بين الطرفين وأهمها الاتصال الهاتفي لنائب الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني فإنها لم توقف التداعي المستمر والذي وصل إلى أخطر مراحله منذرا بـ«العواقب الوخيمة» طبقا للبيان الصادر عن وزارة النفط. البيان الذي صدر أمس الجمعة أضاف أن «الوزارة تستنكر وبشدة قيام قوات من البيشمركة بالاستيلاء والسيطرة على محطات إنتاج النفط الخام في حقلي كركوك وباي حسن». وناشدت الوزارة «الإخوة الكرد العقلاء بضرورة تفهم خطورة الموقف والطلب من قوات البيشمركة إخلاء تلك المواقع فورا تجنبا للعواقب الوخيمة».
وأوضحت الوزارة أنه «كان يفترض بقوات البيشمركة الوقوف إلى جنب القوات الأمنية في التصدي للمجاميع الإرهابية وعدم استغلال الظروف للإغارة على الحقول النفطية واحتلالها».
من جهته أكد الناطق الرسمي باسم وزارة النفط الاتحادية عاصم جهاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «السيطرة على كركوك من قبل البيشمركة شيء والسيطرة على الحقول النفطية فيها شيء آخر لأنه يمثل تطورا في غير محله وتخطيا لكل الخطوط» مبينا أن «قوات من البيشمركة الكردية ومعها أناس مدنيون قاموا فجر (أمس الجمعة) بالاستيلاء على حقلي كركوك وباي حسن وهما من أكبر الحقول النفطية في البلاد اللذين يقومان بإنتاج النفط الخام وقاموا بطرد العاملين من فنيين ومهندسين وعمال وغيرهم من هذه المحطات المهمة». وأضاف جهاد أنه «لم يكن متوقعا أن يكون هناك تدخل في الشأن النفطي مهما بلغت الخلافات السياسية لأن النفط اتحادي وبالتالي فإن هذا التصرف هو تجاوز على الدستور وعلى السلطة الاتحادية وتهديد واضح للوحدة الوطنية وبالتالي فإن تداعياته ستكون بالتأكيد خطيرة». وردا على سؤال فيما إذا كان إقليم كردستان قام بهذه الخطوة من أجل التصعيد السياسي أم إن هذا الأمر سوف تتبعه إجراءات عملية قال: إن «هناك نية لديهم لربط هذه الحقول بخطوط التصدير الخاصة بهم وهو عامل سلبي آخر يضاف إلى سلسلة العوامل السلبية التي تترتب عليها نتائج خطيرة مثلما أشرنا».
من جانبه قال شيركو جودت رئيس لجنة الطاقة في برلمان إقليم كردستان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأن «قوات البيشمركة أخذت على عاتقها مسؤولية حماية حقول النفط في محافظة كركوك في ظل الفراغ الأمني والعسكري الذي نشأ من انسحاب القوات العراقية من هذه المناطق».
وتابع جودت «أن هذه الظروف حتمت على قوات البيشمركة تحمل المسؤولية لحماية هذه المناطق، وعدم السماح لمسلحي داعش بالاستيلاء عليها، ومن هذا المنطلق اتخذت قوات البيشمركة الجمعة مواقعها الحصينة لحماية محطات إنتاج النفط الخام والحقول في محافظة كركوك».
ونفى جودت ما ذكرته وزارة النفط الاتحادية حول طرد البيشمركة للعمال العرب العاملين في هذين الحقلين، وقال: «ننفي هذه الأنباء جملة وتفصيلا، لم يحدث أي شيء من هذا القبيل، البيشمركة لم تطرد أي عامل من عمال من هذه المحطات».
وحول إمكانية بدء الإقليم ببيع نفط كركوك، أكد جودت «إذا استمرت بغداد بحصارها الاقتصادي على إقليم كردستان، وعدم صرفها لرواتب والمستحقات المالية للموظفين في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها الأخرى، حينها لا بد لإقليم كردستان أن يفكر ببدائل أخرى لتوفير لقمة العيش ورواتب ومستحقات المواطنين في هذه المناطق والتي هي حاليا تحت سيطرة البيشمركة، وأحد هذه البدائل هو بيع النفط وتوفير المستلزمات المالية لمواطنيها».
ويعد حقل باي حسن من أكبر الحقول النفطية في كركوك، ويضم 120 بئرا، وتصل قدرته الإنتاجية إلى 195 ألف برميل يوما. أما حقل كركوك النفطي الذي كان ينتج نحو 400 ألف برميل يوميا فقد تراجع إنتاجه ليصل إلى 230 ألف برميل يوميا وذلك بسبب مشاكل فنية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».