دريان والراعي للإسراع بتشكيل الحكومة اللبنانية... وإجماع على صيغة «الوحدة الوطنية»

مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان في افتتاح مسجد كفرتيا الكبير في إقليم الخروب أمس (الوكالة الوطنية)
مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان في افتتاح مسجد كفرتيا الكبير في إقليم الخروب أمس (الوكالة الوطنية)
TT

دريان والراعي للإسراع بتشكيل الحكومة اللبنانية... وإجماع على صيغة «الوحدة الوطنية»

مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان في افتتاح مسجد كفرتيا الكبير في إقليم الخروب أمس (الوكالة الوطنية)
مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان في افتتاح مسجد كفرتيا الكبير في إقليم الخروب أمس (الوكالة الوطنية)

دعا كلّ من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والبطريرك بشارة الراعي المسؤولين اللبنانيين إلى الإسراع في تشكيل الحكومة، في وقت لا يزال التفاؤل مستمرّاً بقرب تأليفها على قاعدة الوحدة الوطنية، وفي ظل إجماع على رفض صيغة الأكثرية وعدم إقصاء وإلغاء أي طرف.
وقال دريان خلال افتتاح مسجد كترمايا الكبير في إقليم الخروب: «أمامنا اليوم فرصة ثمينة، تملي علينا إعادة بناء وطننا، وتمتين وحدتنا من خلال تعاوننا مع أشقائنا العرب الذين ينتظرون منا تشكيل حكومة وفاق وتجانس وطني».
ورأى أن «البلد لا يحتمل مزيداً من المنازعات السياسية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والحياتية، بل يتطلب الأمر من الجميع مرونة لتسهيل عملية تأليف الحكومة العتيدة التي هي حاجة وطنية ماسة، يستفيد منها الجميع، مما يحتم على القوى السياسية والتكتلات النيابية أن تتواضع في مطالبها لدعم الجهود الكبيرة والمبادرات الطيبة التي يقوم بها الرئيس المكلف على أسس السياسة الحكيمة وقواعدها لولادة الحكومة التي هي السبيل الوحيد للحد من الاحتقان السياسي والاقتصادي والمعيشي في البلاد».
من جهته، سأل الراعي في عظة الأحد: «ما المبرّر لتعثّر تأليف الحكومة سوى المصالح الشخصيّة والفئويّة وسجالات توزيع الحقائب على حساب الصالح العام؟ فيما هم يهملون الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزّم، من دون أي مسعى لوضع خطة إنقاذيّة؟ ويتعامون عن العجز العام المتزايد».
وبعدما كان قد لوّح البعض بالذهاب إلى «حكومة أكثرية»، لا سيما رئيس التيار الوطني الحر، وزير الخارجية جبران باسيل، جدّد كل من حزب الله و«الحزب التقدمي الاشتراكي» دعمهما لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأسف عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق في احتفال تأبيني في الجنوب، «لإطالة مدة تشكيل الحكومة، لأن المتضرر هو جميع اللبنانيين، والمستفيد هم الذين يراهنون على مغامرات جديدة لتغيير المعادلات السياسية، فهناك من أراد أن ينقلب على نتائج الانتخابات النيابية، ويصر على رفع الأسقف والمطالب والحصص، ولا يعبأ لمصالح الوطن والبلاد».
وأشار إلى أنه «لا حديث عن عقدة ومشكلة يمثلها (حزب الله) وحركة (أمل) أمام تشكيل الحكومة، بل على العكس تماما، فحزب الله ليس متفرجاً أمام الأزمة الحكومية، وهو يسعى بالاتصال مع مختلف القوى السياسية لتسريع تشكيل الحكومة على قاعدة حكومة وحدة وطنية بعيدة عن الإقصاء والإلغاء».
كذلك شدّد محمد فنيش، وزير الشباب والرياضة ممثل «الحزب» في حكومة تصريف الأعمال، على «ضرورة أن يجتاز لبنان مرحلة المراوحة في مسألة التأليف، معولاً «على الحركة والجهد الأخيرين، عسى أن تسفر الاتصالات واللقاءات نتائج إيجابية لتجاوز العقبات التي تعترض طرق تشكيل الحكومة وإعلانها، فكل تأخير فيه ضرر للبلد الذي بحاجة إلى الإفادة من الفرصة وعدم إضاعة الوقت».
وفي ظل المساعي لإيجاد حلول لما بات يعرف بـ«العقدتين المسيحية والدرزية»، حيث يتمسك «رئيس الحزب الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط بكامل الحصة الدرزية في الحكومة المقبلة»، أعاد النائب في «اللقاء الديمقراطي» هادي أبو الحسن التأكيد على هذا الأمر.
وقال في مؤتمر منظمة الشباب التقدمي العام، الذي عقد في بيروت: «كنا وسنبقى ثابتين على الموقف حافظين للحق صائنين للأمانة، على هذا الأساس نرفض المس بحقوقنا ونصون عهد من انتخبونا، وعلى هذا الأساس نتمسك بثلاثيتنا الوزارية كحد أدنى، ولن نتنازل عن حقوقنا أبداً حفاظاً على الأمانة واحتراماً للوكالة التي منحنا إياها الناس، ومهما حاول البعض التذاكي من أجل حشرنا لإحراجنا ثم إخراجنا لتشكيل حكومة أمر واقع ذي طابع أكثري»، وأضاف: «لهذا البعض نقول: لبنان لا يقوم على مبدأ الغلبة، لبنان لا يقوم على الاستئثار أو الإقصاء أو التعطيل، لبنان لا يقوم إلا على توازن دقيق، فممنوع المس بهذا التوازن وأية محاولة بهذا الاتجاه هي محاولة بائدة فاشلة لن تحقق غايتها أبداً، فلا تهدروا الوقت ولا تصنعوا عقداً ولا تضعوا عراقيل ولا تضيعوا فرصاً، وإذا كان البعض يماطل ليسمع من سيصرخ أولاً، فلا تراهنوا على نفاد صبرنا، وما عليكم إلا الإصغاء إلى صراخ الناس والعمل لمحاكاة وملاقاة هموم الناس».
في المقابل، رأى أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان أن «هناك إشارات غير مكتملة بأننا متجهون لحلحلة وإنتاج حكومة في وقت قريب»، قائلاً في حديث تلفزيوني: «كل العقد الحكومية قابلة للحل لأن المصلحة الوطنية تقتضي تمثيل الجميع بحسب أحجامهم والحفاظ على الحضور المتنوع، ومن حق كل طرف السعي إلى تمثيل حكومي يوازي حجمه النيابي والصراع القائم سينتهي مع تشكيل الحكومة». وعن «العقدة المسيحية» التي بات الاتجاه إلى حلّها عبر منح «حزب القوات» أربع حقائب، أوضح: «مسألة نيابة رئاسة الحكومة طويت لصالح حصة رئيس الجمهورية، والحقيبة السيادية التي ستمنح للقوات تبحث مع بعض التفاصيل الأخرى التي لها علاقة بتوزيع الحقائب والتمثيل الدرزي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».