بعد 23 عاماً أمضاها راعياً لكنيسة صغيرة للبروتستانت في إزمير (غرب تركيا)، وجد القس الأميركي أندرو برونسون نفسه محاطاً باتهامات خطيرة تتعلق بدعم الإرهاب والارتباط بحركة «الخدمة» التابعة للداعية التركي المقيم في أميركا فتح الله غولن، الذي تتهمه السلطات بتدبر محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في منتصف يوليو (تموز) 2016، وكذلك حزب العمال الكردستاني (المحظور)، إلى جانب اتهامات بالتجسس السياسي والعسكري.
وتصل العقوبات في الاتهامات الموجهة إلى برونسون، الذي ولد عام 1968 ووالد طفلين ولدا في تركيا وكان يتأهب للتقدم بطلب إقامة دائمة في تركيا، إلى السجن لمدة 35 عاماً حال إدانته. وعمقت قضيته من التوتر بين واشنطن وأنقرة، وأصبحت محل مساومات لمقايضته بغولن المقيم في بنسلفانيا منذ العام 1999.
أُلقي القبض على برونسون، الذي يتبع كنيسته 25 شخصاً فقط، في 9 ديسمبر (كانون الأول) 2016، وظل قيد الحبس الاحتياطي منذ ذلك الوقت. وأغضب احتجاز برونسون الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي طالب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أكثر من مرة بالإفراج عنه، ووصفه بالأب المسيحي الطيب.
وبعد 3 جلسات استماع في إطار قضية برونسون، قررت محكمة في إزمير الإفراج عنه مع وضعه تحت الإقامة الجبرية في منزله، وهو قرار أغضب واشنطن بشدة ودفع ترمب إلى التهديد بفرض عقوبات شديدة على تركيا.
واقترح إردوغان في سبتمبر (أيلول) العام الماضي الإفراج عن برونسون إذا سلمت واشنطن، غولن، في صفقة تبادل، لكن واشنطن رفضت المقترح وتضغط لإطلاق سراح القس.
وفي إطار سعيها لإعادة برونسون إلى وطنه، أسقطت السلطات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) وفبراير (شباط) جميع الاتهامات التي وجهتها إلى 11 حارساً من الحراس الشخصيين لإردوغان اتهموا بمهاجمة محتجين خلال زيارة الرئيس التركي لواشنطن العام الماضي.
وورد في لائحة الاتهام ضد برونسون أنه كان يعرف الأسماء المستعارة لقياديين من حركة غولن والتقاهم، وألقى خطابات تحرض على الانفصالية، وتتضمن ثناءً على حزب العمال الكردستاني وحركة غولن في كنيسة ديريلش بإزمير. كما وجهت اللائحة له تهمة «إجراء دراسات ممنهجة في المناطق التي يقطن فيها الأكراد خصوصاً»، وتأسيس «كنيسة المسيح الكردية» التي استقبلت مواطنين من أصول كردية فقط في إزمير.
وأشارت اللائحة إلى العثور على صور ضمن مواد رقمية تخص برونسون، تظهر حضوره اجتماعات لحركة غولن، وأخرى فيها رايات ترمز إلى «العمال الكردستاني»، كما توجه مراراً إلى مدينة عين العرب (كوباني) شمال سوريا، التي تنشط فيها «وحدات حماية الشعب» الكردية، وقضاء سوروج في شانلي أورفا المحاذي لتلك المدينة السورية، وذلك في إطار الاستراتيجية العامة لحزب العمال الكردستاني.
واحتوت اللائحة على رسالة بعثها برونسون إلى أحد المسؤولين العسكريين الأميركيين، يعرب فيها عن حزنه لفشل محاولة الانقلاب في تركيا، ورسالة كانت على جوَّاله تقول: «كنا ننتظر وقوع أحداث تهز الأتراك، وتشكلت الظروف المطلوبة لعودة عيسى، ومحاولة الانقلاب صدمة، والكثير من الأتراك وثقوا بالعسكر كما السابق، وأعتقد أن الوضع سيزداد سوءاً، وفي النهاية نحن سنكسب».
وذكرت لائحة الاتهام أن «أنشطة برونسون التي يقوم بها تحت غطاء كونه رجل دين لا تتوافق مع صفته راهباً».
القس برونسون... من راعي كنيسة تركية إلى متهم بالإرهاب والتجسس
القس برونسون... من راعي كنيسة تركية إلى متهم بالإرهاب والتجسس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة