قدم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان دعمه للاعب كرة القدم الألماني من أصل تركي المحترف في صفوف آرسنال الإنجليزي مسعود أوزيل، قائلاً إن المعاملة التي لاقاها في ألمانيا بعد الخروج من كأس العالم كانت «عنصرية وغير مقبولة». وقال إردوغان إنه تحدث، الليلة قبل الماضية، إلى أوزيل هاتفياً، واصفاً إعلانه اعتزال اللعب الدولي في المنتخب الألماني بأنه «سلوك يستحق أقصى درجات الإعجاب»، وتابع: «مثل هذه المعاملة التي لاقاها شاب قدم كل ما لديه للمنتخب الألماني بسبب معتقداته الدينية.. غير مقبولة»، مشيراً إلى أنه اتصل به ليحيي قرار انسحابه من المنتخب الألماني لكرة القدم.
وواصل: «لقد تحدثت معه مساء أمس (الاثنين). لم يستطيعوا هضم صورة له معي. إني أدعم تصريحات مسعود أوزيل... المقاربة العنصرية تجاه شاب تبلل كثيراً بالعرق بقميص المنتخب الوطني الألماني، من أجل نجاحه، هي بكل بساطة غير مقبولة». وأعلن أوزيل، الأحد، اعتزاله اللعب دولياً مع المنتخب الألماني، واتهم في بيان رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم، راينهارد غريندل، النائب المحافظ بالبرلمان الألماني سابقاً، بممارسة العنصرية ضده، ليكسر صمتاً التزمه منذ أن أثارت صورة جمعته وزميله تركي الأصل أيضاً (إيلكاي غوندوغان) مع إردوغان في مايو (أيار) الماضي، وسط زخم حملة انتخابات الرئاسة والبرلمان المبكرة التي شهدتها تركيا في 24 يونيو (حزيران) الماضي، ما أثار أسئلة حول ولائه لألمانيا قبل نهائيات مونديال روسيا 2018. وكتب أوزيل في بيان مطول من 3 أجزاء عبر «تويتر»: «بقلب مفعم بالأسى، وبعد كثير من التفكير بسبب الأحداث الأخيرة، لن أعود لألعب على المستوى الدولي ما دمت أشعر بهذه العنصرية وعدم الاحترام تجاهي».
وأضاف أوزيل (29 عاماً): «لن أكون، بعد الآن، كبش فداء لغريندل (رئيس الاتحاد الألماني) بسبب عدم كفاءته، وعدم قدرته على القيام بعمله بشكل صحيح... في نظر غريندل وأنصاره، أنا ألماني عندما نفوز، لكنني مهاجر عندما نخسر... هل ذلك لأنني تركي أم لأنني مسلم؟».
وأشعل بيان أوزيل اهتماماً رسمياً وشعبياً واسعاً في تركيا، وأشادت أنقرة برد أوزيل على ما وصفته بـ«العنصرية»، واعتزاله اللعب في صفوف المنتخب الألماني بعد أن دافع عن ألوانه في 92 مباراة، سجل خلالها 23 هدفاً، وساعد في إحراز 33 هدفاً، وساهم في قيادته قبل 4 أعوام للقبه العالمي الرابع في تاريخه. وغرد وزير العدل التركي عبد الحميد غل على «تويتر» قائلاً: «أهنئ مسعود أوزيل الذي سجل بقراره ترك المنتخب الألماني أجمل هدف ضد فيروس الفاشية».
وأجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اتصالاً هاتفياً مع أوزيل، عبر خلاله عن دعم تركيا له.
وقال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم المتحدث باسم الحزب، ماهر أونال، إن قرار اعتزال مسعود أوزيل اللعب مع المنتخب الألماني «في محله، ومحق فيه بالكامل».
وأضاف في مؤتمر صحافي بمقر الحزب، عقب اجتماع للجنة المركزية والمجلس التنفيذي برئاسة إردوغان، مساء أول من أمس: «مع الأسف، هناك أزمة في الصراع مع القيم العالمية التي بني عليها الاتحاد الأوروبي، وهذا الوضع يزعجنا للغاية»، وأشار إلى أن «الاتحاد الأوروبي ينتهج ممارسات تجعل قيم الإنسان الأساسية والقيم العالمية التي بني عليها خاضعة للعنصرية والتمييز».
وأعلن المفتش العام التركي شرف مال كوتش أنه يعتزم توجيه دعوة لعدد من المؤسسات والشخصيات الألمانية لاتخاذ موقف تجاه الخطابات العنصرية التي تعرض لها اللاعب الألماني من أصول تركية مسعود أوزيل. وتتبع مؤسسة التفتيش العام التركية للبرلمان، ومهمتها التحقق من التزام إدارات الدولة بالعمل وفق القوانين، وبما يتناسب مع حقوق الإنسان. وفي الجانب الألماني، أدان الاتحاد الألماني لكرة القدم، جملة وتفصيلاً، تصريحات أوزيل، فيما أعلنت المتحدثة باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن الأخيرة تحترم قرار اللاعب، مضيفة: «المستشارة تعتز بمسعود أوزيل كثيراً. إنه لاعب كرة قدم ساهم بالكثير لصالح المنتخب الوطني. اتخذ الآن قراراً يجب احترامه»، لكن وزيرة العدل كاتارينا بارلي أعلنت أنه «إنذار للجميع عندما يشعر لاعب مثل مسعود أوزيل بأنه غير مرغوب فيه بسبب العنصرية، ويشعر أن الاتحاد الألماني لا يمثله». ولم يكن مدرب المنتخب الألماني يواكيم لوف على علم مسبق بأن أوزيل سيعلن اعتزاله، حسب تصريحات لوكيل أعماله نشرتها أمس صحيفة «بيلد» الألمانية واسعة الانتشار. وقال هارون أرسلان، وكيل أعمال لوف: «لا المدرب ولا أنا! لم نبلغ بأمر الاعتزال مسبقاً»، مشيراً إلى أن المدرب كان في إجازة في سردينيا عندما علم الأحد، كما الجميع، وعبر الإنترنت، بالتصريحات التي أدلى بها أوزيل. ويعد أوزيل من الجيل الثالث من المهاجرين الأتراك إلى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وكان أول من حصلوا على الجنسية في عام 1995 في عمر السبع السنوات، وارتدى قميص منتخب ألمانيا في 92 مباراة، وكان عنصراً مهماً في كأس العالم 2014، وأحد أفضل صناع اللعب في الدوري الإنجليزي لكرة القدم.
وتفجرت مشكلة أوزيل قبل كأس العالم 2018، حين ظهرت له صورة مع إردوغان استغلتها أحزاب يمينية ألمانية في شن حملة كبيرة على صانع ألعاب المنتخب على مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يتدخل الاتحاد الألماني لمساندة أوزيل قبل مونديال روسيا، خصوصاً أن رئيس الاتحاد راينهارد غريندل هو نفسه الذي صرح عام 2004 بأن وجود منتخب متعدد «الجنسيات والثقافات هو كذبة»، لكن فوز ألمانيا بمونديال 2014 بعدها بـ10 سنوات كان كافياً لتأكيد خطأه. وقال أوزيل في بيان اعتزاله: «عندما حاولت أن أشرح لغريندل تراثي وأصلي، وبالتالي السبب وراء تلك الصورة، كان أكثر اهتماماً بالحديث عن آرائه السياسية، والتقليل من رأيي». وتحول أوزيل إلى كبش فداء بسبب صورته مع إردوغان، بينما ابتعد الانتقاد عن لوف المدير السيئ، تكتيكياً وفنياً، وحملت المسؤولية لأداء أوزيل.
إردوغان يدعم أوزيل ويعتبر ما تعرض له «عنصرية غير مقبولة»
بعد إعلانه اعتزال اللعب للمنتخب الألماني بسبب أزمة صورته مع الرئيس التركي
إردوغان يدعم أوزيل ويعتبر ما تعرض له «عنصرية غير مقبولة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة