انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب «الإجراءات الانتقامية» التي اتخذتها الصين ضد المزارعين الأميركيين. وقال وسط حشد من المؤيدين في ولاية فلوريدا أمس، إن «الصين ودولاً أخرى استهدفت مزارعينا... ليس جيداً»، مضيفاً «إنهم يستهدفون مزارعينا؛ لأنهم يدركون أنهم مصدر قوتنا». وأكد أن المزارعين الأميركيين يمكنهم تحمل الإجراءات الصينية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستفتح أسواقاً جديدة لمنتج فول الصويا الذي تم استهدافه من الصين لتعويض الخفض في الصادرات الأميركية.
من ناحية أخرى، يحث مستشارون بالبيت الأبيض الرئيس ترمب على زيادة مستوى التعريفات الجمركية المقترحة على واردات صينية بقيمة 200 مليار دولار، ورفعها من مستوى 10 في المائة إلى 25 في المائة؛ بهدف زيادة الضغط على بكين للجلوس على طاولة المفاوضات وقبول المطالب الأميركية.
ويبرر المدافعون عن اتخاذ موقف أكثر حدة مع الصين موقفهم بالانخفاض السريع في قيمة اليوان في الأشهر الأخيرة، والذي يقلل من القدرة التنافسية للصادرات الأميركية إلى بكين بسبب ارتفاع قيمة الدولار. وانخفض سعر اليوان بنسبة 6 في المائة مقابل الدولار منذ نهاية مايو (أيار) الماضي. وقال ديريك سكيسور، خبير في شؤون الصين في معهد «أميركان إنتربرايز»، ويقدم استشارات للإدارة الأميركية حول ملفات التجارة الخارجية: «بمجرد أن تسير في طريق استخدام التعريفات للتشويش على الصين، يجب أن تقول 25 في المائة بدلاً من 10 في المائة».
ويأتي الجدل حول مستويات الرسوم الجمركية في الوقت الذي لم تحقق فيه واشنطن بعد أي تقدم ملموس في تسوية نزاعها التجاري مع بكين. وذكرت تقارير صحافية، أن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين والمبعوث الصيني ليو هي يبحثان عقد اجتماع محتمل للتفاوض حول التجار وكسر الجمود التجاري الحالي، لكن المحادثات لا تزال في مرحلة أولية للغاية. وما زالت العروض الأولية التي قدمها الطرفان لا تشكل قاعدة صلبة لإجراء مزيد من المفاوضات، ويزعم كل منهما أن الطرف الآخر هو الذي يجب عليه القيام بالخطوة الأولى في التفاوض. ورفض ترمب الكثير من العروض التي قدمتها بكين لإنهاء النزاع التجاري بين البلدين، وكان معظمها يتعلق بزيادة مشتريات الصين من السلع الأميركية لتقليل العجز التجاري الذي يتخطى 300 مليار دولار مع الصين وحدها. ويرى ترمب أن جميع العروض التي قدمها الصينيون غير كافية. وتطالب الولايات المتحدة الصين بالتخلي عن السياسة الصناعية التي حولتها إلى قوة اقتصادية عملاقة.
وكانت الصين اقترحت شراء ما يقرب من 70 مليار دولار من المنتجات الزراعية الأميركية ومنتجات الطاقة وغيرها من المنتجات الشهر الماضي. واعتقدت بكين أنها قطعت بذلك العرض شوطاً طويلاً لتلبية مطلب ترمب بخفض العجز التجاري الثنائي بمقدار 200 مليار دولار. لكن ترمب رفض الاقتراح برمته. ويعتقد الصينيون، أن منوتشين لا يمكنه أن يبرم صفقة تجارية.
وتعتقد الإدارة الأميركية أنها عززت موقفها الأسبوع الماضي بتأمين اتفاق تجاري مؤقت مع الاتحاد الأوروبي. حيث اتفق الجانبان على استخدام منظمة التجارة العالمية للتعامل مع سرقة الملكية الفكرية، والضغط الحكومي على الشركات لنقل التكنولوجيا وتشغيل الصناعات المملوكة للدولة، في إشارة إلى المخالفات التجارية التي تقوم بها الصين.
وقال لورانس كودلو، مدير المجلس الاقتصادي الوطني، إن الصين في موقف صعب للغاية. وأضاف خلال مداخلة على شبكة «سي بي إس»، «أعتقد أن الصين معزولة». ولا تزال إدارة ترمب منقسمة بشدة حول أفضل الطرق للتعامل مع الصينيين، وهناك فريقان رئيسيان يتحركان في اتجاهين مختلفين. وذكر مسؤولون أميركيون أن الصقور في الإدارة الأميركية، بقيادة الممثل التجاري روبرت لايتهايزر، يعتقدون أن الصين لن تقدم تنازلات إلا إذا شعرت بوطأة الرسوم الجمركية الثقيلة.
في المقابل، يرى الفريق الداعم لحرية التجارية، بقيادة وزير الخزانة منوتشين، أن التعريفات الجمركية ليست الحل الأمثل للتوصل لحلول تجارية مع الدول. ويسعى هذا الفريق للبحث عن حلول لا تشمل التعريفات الضخمة؛ تخوفاً من أن تلك الرسوم، وما يقابلها من تعريفات انتقامية صينية على السلع الأميركية، يمكن أن تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة وتؤثر على الأسواق المالية.
جدل في إدارة ترمب حول جدوى زيادة الرسوم الجمركية على واردات الصين
جدل في إدارة ترمب حول جدوى زيادة الرسوم الجمركية على واردات الصين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة