لم تستبعد قيادات كردية سورية إمكانية أن تقود التفاهمات المحدودة بينها وبين الحكومة السورية في هذه المرحلة إلى تعاون عسكري مشترك لتحرير مناطق الشمال السوري بما في ذلك المناطق التي تسيطر عليها تركيا بشكل مباشر أو غير مباشر.
ورغم قوله إن الهدف الأساسي للدخول في تفاهمات مع الحكومة السورية لم يكن موجها ضد تركيا بالأساس، أشار صالح مسلم، الرئيس السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، إلى وجود إمكانية كبيرة للقبول بتعاون عسكري في هذا الإطار.
وقال مسلم في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية: «لا يمكن أن نقبل أن يظل هناك جزء محتل من أرض سوريا، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة. لا بد من إنهاء هذا الوضع وتحرير جميع الأراضي. وقد نتعاون مع النظام عسكريا من أجل تحرير أراضينا من الاحتلال التركي».
وشدد: «المسألة ليست أنهم سيساعدوننا في عفرين (التي سيطر عليها مسلحون مدعومون من تركيا بعد مواجهات مع قوات كردية) مقابل مساعدتنا لهم في إدلب (التي أعلنت الحكومة السورية أنها ستتوجه إليها قريبا لتحريرها من المسلحين الذين يسيطرون عليها والموالين لتركيا)... إنما المسألة هي أننا سنعمل جنبا إلى جنب إذا ما تم إنضاج التفاهمات الراهنة... الجميع يتذكرون أنه قبل سقوط عفرين دعونا النظام السوري للتدخل بالمعركة حفاظا على السيادة السورية ولكنه للأسف تخاذل في الدفاع عن المدينة... ولكننا متمسكون بحقنا في الدفاع عن أراضي سوريا وعن سيادتها».
واستنكر التساؤلات التي تركزت حول ما إذا كانت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي يشكل المسلحون الأكراد أبرز مكون فيها، وذراعها السياسية «مجلس سوريا الديمقراطية»، قد استشارا واشنطن قبل بدء التفاوض مع النظام السوري، وشدد: «قرارنا السياسي بيدنا وليس بيد أحد... وعندما رأينا وجود مناخ مناسب لبدء المفاوضات باشرنا الأمر... يجوز أن نبلغ الأميركيين أو الروس بخطواتنا، وهذا ما حدث، ولكنه كان مجرد إبلاغ، دون انتظار قرار بالموافقة على الخطوة في حد ذاتها من عدمه».
ونفى أن تكون التغيرات الميدانية على الساحة السورية أو ما يتم رصده من رغبة الولايات المتحدة بالانسحاب من المشهد السوري هو ما قاد الأكراد للتفاهم مع النظام من أجل الاحتفاظ بمكاسبهم وضمان مكان لهم في أي مفاوضات تتعلق بمستقبل البلاد، وقال: «الأمر لا يرتبط بأي تطورات. فقد كنا دعاة حوار منذ البداية، ولكن الطرف الحكومي هو من كان يعارض، وكان مترددا في اتخاذ هذه الخطوة لحسابات خاصة به. ولكن عندما أعربوا عن رغبتهم... بدأ الأمر وذهب وفد يضم مكونات سوريا الديمقراطية كافة، لا الأكراد فقط، بل العرب والسريان، إلى دمشق للتفاوض... فقد وصلت الأزمة السورية لمرحلة تتطلب جلوس كل الأطراف السورية مع بعضها بعضاً».
وحول إمكانية التخلي عن مناطق الإدارة الذاتية التي أنشأها الأكراد بالشمال السوري إذا ما اشترط النظام ذلك، قال مسلم: «الجميع، وفي مقدمتهم النظام، يعلمون أن سوريا لا يمكن أن ترجع لسابق عهدها، وأنه لا بد من وجود سوريا جديدة بدستور وقوانين جديدة... وطبقا للوفد الذي زار دمشق، فقد وعد النظام بأن يكون هناك نظام حكم لا مركزي، وإن كنا لا نعرف بعد ملامح هذا الشكل اللامركزي... هناك تجارب كثيرة مطبقة حول العالم، ولا نعلم في الواقع إلى أي نموذج ستقودنا المفاوضات... ولكننا نقول إن لدينا مشروعنا للإدارة الذاتية الديمقراطية وقد يحظى بقبول إذا ما تم عرضه».
وشدد: «التسميات لن تكون مشكلة... المهم هو تطبيق نظام حكم لا مركزي يعطي الجميع حقوقه الديمقراطية».
ولفت إلى أن القضايا الشائكة مثل مستقبل سلاح «قسد» ومسلحيها والنفط ستكون مطروحة للتفاوض. وقال: «وضع قوات قسد ومستقبلهم سيكون مطروحا للنقاش. وعلى أي حال، نحن نتحدث عن ما يقرب من 70 ألف عنصر من أبناء سوريا، ولا بد من إيجاد صيغة لدمجهم بالمنظومة الدفاعية لسوريا... أما الثروات النفطية فهي ملك لكل السوريين».
من جانبها، أكدت إلهام أحمد، رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، أن مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا كان لها دورها المهم منذ تأسيسها 2013.
وقالت إلهام أحمد، التي ترأست وفد المجلس لدمشق مؤخرا: «ليس من السهل التخلي عن مناطق الإدارة الذاتية... والأمر يحتاج لمناقشة مستفيضة حول الوضع السوري بأكمله وتحديدا نظام الحكم».
ورغم أنها لم تستبعد التوصل إلى تعاون عسكري مع الحكومة السورية، فقد شددت على أن الدخول في تفاهمات مع النظام لم يكن يستهدف تركيا.
ونفت أحمد أن يكون اللقاء الذي جمعها وممثلين عن الحكومة بدمشق قد تطرق في أي حال لملف المعتقلين بين الطرفين وإمكانية وجود تبادل بينهما.
كما نفت أن يكون تم التطرق إلى المطالبة بتسليم قيادات «داعش» المعتقلة بسجون الإدارة الذاتية للحكومة، وقالت: «قيادات داعش جميعها موجودة بسجون الإدارة الذاتية ولم يتم تسليمها لا للنظام ولا للولايات المتحدة ولا لأي طرف... هم بحوزتنا ولن نسلمهم إلا لدولهم إذا طلبت ذلك، وسيتم هذا بشكل رسمي وعلى مرأى ومسمع من العالم كله».
أما رئيس حزب «سوريا المستقبل» إبراهيم القفطان فأكد أن شكل الحكم المتوقع لسوريا بعد الأزمة ينبغي أن يكون «نظاما ديمقراطيا تعدديا ليس مركزيا، يضمن حقوق الشعب السوري بكل مكوناته».
ويُنظر لحزب «سوريا المستقبل» على أنه امتداد لحزب الاتحاد الديمقراطي، إلا أنه مفتوح للجميع من عرب وأكراد وتركمان وغيرهم.
وقال القفطان، الذي كان أيضا عضوا بوفد التفاوض في دمشق: «لا نزال بمرحلة التفاهمات الأولية. واللقاء الذي تم ركز على موضوع الخدمات ولم يتطرق للأمور العسكرية... لكن الأمور مفتوحة من أجل التفاهم على المواضيع السياسية والدستور، ويمكن أيضا أن نصل إلى تفاهمات عسكرية».
قيادات كردية مستعدة لـ«تعاون عسكري» مع النظام ضد تركيا
قيادات كردية مستعدة لـ«تعاون عسكري» مع النظام ضد تركيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة