تقدم أمير من دون إمارة بدعوى أمام القضاء بسبب حرمان عائلته من عرش موناكو. ويتهم الكونت لويس دو كوزان الدولةَ الفرنسية بأنها تدخلت، أوائل القرن الماضي، وقامت بتعديل القواعد المعمول بها لوراثة الحكم في إمارة موناكو. وبناء عليه؛ يطالب صاحب الدعوى بمبلغ 351 مليون يورو تعويضات متراكمة عن عملية «السلب» التي تعرضت لها سلالته.
ويقيم دو كوزان (44 عاماً) في مبنى قديم يقع في جادة سان جيرمان، وسط باريس، محاطاً بنماذج ضخمة من الدمى التي شغلت عالم الأولاد في فترات سابقة، مثل «إي تي» و«غولدوراك». وهو يعلق على جدار مكتبه لوحة لشجرة عائلته التي تشير إلى ارتباط فروعها بعدد من كبريات العائلات الأرستقراطية، ومنها فرع يربطه بأسرة غريمالدي، من جهة والدته المتحدرة من سلالة الأمير هونوريه الثالث الذي حكم موناكو بين 1733 و1793.
وتشير سيرة صاحب الدعوى إلى أنه نشأ مرفهاً في محافظة «كوت دور»، إلى الشرق من باريس، حيث يمكن لزائر مقبرة العائلة قراءة اسم «غريمالدي» على عدد من الشواهد. لكن موناكو كانت قد حرمت، حتى سنوات قلائل، أفراد فرع دو كوزان من العيش فوق أراضيها رغم أنهم يحلون في المرتبة الثالثة في تسلسل ولاية العهد. وهو الأمر الذي دفع صاحب الدعوى إلى نشر كتاب يندد فيه بـ«البلطجة» التي تعرض لها أجداده. وهو يتهم، حالياً، الدولة الفرنسية بالوقوف وراء تنحيتهم عن العرش وتزوير قواعد الوراثة. وفي تصريح لصحيفة «باريزيان» قال الكونت دو كوزان إن تقاليد الوسط الذي ينتمي إليه تقتضي تجاهل الشائعات الدائرة حول هذه القضية، لكنه أراد توضيح الأمر للرأي العام «لأنها مسألة شرف».
جاء في أوراق الدعوى أن قضية التلاعب بوراثة عرش موناكو تعود إلى بدايات القرن الماضي، أي عهد الأمير ألبير الأول؛ فقد كان ولي عهده لويس رافضاً للزواج ويقيم علاقات متحررة ولم ينجب ولداً. وبحسب القواعد المتبعة، فإن العرش ينتقل إلى وريث من المرتبة الثانية، أي إلى الأمير غيليوم الثاني دو وورتنبرغ أوراش، ابن عم دو كوزان. لكن جان مارك ديكوبيه، محامي صاحب الدعوى، يؤكد أن فرنسا تدخلت لتغيير تسلسل الوراثة لكي لا تسمح لألماني بحكم موناكو، خصوصاً أن أوروبا كانت على شفير الحرب العالمية الأولى. ويستند المحامي على مجموعة من الوثائق التي تشير إلى مفاوضات جرت في تلك الفترة بين باريس ومونت كارلو، هددت فيها فرنسا الإمارة الصغيرة الواقعة في جنوبها الشرقي بضمها إلى أراضيها في حال لم يتم تغيير قواعد توريث العرش. وقد جاءت الضغوط عبر ريمون بوانكاريه شخصياً، الذي كان محامياً لموناكو ثم أصبح رئيساً للجمهورية الفرنسية. وبناء عليه، نصت اتفاقية صدرت عام 1918 على اعتبار أراضي موناكو دولة تتمتع بحكم ذاتي تحت الحماية الفرنسية وذلك «في حال عدم وجود وريث للعرش مولود من ذرية الأمير، أو من أبنائه بالتبني».
هنا، يضيف المحامي، كان لا بد من العثور على ولد بالتبني. وبما أن أمير موناكو لويس الثاني كان على علاقة بفنانة تدعى ماري جولييت لوفيه، ولدت منه طفلة غير شرعية، فقد تم إصدار قرار جديد يسمح بالتبني أولاً، ثم قرار ثان يسمح للابنة المتبناة بولاية العهد. وقد سارت الأمور وفق ما خُطط لها. ففي 1911 اعترف لويس الثاني بأبوته لشارلوت، وكانت في الثالثة عشرة من العمر. وفي 17 يوليو (تموز) 1918، صدرت اتفاقية موناكو التي التزمت فيها الإمارة بسياسة خارجية تتوافق مع مصالح باريس، مقابل الحماية التي توفرها لها فرنسا. وفي خريف العام نفسه صدر قرار يبيح للأمير أن يتبنى طفلاً في حال غياب وريث من صلبه، وفي الربيع التالي تم تبني شارلوت رسمياً وأصبحت عام 1922 وريثة شرعية للعهد. وهي والدة رينيه الثالث الذي أصبح أميراً لموناكو سنة 1949، وتزوج بالنجمة الأميركية غريس كيلي التي رزق منها بابنتين وولد هو ألبير، الأمير الحالي.
وبموازاة الحرب العالمية الأولى، كانت هناك حرب دبلوماسية خفية تجري على قدم وساق بين باريس وبرلين، حول هذه القضية. وقد انتهت، عام 1924 بتراجع الفرع الألماني عن المطالبة بالحق في عرش الإمارة. وظن المؤرخون أن الصفحة قد طويت وأن القضية باتت في حكم المنتهية. لم يتوقع أحد أن يخرج الحفيد لويس دو كازان، بعد قرن من الزمان، ليعترض على تلك التعديلات ويصفها بأنها «خديعة» مورست ضد عائلته. وعدا العبارات القاسية التي يستخدمها في توصيف الأيدي الخفية الفرنسية، فإنه يحاول أن يتصرف بأخلاق أرستقراطية ويؤكد أنه لا يحمل أي ضغينة ضد أمير موناكو الحالي، ألبير، لأنه لا دخل له في كل هذه القصة. وعلى سبيل التهدئة، التقى دو كوزان بأمير موناكو عدة مرات، وتم رفع الحظر الذي حرم فرع العائلة من الإقامة في الإمارة.
كيف حسب المدعي الرقم الذي يطلبه على سبيل التعويض؟ الجواب عند محاميه الذي يقدم بيانات بالحصص التي تملكها الأسرة الحاكمة في مصرف موناكو المركزي وكثير من الشركات، إضافة إلى ما لديها من ثروة عقارية هائلة. ولو كان العرش من نصيب الفرع العائلي لموكله، لكانت ثروته أضعاف ما يملكه حالياً. واستباقاً للملايين التي يمكن أن تهبط عليه، خضع دو كوزان لعملية زرع شعر جعلته يبدو أصغر من سنه وأكثر لياقة لاحتلال أغلفة المجلات الشعبية.
نبيل أوروبي يطلب 351 مليون يورو تعويضات من الدولة الفرنسية
لأنها {سلبت} من أسرته عرش موناكو قبل قرن من الزمان
نبيل أوروبي يطلب 351 مليون يورو تعويضات من الدولة الفرنسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة