الحوثيون يحكمون سيطرتهم على مقر اللواء 310 بعمران

تصفية عدد من قادة وضباط الجيش.. وإدانات محلية وإقليمية ودولية لـ«العدوان»

يمنية نازحة مع طفلها هربت من مناطق الاشتباكات في محافظة عمران (إ.ب.أ)
يمنية نازحة مع طفلها هربت من مناطق الاشتباكات في محافظة عمران (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يحكمون سيطرتهم على مقر اللواء 310 بعمران

يمنية نازحة مع طفلها هربت من مناطق الاشتباكات في محافظة عمران (إ.ب.أ)
يمنية نازحة مع طفلها هربت من مناطق الاشتباكات في محافظة عمران (إ.ب.أ)

أحكمت جماعة الحوثي المسلحة سيطرتها على محافظة عمران بشمال اليمن، بعد اقتحامها لمقر اللواء العسكري الوحيد في المحافظة والاستيلاء عليه بالقوة العسكرية وتصفية عدد من قادته وضباطه ميدانيا، وسط إدانات محلية ودولية.
وبعد ساعات على سيطرتها على مدينة عمران، عاصمة المحافظة والاستيلاء على كافة المباني والمنشآت الحكومية والعامة والمعسكرات، هاجمت ميليشيا الحوثي معسكر «اللواء 310 مدرع» المرابط في المدينة وقامت بقتل وتصفية عدد من قياداته وضباطه وجنوده وإعدامهم والاستيلاء على المعدات والآليات العسكرية.
وأدت الخطوات العسكرية والميدانية التي أقدم عليها الحوثيون إلى ردود فعل محلية ودولية منددة باستخدام القوة لفرض أجندة سياسية بما يتعارض والتسوية السياسية، ففي الداخل حملت اللجنة الرئاسية التي شكلها الرئيس عبد ربه منصور هادي، في وقت سابق، لحل المشكلة القائمة في عمران، جماعة الحوثي كامل المسؤولية عن تدهور الأوضاع في عمران واتهمتهم بـ«مهاجمة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والاستيلاء عليها من قبل الجماعات المسلحة من الحوثيين، مما أسفر عن مقتل عدد من المواطنين الآمنين وتدمير للممتلكات العامة والخاصة» وقالت اللجنة، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن جماعة الحوثي أخلت بالاتفاق الذي أبرم قبل أن يجف مداده، حيث تم الاتفاق على أن «تتمركز الشرطة العسكرية في معسكر اللواء 310 فيما ينسحب الحوثيون من كافة المؤسسات والمنشآت الحكومية في المحافظة مقابل الخروج الآمن للواء وقيادته، لكنهم لم يلتزموا بما تم الاتفاق عليه وقاموا بمهاجمة معسكر اللواء وارتكبوا أعمالا مروعة زادت من تأجيج التوتر والاقتتال وترويع المدنيين».
وقال البيان إن اللجنة الرئاسية «تحمل جماعة الحوثي كامل المسؤولية عن الأحداث والتطورات المأساوية التي شهدتها المحافظة وما قد يترتب عليها من تداعيات تهدد أمن واستقرار الوطن، وتعد ذلك عدم التزام بالاتفاقات السابقة ومخرجات الحوار الوطني»، وفي السياق ذاته، حملت اللجنة الأمنية العليا، وهي أعلى هيئة أمنية في اليمن، جماعة الحوثي مسؤولية ما جرى في عمران وطالبتهم بـ«إخلاء كل المرافق والمصالح الحكومية والمقرات الأمنية والعسكرية والخاصة التي تم احتلالها من قبل العناصر الحوثية، خروج كافة العناصر المسلحة من مدينة عمران ممن هم من غير أبناء المحافظة وبإعادة كل المنهوبات التي تم نهبها من مقرات الدولة ومعسكراتها بالمحافظة».
وفي سياق ردود الفعل الإقليمية والدولية، عد مجلس التعاون الخليجي ما حدث في محافظة عمران «عدوانا»، وقال الدكتور عبد اللطيف الزياني، أمين عام المجلس في اتصال أجراه مع الرئيس عبد ربه منصور هادي إن مجلس التعاون يدين «عدوان جماعة الحوثي على محافظة عمران وعدم الالتزام بالاتفاقات المبرمة الداعية إلى التهدئة ووقف إطلاق النار وتجنيب اليمن ويلات سفك الدماء البريئة والزكية»، وأكد الزياني على أن «هذا العدوان يمثل خروجا صارخا عن مخرجات الحوار الوطني الشامل»، وأن مجلس التعاون يطالب بـ«ضرورة الالتزام بالإجماع الوطني الذي تمثله مخرجات الحوار الوطني الشامل لأجل اليمن الجديد والمستقبل الجديد وتجاوز كافة التحديات لما من شأنه ضمان أمن واستقرار وسلامة اليمن وكذا ضرورة مراعاة الحرمات والحقوق العامة والخاصة والكف عن العدوان»، وشدد الزياني على «ضرورة عودة جماعة الحوثي إلى محافظة صعدة وتجنب التحدي والغرور باعتبار ذلك مرفوضا من اليمن والمجتمع الدولي».
وفي السياق ذاته، دان مجلس الأمن الدولي مهاجمة الحوثيين لمدينة عمران والاستيلاء عليها والإخلال باتفاقات وقف إطلاق النار والتهدئة، ونقل إدانة المجلس المستشار والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، جمال بنعمر، عبر اتصال هاتفي أجراه مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أكد فيه المبعوث الأممي أن مجلس الأمن الدولي «يعد أن ذلك العدوان يمثل خروجا سافرا على مخرجات الحوار الوطني الشامل ويتناقض ذلك مع الاتفاقات المبرمة من خلال اللجنة الرئاسية والمساعي الحميدة والوطنية التي يبذلها الرئيس عبد ربه منصور هادي من أجل تجنيب البلاد ويلات التعصب المناطقي أو المذهبي أو الجهوي وحقن الدماء البريئة»، وقال: إن المجلس «يحمل جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عما يترتب على ذلك وضمان الممتلكات الحكومية العامة والخاصة وإعادة جميع المعدات والأسلحة والمعدات وعدم العبث بمقدرات الوطن الأرض والإنسان»، كما «يحملهم المسؤولية كاملة عن أي تعارض لذلك وستكون جماعة الحوثي هي المسؤولة عن كل ما جرى وستحاسب على كل ما ارتكبته»، وشدد مجلس الأمن على «ضرورة عودة جماعة الحوثي الذين هم من خارج المحافظة إلى محافظة صعدة مع ترك الأسلحة والمعدات وكافة الممتلكات العامة والخاصة»، هذا ومن المتوقع أن يعقد المجلس جلسة طارئة خلال الساعات القليلة المقبلة لبحث تطورات الأوضاع في اليمن.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.