يثير مخاوف السوريين وسخطهم تزايد انتشار ظاهرة الملثمين في المناطق «المحررة»، إذ تعمد مجموعات ملثمة إلى ممارسة عمليات خطف وسرقة وتصفيات جسدية بحق السكان المدنيين. مما دفع عددا من الناشطين إلى إطلاق حملات للقضاء على هذه الظاهرة، مطالبين «الهيئات الشرعية» والكتائب القوية في الجيش «الحر» بملاحقة المجموعات الملثمة وتوفير الأمن.
وبدأت ظاهرة الملثمين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بمدينة حلب، بـ«وجود أشخاص يعملون كمخبرين مع الهيئات الشرعية، يدلونها على المجرمين والسارقين»، بحسب ما يؤكده عضو مجلس قيادة الثورة في المدينة، ياسر النجار لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن «هذه الظاهرة سرعان ما باتت من دون ضوابط، وأصبح أي شخص يغطي وجهه لتبرير القيام بأعمال غير قانونية».
وبحسب النجار، فإن «مجموعات بأكملها يعمد أفرادها إلى التلثم لسرقة المحلات التجارية وخطف الناس وترويعهم في بيوتهم»، مرجحا أن «تشكل الهيئات الشرعية في حلب بأقرب وقت جهاز شرطة منظم، من دون أي وجود عناصر ملثمة في صفوفه، الأمر الذي سينعكس إيجابيا على الناس».
وكان ناشطون معارضون أطلقوا حملة «من أنتم؟»، للقضاء على ظاهرة الملثمين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، مطالبين الهيئات الشرعية والفصائل العسكرية القوية التابعة للجيش الحر، بالعمل على ملاحقة هذه الجماعات المجهولة.
وكتب على عدد من جدران المباني في المناطق المحررة عبارات: «من أنتم؟ شبيح، أمن»، وذُيلت الكتابات بعبارة «معا للقضاء على ظاهرة اللثام في المناطق المحررة».
ونقلت مواقع المعارضة عن أحد القائمين على الحملة قوله إن «الحملة جاءت بعد تكرار حوادث القتل والخطف من قبل مجهولين لناشطين ومدنيين وقادة كتائب في مناطقنا التي حررناها على مدى ثلاثة أعوام، ومن المعيب أن يتخفى البعض وراء قطعة من القماش ليرتكب من خلالها أفظع الجرائم، بعد أكثر من ثلاثة أعوام على تحرر مناطقنا من حكم الطاغية الأسد (الرئيس السوري)».
كما خرجت مظاهرة في مدينة سراقب بريف إدلب ضد ظاهرة الملثمين، وذلك بعد اقتحامهم المنتدى الاجتماعي، ومكتب مشروع التكافل الاجتماعي، إضافة إلى منزل كان يقطنه صحافيون دنماركيون. وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها عبارات، مثل «لا للملثمين في مدينتنا».
من ناحيته، يساهم النظام السوري بانتشار ظاهرة الملثمين عبر ما يسمى «قوات الدفاع الوطني»، وهي ميليشيات تقاتل إلى جانب القوات النظامية، إذ يؤكد الناشط في لجان التنسيق المحلية في سوريا، ميرال أمادورا لـ«الشرق الأوسط»، أن «معظم عناصر هذه القوات في محافظة الحسكة تنتمي إلى العشائر العربية ما يدفعهم إلى التلثم وإخفاء هوياتهم، لأن العمل مع النظام بالنسبة إلى عشائرهم أمر معيب».
ويوضح أمادورا أن «ملثمي النظام ينتشرون في معظم مناطق الحسكة والقامشلي، إضافة إلى سيطرتهم الكاملة على منطقة العزيزة في الحسكة».
ولا ينفي الناشط المعارض أن «يكون بعض المجموعات الملثمة تتبع للمعارضة»، جازما في هذا الإطار أن «هذه المجموعات لها ميول إسلامية»، إذ يتهم أمادورا «المقاتلين الجهاديين الذين توافدوا إلى سوريا بقصد الجهاد بتعميم هذا الظاهرة»، قائلا: «هم أول من قام باعتماد اللثام لتنتشر الظاهرة لاحقا وتزرع الفوضى في مناطق المحررة».
يذكر أن الجماعات الملثمة غالبا ما تستهدف في عملياتها الصحافيين والإعلاميين، وآخرهم الناشط الإعلامي محمد سعيد الذي قتل في مدينة حريتان بريف حلب، على يد مسلحين ملثمين. كما خُطف الإعلامي لؤي أبو الجود قبل أسابيع من قبل مجموعة ملثمة. وفي حالات كثيرة يصعب تحديد الجهة القاتلة أو الخاطفة، حيث يعمد الملثمون في تنفيذ هذه العمليات إلى عدم إظهار أي إشارة قد تشير إلى هويتهم.
ظاهرة «الملثمين» تثير الرعب في المناطق «المحررة»
ابتدعها جهاديون أجانب.. وأبرز ضحاياها صحافيون
ظاهرة «الملثمين» تثير الرعب في المناطق «المحررة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة