«الفن أواخر الليل»... معرض في لبنان يذهب إلى المصطافين في منتجعاتهم

20 فناناً اصطحبهم غاليري «أليس مغبغب» إلى فقرا

لوحة نيقولا تورت عن الليل
لوحة نيقولا تورت عن الليل
TT

«الفن أواخر الليل»... معرض في لبنان يذهب إلى المصطافين في منتجعاتهم

لوحة نيقولا تورت عن الليل
لوحة نيقولا تورت عن الليل

افتتح معرض «الفن في أواخر الليل»، أعماله في La Boîte Faqra Club. يشارك فيه 20 فنانا معاصرا، بمواكبة موسيقية للـ«دي جيه ميديا» عازوري.
يتمحور المعرض الذي يشكّل جزءاً من حدث شامل بعنوان «ألف ليلة وليلة، ألف عمل وعمل» وبتنسيق من «غاليري أليس مغبغب»، على الليل ويستمد منه الإلهام انطلاقاً من كل المشاعر التي يفجّرها. فيشتمل بذلك على مجموعة واسعة وغنية من القطع الفنية التي ترتكز على سلسلة طويلة من الوسائط والأعمال التي تتراوح بين الرسوم والمنحوتات والصور الفوتوغرافية والفنون التصويرية وصولاً إلى الفيديو والتجهيز والأعمال الخزفية المعاصرة.
تُعرض القطع الفنية بطريقة مبتكرة ومنسجمة مع المكان، فيستهل الزوار رحلتهم عند مدخل «أوبرج فقرا»، من ثم تتواصل الخطوات على امتداد الطبقة الأرضية عبر الصالونات، قبل أن تتجه نزولا إلى ردهة الاستقبال بعدما تحولت إلى قبة فلك مزدانة بالنجوم. ختاما، يصل الزوار إلى ساحة الرقص التي تتوسطها «شجرة الليل» المتلألئة، فيما يكشف ستار أسود مفتوح جزئيا عن مدخل قاعة البلياردو حيث السماء المظلمة مرصعة بكوكبة من النجوم.
من بين الفنانين المشاركين في الحدث: هنيبعل سروجي (لبنان)، وتاكايوشي ساكابيه (اليابان)، وزينه الإدلبي (سوريا)، وجان جيريل (فرنسا)، وفرنسوا سرغولوغو (لبنان)، ونيقولا تورت (فرنسا)، وعزة أبو ربيع (سوريا)، وأندره هوشر فتال (لبنان)، وسامويل كوازن (بلجيكا)، وجيلبير الحاج (لبنان)، وشارل بيل (فرنسا)، وجيل ماريه (فرنسا)، وملغورزاتا باشكو (بولندا)، ونانسي دبس حداد (لبنان)، وإيتل عدنان (لبنان)، وإيما رودجرز (المملكة المتحدة)، ويوكو فوكوشيما (اليابان)، ولوسيانو زانوني (إيطاليا).
من جانبها، قالت أليس مغبغب كرم منسقة الحدث: «غذّى موضوع الليل مخيلات كثير من الفنانين على مر قرون، من حكايات (ألف ليلة وليلة) في القرن الثامن إلى كتاب (الساعات الفنية للدوق دوبيري) من تأليف الأخوين ليمبورغ بين 1412 - 1416 وسواها الكثير».
يذكر أنّ هذا المعرض الجماعي يقام في موازاة سلسلة مؤتمرات وعروض موسيقية وأفلام وثائقية عن الرسم والموسيقى والرقص والطرب الشّرقي والأوبرا، تنظم كل يوم سبت لغاية 26 أغسطس (آب)، تضم «حلم أمسية صيفية»، فيلم من أوبرا باريس، فرنسي، 2017)، و«حكايات الليل»، فيلم رسوم متحركة من إخراج ميشال أوسلو، 2011، فرنسي مع ترجمة بالإنجليزية)، «بعد دوام العمل»، فيلم من إخراج مارتن سكورسيزي، الولايات المتحدة، 1985، باللغة الإنجليزية مع ترجمة بالفرنسية)، «دانييل بارنبويم، ريسيتال وارسو»، فيلم لحفلة موسيقية، 2010)، «أمسياتنا أجمل من النهار» باللغة الفرنسية مع موسيقى تصويرية أصلية لمقتطفات من الفيلم) يقدمه الناقد وكاتب السيناريو ربيع حداد، و«قصائد الليل، أسرار، أحلام، وصلوات الأوبرا» تقدمه لما تيان، الشغوفة بالموسيقى والفن والتي تدرس منذ 2003 كيفية الاستماع وتقدير الفن الأوبرالي.
يشار إلى أن حضور المؤتمرات والعروض الموسيقية والأفلام الوثائقية مجاني للجميع (المقيمين وغير المقيمين في Faqra Club)، ولكن لأسباب تنظيمية الحجز إلزامي على: [email protected].



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.