100 ألف يتظاهرون في تل أبيب ضد قانون نتنياهو العنصري

جانب من مظاهرة أمس في «ميدان رابين» في تل أبيب ضد قانون القومية العنصري (ويترز)
جانب من مظاهرة أمس في «ميدان رابين» في تل أبيب ضد قانون القومية العنصري (ويترز)
TT

100 ألف يتظاهرون في تل أبيب ضد قانون نتنياهو العنصري

جانب من مظاهرة أمس في «ميدان رابين» في تل أبيب ضد قانون القومية العنصري (ويترز)
جانب من مظاهرة أمس في «ميدان رابين» في تل أبيب ضد قانون القومية العنصري (ويترز)

تظاهر أمس، أكثر من 100 ألف إسرائيلي معارض لقانون القومية اليهودية، الذي عمل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على تمريره في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وفيه يمنح تفوقاً عرقياً لليهود على العرب في الحقوق القومية، ويمهد لنظام أبرتهايد رسمي. وطالب المتظاهرون، من خلال الخطابات التي ألقيت، والشعارات المرفوعة والهتافات، بإلغاء القانون تماماً أو تعديله، بإضافة ضمانات بالمساواة لجميع المواطنين والحفاظ على الحقوق والأسس الديمقراطية.
وكان نتنياهو وديوانه وحزبه الليكود وأحزاب الائتلاف اليميني الحاكم، قد حاولوا جميعاً تخريب المظاهرة وإجهاضها قبل إقامتها. فحاولوا دق الأسافين بين الدروز وبقية الطوائف العربية، وزرع الشقاق داخل القيادة العربية الدرزية، التي تميزت في معارضتها القانون، وأداروا حملة دعائية ضخمة، تزعم أن «هذه مظاهرة حزبية لقوى اليسار»، و«اليسار يستخدم الدروز مطية لتغيير الحكم» و«حزب العمل وعد العميد أمل أسعد (الذي اتهم نتنياهو بإدارة سياسة أبرتهايد)».
وبلغت هذه المحاولات حد قيام أحد حملة أسرار نتنياهو وأقرب المقربين إليه، نتان إيشل، بتهديد الدروز بالترحيل. فقال إن «في سوريا (عدداً كبيراً) من الدروز، فمن لا تعجبه إسرائيل وقوانينها، يستطيع الانتقال إلى هناك وإقامة دولة تسمى (دورزيا)، لكن قانون القومية لن يتغير».
واستقطبت المظاهرة مئات الشخصيات السياسية والأمنية البارزة في التاريخ الإسرائيلي الحديث، أمثال رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، ووزير الدفاع الأسبق موشيه أرنس، وكلاهما من قادة اليمين، والوزير والجنرال المتقاعد متان فلنائي، وزعماء أحزاب المعارضة الحالية؛ تسيبي لفني من حزب الحركة، وآفي غباي رئيس حزب العمل، وكلاهما حليف في «المعسكر الصهيوني»، وتمار زانبرغ رئيسة حزب «ميرتس»، ويائير لبيد رئيس حزب «يوجد مستقبل»، ورئيس أركان الجيش ومدير عام وزارة الدفاع سابقاً غابي إشكنازي، ورئيسي جهاز «الشاباك» (المخابرات العامة) السابقين عامي أيلون ويوفال ديسكن، ورؤساء جهاز الموساد السابقين؛ تسفي زمير، وتمير برودو، وأفرايم هليفي، ورؤساء جهاز الشرطة السابقين؛ يعقوب تيرنر، ويسرائيل دنينو، واساف حيفتس، و78 ضابطاً متقاعداً برتبة لواء في الشرطة، ورئيس النيابة العامة السابق دودي لادور، وعدد آخر من الشخصيات الأكاديمية والأدبية والثقافية والفنية والإعلامية وغيرهم.
وبرز بشكل خاص حضور ممثلي الطائفة العربية الدرزية، التي اعتبرت نفسها مطعونة في الظهر من جراء هذا القانون، حيث يؤدي شبانها الخدمة العسكرية المفروضة عليهم، هم والشركس بالذات (بينما يعفى بقية العرب منها)، فاستقبلتهم بلدية تل أبيب - يافا، بغمر بنايتها المطلة على ميدان رابين، حيث أقيمت المظاهرة، بألوان العلم الدرزي الخمسة. وحضر منها الرئيس الروحي الشيخ موفق طريف، ومئات رجال الدين من الطائفة، ومئات الضباط السابقين في الجيش الإسرائيلي.
وكان طريف أول الخطباء، فحاول جسر الهوة بين الدروز الذين أقنعهم نتنياهو بالوقوف معه، ورافضي قانون القومية الأشداء، فقال: «لا يستطيع أحد أن يعلمنا ما هي التضحية لصالح إسرائيل، ولا يستطيع أن يعظنا أحد حول الولاء والإخلاص، فالمقابر العسكرية تشهد، ونحن مصممون على المحاربة معكم من أجل هوية الدولة والحق في العيش فيها بمساواة واحترام. رغم ولائنا غير المشروط للدولة، الدولة لا تنظر إلينا كمواطنين متساوين».
وقد رحب رئيس بلدية تل أبيب - يافا، رون خلدائي، بالجماهير الغفيرة وحذر قيادتها من مغبة الوقوع في «مصيدة العسل» التي ينصبها لهم نتنياهو. وقال: «هم نتنياهو اليوم، هو أن يمزق صفوفكم، ويضعف نضالكم العادل، الذي يعتبر نضالاً لكل يهودي يحب إسرائيل ويريد لها الخير كدولة حرة وديمقراطية وإنسانية. تعالوا نواصل الكفاح معاً يهوداً وعرباً من كل الطوائف حتى نكرس قوانين المساواة ونجهض قانون التفرقة هذا».
وهاجم رئيس «الشاباك» الإسرائيلي السابق يوفال ديسكن بشكل غير مسبوق، مشرّعي قانون القومية في كلمته أمام المحتجين، وقال: «لقد تم إرسال كلاب البودل لنشر الأكاذيب. أنا لا أحترم اليمين الشعبوي الكاذب، الذي يقف وراء هذا القانون لأهداف حزبية محضة، تستهدف كسب أصوات الناخبين من اليمين المتطرف».
وقد أجمع المراقبون على أن المظاهرة حققت نجاحاً فاق كل تصور، في ضعضعة قانون القومية، مؤكدين أن نتنياهو لا يستطيع تجاهل هذا الحشد الضخم. وسيضطر إلى تغيير اتجاهه.
لكن نتنياهو من جهته، حاول المضي في إصراره على القانون. وفي مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية، أمس، حاول التركيز على أهمية القانون في مجابهة القيادة الفلسطينية، فقال: «دولة إسرائيل هي الدولة القومية الخاصة بالشعب اليهودي. إسرائيل هي دولة يهودية وديمقراطية. الحقوق الفردية مكفولة بقوانين كثيرة بما فيها القانون الأساسي (كرامة الإنسان وحريته). لا أحد مس ولا أحد سيمس بهذه الحقوق الفردية، ولكن من دون قانون القومية لا يمكن ضمان مستقبل إسرائيل كالدولة القومية اليهودية للأجيال القادمة. قانون القومية يحصّن في مقدمة الأمر قانون العودة. إنه يرقيه إلى درجة أخرى، حيث يضمن هذا القانون بطبيعة الحال، حقاً تلقائياً يمنح اليهود، وهم فقط، الحق بالهجرة إلى إسرائيل، وبالحصول هنا على الجنسية الإسرائيلية. قانون القومية يمنع على سبيل المثال، استغلال بند لم الشمل الذي تم بموجبه استيعاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين في إسرائيل، منذ اتفاق أوسلو. وهذا القانون يسهم في منع دخول فلسطينيين إلى إسرائيل من دون مراقبة. ربما أن هذا القانون سيساعدنا أيضاً، في منع دخول المتسللين إلى إسرائيل مستقبلاً. هذه الأمور وأمور أخرى تحدث لأن قوانين الدولة أرست بقانون أساس الحريات الفردية فقط، من دون القيام بتوازن قانوني مع مقوماتنا القومية. ولهذا السبب قمنا بسن قانون القومية، بغية ضمان كون دولة إسرائيل ليست ديمقراطية فحسب، وإنما أيضاً الدولة القومية الخاصة بالشعب اليهودي وبه فقط. هذا الأمر يعتبر ضرورياً ليس فقط بالنسبة لجيلنا هذا، وإنما أيضاً بالنسبة للأجيال القادمة».
وعاد نتنياهو على محاولاته لشق صفوف الدروز قائلاً: «علاقاتنا العميقة مع أبناء الطائفة الدرزية والتزامنا حيالهم، تعتبر ضرورية أيضاً. ولذا سنشكل اليوم، لجنة وزارية خاصة ستعمل على تعزيز هذه العلاقات وهذا الالتزام. وفي موازاة ذلك، فإنها ستثمن أبناء جميع الأديان والطوائف الذين يخدمون في صفوف جيش الدفاع والأجهزة الأمنية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.