خطة إدارة ترمب لإغلاق «الأونروا» تعزز الشكوك في شطبها قضية اللاجئين

خطة إدارة ترمب لإغلاق «الأونروا»  تعزز الشكوك في شطبها قضية اللاجئين
TT

خطة إدارة ترمب لإغلاق «الأونروا» تعزز الشكوك في شطبها قضية اللاجئين

خطة إدارة ترمب لإغلاق «الأونروا»  تعزز الشكوك في شطبها قضية اللاجئين

عززت تقارير أميركية حول خطة إدارة الرئيس دونالد ترمب لشطب وكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، شكوك الفلسطينيين بأن الإدارة تخطط لشطب ملف اللاجئين نهائياً وتجريدهم من مكانتهم القانونية.
وأفادت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية بأن مستشار ترمب، وصهره المقرب جارد كوشنير، ينشط بهدوء منذ فترة طويلة من أجل إغلاق وكالة «الأونروا» التي تخدم ملايين اللاجئين الفلسطينيين في العالم.
واعتمدت المجلة على رسائل إلكترونية من كوشنير أرسلها إلى مسؤولين آخرين في الإدارة الأميركية، بينهم مبعوث ترمب الخاص للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، جاء فيها أنه «من المهم أن تتوفر جهود صريحة لعرقلة نشاط الأونروا»، وأيضاً: «هدفنا لا يمكن أن يكون الإبقاء على الأمور كما هي». واتهم كوشنير «الأونروا» بأنها «فاسدة وغير مفيدة ولا تسهم في عملية السلام».
وبحسب التقرير الأميركي، فإن خطة كوشنير هي جزء من مجهود واسع أكثر يبذله مسؤولو إدارة ترمب والكونغرس الأميركي لإلغاء مكانة اللاجئ الفلسطيني. وجاءت هذه التقارير في وقت طرح فيه السيناتور داغ لامبوران وآخرون في مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون، يتعلق بالمساعدات الأميركية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وينص على اعتماد عدد جديد للاجئين الفلسطينيين الذين تتولاهم الوكالة.
ويحدد الاقتراح عدد اللاجئين الفلسطينيين بنحو 40 ألفاً، بدلاً من نحو 5 ملايين لاجئ. ويرى مشروع القانون أن تعريف اللاجئ لا يتضمن سلالته إطلاقاً.
ويقول أصحاب مشروع القانون إن «الأونروا» تعتني بـ5.2 مليون لاجئ آخذة بعين الاعتبار أبناء اللاجئين وأحفادهم، غير أنه في حال عادت الوكالة إلى العدد الأصلي للاجئين الفلسطينيين من عام 1948، فإنها ستكون ملزمة بالاعتناء فقط بنحو 40 ألف لاجئ فلسطيني، وهذا يقلص إلى حد كبير نفقات الوكالة، وعليه يمكن منح المساعدات المالية وتحديد الميزانيات لها، وفقاً للعدد الجديد.
وتعنى «الأونروا» باللاجئين الفلسطينيين بشكل خاص، فيما تعنى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ببقية اللاجئين في العالم. وثمة فرق جوهري بين مفوضية اللاجئين التي تعتني بجيل واحد من اللاجئين و«الأونروا» التي تعتني بأبناء وأحفاد اللاجئين وسلالتهم كذلك. ويبدو أن إدارة ترمب تخطط لدمج «الأونروا» بمفوضية اللاجئين.
ونقل عن فيكتوريا كوتس، إحدى مستشاري غرينبلات البارزين، في رسالة إلى فريق الأمن القومي في البيت الأبيض، تأكيدها أنه يجري دراسة طريقة لإنهاء عمل الوكالة. وأضافت: «يجب على الأونروا أن تطرح خطة لحلها واندماجها في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة حتى نهاية ولايتها في عام 2019».
وكان هذه مثار نقاش خاضه كوشنير وغرينبلات مع مسؤولين عرب أثناء جولة سابقة قبل نحو شهرين في المنطقة.
وأكد مسؤولون فلسطينيون أن كوشنير ضغط على الأردن من أجل إنهاء الاعتراف بنحو مليون لاجي هناك في ضربة موجهة إلى «الأونروا».
وهاجمت الرئاسة الفلسطينية آنذاك الوفد الأميركي، وطالبته بالتخلص «من الوهم القائم على إمكانية خلق حقائق مزيفة، من خلال مناورات سياسية تسوق لتلك الأوهام، وتحاول تزييف التاريخ».
ويعتقد الفلسطينيون أن واشنطن تركز الآن على عزل قضايا مهمة عن النقاش مثل القدس واللاجئين، وإيجاد قيادة فلسطينية جديدة بديلة للحالية.
واتهم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، الموفدين الأميركيين صراحة بالعمل على «شطب» وكالة غوث وتشغيل اللاجئين وإزاحة «قضية اللاجئين» عن طاولة المفاوضات، ومحاولة الترويج لتغيير النظام السياسي في الضفة الغربية، وإسقاط القيادة الفلسطينية.
ونشرت «الشرق الأوسط» تصريحات عريقات تلك بعد لقائه بمسؤولين عرب نهاية يونيو (حزيران) الماضي. وقال عريقات عن كوشنير وغرينبلات إنهما «يريدان شطب الأونروا من خلال طرح تقديم المساعدات مباشرة للدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين، بعيداً عن الوكالة الأممية، إلى جانب ترتيب صفقة مالية لقطاع غزة بقيمة مليار دولار لإقامة مشاريع، أيضاً بمعزل عن الأونروا، وتحت ما يسمى حل الأزمة الإنسانية وكل ذلك من أجل تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين».
ويرفض الفلسطينيون أي مساس بمكانة وحقوق اللاجئين الفلسطينيون، ويقولون إن هذا الحق مقدس ولا يسقط بالتقادم. وتحاول السلطة الفلسطينية جلب دعم مالي لـ«الأونروا» في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها الوكالة الأممية.
وتعاني «الأونروا» عجزاً مالياً منذ سنوات، لكن وقف الولايات المتحدة مبلغ 300 مليون دولار للوكالة هذا العام، عقاباً للفلسطينيين، أدخل الوكالة الدولية في أزمة عميقة.
واستطاعت «الأونروا» جمع مبالغ من مانحين في الشهرين الماضيين بقيمة 238 مليون دولار، معلنة أنه تم تقليل العجز البالغ 446 مليون دولار ليصبح 217 مليون دولار لهذا العام فقط.
لكن لاحقاً، فصلت «الأونروا» 113 موظفاً على برنامج الطوارئ في قطاع غزة فصلاً نهائياً، وتستعد لفصل 156 موظفاً آخرين في الضفة الغربية كذلك ضمن خطة تقشف عامة بعد تراجع الدعم المالي الدولي للوكالة. وهدد اتحاد العاملين في «الأونروا» بإضراب مفتوح، معلناً بداية نزاع عمل إذا لم تتراجع الوكالة.
وفيما يجابه الفلسطينيون الخطة الأميركية، تدعمها إسرائيل بشكل كبير. وقال رئيس حزب «هناك مستقبل» يائير لابيد، أمس، إن إلغاء مكانة اللاجئين التي يتمتع بها الملايين من الفلسطينيين في أنحاء العالم، «خطوة مبرَّرة وضرورية ومنصفة». وفي تغريدة له على «تويتر»، قال لابيد إنه «لا يُعقل أن تُمنح مكانة لاجئ بالوراثة لطفل فلسطيني يولد في باريس أو في قطر». واستغرب لابيد أنه يوجد في العالم 5 ملايين لاجئ فلسطيني، قائلاً إن هذا هو إحدى الخدع الكبرى في التاريخ.

- الأردن يحذّر
وحذر وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، من التبعات الخطرة لاستمرار العجز المالي الذي تواجهه «أونروا». وشدد على ضرورة تكاتف جهود المجتمع الدولي لسد هذا العجز لتمكين الوكالة من الاستمرار في تقديم خدماتها كاملة للاجئين الفلسطينيين وفق تكليفها الأممي.
وأوردت وكالة الأنباء الأردنية «بترا» أمس، أن الصفدي استعرض في اتصال هاتفي مع المفوض العام للوكالة، بيير كرينبول، التحديات التي تواجهها «أونروا» والخطوات القادمة التي ستتخذها المملكة والوكالة لتوفير الدعم اللازم لها في إطار جهودهما المشتركة لضمان قدرتها على تقديم خدماتها التعليمية والصحية والإغاثية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملها الخمس.
وأكد الصفدي أن تمكين «أونروا» من الاستمرار في تقديم خدماتها مسؤولية دولية إزاء اللاجئين الذين تشكل قضيتهم إحدى أهم قضايا الوضع النهائي والتي يجب أن تُحلّ على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، خصوصاً قرار الأمم المتحدة رقم (194) ومبادرة السلام العربية، وبما يضمن حق اللاجئين في العودة والتعويض.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.