تضارب في المعلومات حول وفاة البغدادي سريرياً

أبو بكر البغدادي زعيم «داعش»... («الشرق الأوسط»)
أبو بكر البغدادي زعيم «داعش»... («الشرق الأوسط»)
TT

تضارب في المعلومات حول وفاة البغدادي سريرياً

أبو بكر البغدادي زعيم «داعش»... («الشرق الأوسط»)
أبو بكر البغدادي زعيم «داعش»... («الشرق الأوسط»)

في حين أعلنت مصادر استخباراتية عراقية أن زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي «ميت سريرياً»، فقد تضاربت آراء الخبراء والمعنيين بشؤون الجماعات المسلحة والقضايا الأمنية حول دقة مثل هذه المعلومات. وكان مصدر استخباراتي عراقي أعلن أمس في تصريح صحافي أن «القوة الجوية العراقية استهدف في شهر يونيو (حزيران) الماضي اجتماعا لقيادات (داعش) الإرهابي في الأراضي السورية، استناداً لمعلومات استخباراتية دقيقة، ما أسفر عن مقتل عدد منهم وإصابة آخرين». وأضاف المصدر أنه «تبين في ما بعد إصابة البغدادي بجروح بليغة جراء تلك الضربة، جعلته بحكم الميت سريرياً ولا يستطيع ممارسة مهامه، الأمر الذي دفع بعض قيادات (داعش) غير العراقيين إلى ترشيح المدعو أبو عثمان التونسي لتولي القيادة خلفا للبغدادي». وأشار المصدر إلى أن «ترشيح التونسي تسبب بخلافات حادة وانقسامات غير مسبوقة في صفوف (داعش)، نتيجة لموقف قادته من العراقيين الرافض لترشيح التونسي».
وفي الوقت الذي أكد فيه الخبير المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة الدكتور هشام الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المعلومات التي وردت على لسان المصادر الاستخباراتية بشأن موت البغدادي سريريا غير دقيقة»، فإن الخبير الأمني فاضل أبو رغيف وفي تصريح مماثل أكد أن «البغدادي تعرض إلى ضربة قد تكون مميتة في أحد المناطق السورية من قبل خلية (الصقور)»، مبينا أن «اختفاءه طوال الشهور الماضية رغم كثرة الكلام في وسائل الإعلام يوضح إلى حد كبير مصداقية المعلومة وهي مقتل البغدادي وليس فقط موته سريريا». ويوضح أبو رغيف أن «هناك دلائل وإشارات تؤكد ذلك أيضا من بينها أن عمليات التأبين داخل التنظيم لا تذيل بتوقيع البغدادي؛ بل من قبل هيئة مخولة، فضلا عن أن وكالات التنظيم مثل (أعماق) وغيرها كانت قد أعلنت عن حداد لمدة 3 أيام في وقتها حيث كانت تكتفي بقراءة القرآن فقط». غير أن الهاشمي الذي يشكك في مصداقية هذه المعلومات يرى أن «البغدادي آخر رجل تبقى من الأعضاء المؤسسين لتنظيم داعش» موضحا أنه «من بين 43 من القادة الرئيسيين، البغدادي هو الوحيد الباقي على قيد الحياة». ويؤكد الهاشمي أنه «جرى تحديد مكان البغدادي ويعتقد أنه يتنقل حاليا في منطقة البادية التي تقع شمال نهر الفرات في العراق وسوريا». ويضيف الهاشمي أن «ما يؤكد بقاءه على قيد الحياة هي اعترافات أبو زيد العراقي وصدام الجمل وأبو يوسف الشعيطي المعتقلين حاليا».
وفي سياق الجهود الهادفة إلى الحد من أنشطة تنظيم «داعش» في العراق، أصدرت محكمة جنايات نينوى حكما بالإعدام بحق مدان ارتكب عدة عمليات في المحافظة بينها اغتيالات ضد القوات الأمنية. وقال القاضي عبد الستار بيرقدار، المتحدث الرسمي باسم مجلس القضاء الأعلى، في بيان له، إن «الهيئة الأولى في محكمة جنايات نينوى نظرت قضية متهم أدين بالانتماء لتنظيم (داعش) الإرهابي وقضت بإعدامه بعد ثبوت ارتكابه أعمالا إجرامية». وأضاف بيرقدار أن «المدان قام باغتيال عدد من أفراد الشرطة والجيش بأسلحة كاتمة للصوت مع زرع عبوات ناسفة في منطقة باب البيض ومنطقة قبر البنت ومنطقة البورصة ومنطقة وادي حجر في نينوى». وأشار إلى أن «المجرم قام بإعدام عدد من المدنيين في منطقة باب الحديد وشارع غازي ومنطقة السجن في مدينة الموصل واشترك بما يسمى (غزوات) ضد القوات الأمنية المشتركة». وبين المتحدث الرسمي أن «حكم الإعدام صدر وفقاً لأحكام المادة (الرابعة/ 1) من قانون مكافحة الإرهاب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».