القوات العراقية تحكم قبضتها على ضواحي تكريت وتنتظر تعزيزات عسكرية

محافظها قال إن مهمة تحريرها قد تمتد إلى أشهر.. وليس هناك من «يمسك الأرض»

متطوعون من شيعة العراق لدعم القوات الأمنية في قتالها ضد «داعش» في شاحنة تنقلهم لأحد المعسكرات ببغداد أمس (رويترز)
متطوعون من شيعة العراق لدعم القوات الأمنية في قتالها ضد «داعش» في شاحنة تنقلهم لأحد المعسكرات ببغداد أمس (رويترز)
TT

القوات العراقية تحكم قبضتها على ضواحي تكريت وتنتظر تعزيزات عسكرية

متطوعون من شيعة العراق لدعم القوات الأمنية في قتالها ضد «داعش» في شاحنة تنقلهم لأحد المعسكرات ببغداد أمس (رويترز)
متطوعون من شيعة العراق لدعم القوات الأمنية في قتالها ضد «داعش» في شاحنة تنقلهم لأحد المعسكرات ببغداد أمس (رويترز)

في وقت أكد فيه الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية الفريق قاسم عطا بدء إحكام القوات الأمنية سيطرتها على مداخل ومخارج مدينة تكريت والقيام بهجمات داخل المدينة، فقد عزا محافظ صلاح الدين أحمد عبد الله الجبوري «تأخر الجيش في استعادة السيطرة على كامل المساحة المحتلة من المحافظة ومنها مدينة تكريت إلى عاملين اثنين، الأول هو أن الدواعش يلجأون عند انسحابهم من مكان إلى زرعه بالعبوات الناسفة، مما يجعل الأمر بالغ الصعوبة لأن ذلك يتطلب توفير جهد هندسي يتولى تفكيك الألغام قبل تقدم القطعات.. والعامل الثاني هو عدم زج قوات كافية سواء من المتطوعين أو بالأسلحة الساندة التي تستطيع مسك الأرض».
وأضاف الجبوري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «القوات الموجودة تمكنت حتى الآن من إحكام السيطرة على أطراف المدينة الخارجية، والأمور هناك تسير بشكل جيد مع عدم إمكانية التراجع، لكن لا تزال الحاجة قائمة إلى مدد عسكري عددا وعدة، لأن استعادة السيطرة على منطقة لا تكفي دون مسك الأرض»، مشيرا إلى أن «الفرقة الثانية سوف تدخل إلى المدينة، حيث بدأت الآن الضربات توجه إلى المسلحين المتحصنين داخل الأحياء وبين البيوت وحتى مع السكان، الأمر الذي يجعل التقدم بطيئا لأنك لا تقاتل جيشا نظاميا وجها لوجه، بل عصابات تتخفى هنا وهناك». وردا على سؤال بشأن ما إذا كان هناك سكان في تكريت قال الجبوري إن «الغالبية من الأهالي نزحوا إلى مناطق خارج المدينة ولكن لا يزال هناك سكان بداخلها، وهو ما يجعل مهمة الأجهزة الأمنية أكثر صعوبة من مهمة الدواعش، لأننا في الوقت الذي نحرص فيه على أرواح الناس حتى لو أدى ذلك إلى تأخر عملية إعادة السيطرة، فإنهم (داعش) يجعلون المواطنين الآمنين وقودا أو دروعا بشرية».
وأكد الجبوري أن «تكريت الآن باتت مطوقة من كل الجهات، وبالتالي فإن عملية تحريرها ستتم، لكنها تستغرق بعض الوقت حيث قد تمتد المهمة إلى شهر أو ربما أكثر، لأن ما حصل على صعيد احتلال نينوى وصلاح الدين، ووفق المعطيات التي توافرت لدى الأجهزة المعنية، جرى الإعداد له منذ نحو سنة، وبالتالي فإن مهمتنا صعبة وتتمثل في إعادة المعنويات للقطعات العسكرية بعد النكسة، حيث لم تحصل عمليات قتالية طبقا للخدعة التي أدت إلى النكسة، كما أننا نقوم بتجفيف الحواضن والخلايا النائمة التي زرعها تنظيم داعش في مختلف المناطق».
من جانبه، أكد المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا أن «القطعات العسكرية بمساندة طيران الجيش وأبناء العشائر تمكنوا من قتل 47 إرهابيا وحرق 14 عجلة تابعة لهم في محافظة صلاح الدين»، مشيرا إلى أن «القوات الأمنية مسيطرة حاليا على مداخل ومخارج مدينة تكريت وتقوم بهجمات داخل المدينة». وأضاف أن «العمليات الأمنية أسفرت أيضا عن مقتل 39 إرهابيا وحرق سبع عجلات تابعة لهم، فضلا عن تفكيك 11 عبوة بمنطقة الصدور في محافظة ديالى». وأكد عطا أن «محافظة بابل شهدت هي الأخرى عمليات نوعية أدت إلى مقتل 25 إرهابيا وتدمير 10 عجلات في ناحية جرف الصخر شمالي المحافظة». وتابع عطا أن «القوات الأمنية قتلت 46 إرهابيا، وحرقت عشرات العجلات المحملة بالإرهابيين في قاطع عمليات الأنبار»، لافتا إلى أن «عمليات الجزيرة والبادية تمكنت من حرق عجلة في تقاطع الصكرة شرق قضاء عنة». في السياق نفسه، أكد عطا أن الأجهزة الأمنية أحبطت محاولة للهجوم على قاعدة سبايكر في محافظة صلاح الدين، مشيرا إلى أن «قيادة عمليات صلاح الدين وبالتنسيق مع قوات النخبة وطيران الجيش تمكنوا من صد هجوم لعصابات داعش الإرهابية على قاعدة سبايكر في صلاح الدين، وتم قتل جميع الإرهابيين وحرق عجلاتهم».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.