غوتيريش يطالب بمحاسبة المسؤولين عن {كيماوي سوريا}

دول غربية تلوح بمعاقبة دمشق إذا استخدمته

TT

غوتيريش يطالب بمحاسبة المسؤولين عن {كيماوي سوريا}

أسف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لأن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية «لا تزال غير قادرة على تسوية كل الثغرات» المتعلقة ببرنامج دمشق للأسلحة المحظورة دوليا؛ لأن السلطات في دمشق أخفقت في الإجابة على الأسئلة الموجهة إليها في هذا الشأن، مكررا مطالبته بـ«محاسبة المسؤولين» عن استخدام الغازات السامة في سياق الحرب السورية. فيما حذرت رئيسة مجلس الأمن للشهر الجاري المندوبة البريطانية لدى الأمم المتحدة كارين بيرس من أن الدول الغربية «سترد بشكل مناسب» على أي استخدام جديد لهذه الأسلحة.
واستمع أعضاء مجلس الأمن إلى إحاطة من نائب الممثلة العليا للأمم المتحدة لنزع الأسلحة توماس ماركام في شأن الأسلحة الكيماوية في سوريا. وقالت المندوبة البريطانية قبيل بدء الجلسة إن «مصلحتنا الجماعية المشتركة تقضي بأن نمنع استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا وأن ندعم الإجماع العالمي على أنه لا ينبغي أبدا استخدام هذه الأسلحة».
وأضافت أن «المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا اتخذت إجراءات منسقة سابقا هذه السنة ردا على هجوم مروع بالأسلحة الكيماوية شنه النظام السوري»، في إشارة إلى الضربات العسكرية التي وجّهتها هذه الدول ضد أهداف في سوريا، عقب استخدام الغازات السامة في دوما. وأكدت أن «الهدف كان تخفيف المعاناة الإنسانية الشديدة للشعب السوري عن طريق إضعاف قدرة النظام على استخدام الأسلحة الكيماوية وردعه عن استخدامها في المستقبل».
ورأت أن هذه الضربات «وجهت رسالة واضحة بشأن تصميمنا على الدفاع عن القاعدة الدولية ضد استخدام الأسلحة الكيماوية»، مؤكدة أن «موقفنا لم يتغير، وسنرد بشكل مناسب على أي استخدام آخر للأسلحة الكيماوية في سوريا». وذكّرت بأن مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيماوية «وضع ترتيبات عبر منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لتحديد المسؤولية عن هجمات الأسلحة الكيماوية في سوريا»، لأنه «لا يمكن لهؤلاء المسؤولين الإفلات من تحديد هويتهم». وتعهدت بـ«توفير العدالة لضحايا هذه الأسلحة».
وأحال غوتيريش إلى أعضاء مجلس الأمن التقرير الشهري الـ58 من المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية أحمد أوزومجو الذي أفاد أن المنظمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها «تحققت الآن من تدمير جميع المرافق الـ27 لإنتاج الأسلحة الكيماوية» في سوريا، معتبرا ذلك «خطوة مهمة نحو التنفيذ التام للقرار 2118» الذي اتخذه مجلس الأمن عام 2013.
وأوضح أن «مرفقي الإنتاج الأخيرين دمرا في 7 يونيو (حزيران) و23 منه»، مضيفا أن «الأمانة العامة أنجزت في 12 يوليو (تموز) الماضي عمليتي تفتيش في كلا الموقعين، وتحققت من أن كل المباني المعلن عنها سُويت بالأرض، ومن أن كامل الركام قد نُقل». وإذ حض على «ضرورة إغلاق كل القضايا العالقة» المتصلة بالإعلان الصادر عن السلطات السورية في شأن ترسانتها من الغازات المحظورة دولياً، لاحظ «مع الأسف المستمر» أن المنظمة «لا تزال غير قادرة على تسوية كل الثغرات أو أوجه عدم الاتساق أو أوجه التباين التي حددت»، داعيا دمشق إلى «إبداء تعاون تام مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لحل تلك القضايا».
ولفت إلى القرار الذي اتخذه في 27 يونيو (حزيران) 2018 مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستعمال الأسلحة الكيماوية وتدمير تلك الأسلحة، في دورته الاستثنائية الرابعة في المدينة الهولندية لاهاي، مشيرا إلى «القرار الذي يدعو، ضمن جملة أمور، إلى أن تضع الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية ترتيبات لتحديد هوية المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، وإلى أن يقدم أوزومجو إلى غوتيريش تقريرا منفصلا عن التنفيذ الأولي لذلك القرار، في غضون 30 يوما من اتخاذه». وشدد على أن «استخدام الأسلحة الكيماوية، من قبل أي طرف من الأطراف في النزاع، أمرٌ لا مبرر له وغير مقبول برمّته»، مؤكدا أن «هذه الانتهاكات العميقة للقانون الدولي لا يمكن أن تستمر من دون معالجة أو من دون حل، ويجب محاسبة المسؤولين عن هذه الأفعال».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.