إسرائيل تقترح على «حماس» فتح المعبر مقابل وقف تام لإطلاق النار

ليبرمان وآيزنكوت يتفقدان القوات بعد مقتل جندي والتصعيد العنيف

وزير الدفاع الإسرائيلي خلال زيارته معبر «كرم أبو سالم» التجاري (رويترز)
وزير الدفاع الإسرائيلي خلال زيارته معبر «كرم أبو سالم» التجاري (رويترز)
TT

إسرائيل تقترح على «حماس» فتح المعبر مقابل وقف تام لإطلاق النار

وزير الدفاع الإسرائيلي خلال زيارته معبر «كرم أبو سالم» التجاري (رويترز)
وزير الدفاع الإسرائيلي خلال زيارته معبر «كرم أبو سالم» التجاري (رويترز)

بعد التوصل إلى اتفاق لوقف النار بين إسرائيل وحركة حماس، في منطقة قطاع غزة، قام كل من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت، برفقة كبار ضباط الجيش، بجولة ميدانية، أمس (الأحد)، في منطقة السياج الأمني عند قطاع غزة، والتقى الوحدة العسكرية التي فقدت الضابط أفيف ليفي، الذي قُتل برصاص قناص فلسطيني، يوم الجمعة الماضية. وفي المقابل أجرى وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، جولة مماثلة في المعبر التجاري «كرم أبو سالم»، وأطلق من هناك اقتراحاً لحركة حماس، قائلاً: «مستعد لإعادة فتح هذا المعبر يوم الثلاثاء المقبل (غداً)، بشرط أن أرى (حماس) ملتزمة بوقف النار تماماً، بما في ذلك الامتناع عن إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة».
وقال أيضاً، إن أمس كان الأكثر هدوءاً في المنطقة منذ 30 مارس (آذار)، حين انطلقت مسيرات العودة. وأضاف: «إذا ساد الهدوء عندنا سيسود عندهم، وإذا عانينا من حرائقهم لن يعيشوا بهدوء هم أيضاً». ودعا أهالي غزة إلى الاحتجاج في الشوارع على حكم «حماس» وإسقاطه.
وجاء الرد على ليبرمان من الخبراء والمحللين الإسرائيليين، الذين اتهموا حكومته بالعجز عن وضع سياسة واضحة تجاه الفلسطينيين عموماً، وتجاه قطاع غزة بشكل خاص. وقال المحلل السياسي في صحيفة «معريب»، بن كسبيت، إنه خلال نهاية الأسبوع الماضي، «تذكرنا مدى الألم بدفن جندي شاب. لقد دخلت إسرائيل إلى جولة قتالية أخرى ضد (حماس)، لا ضرورة لها وغير مفيدة من أساسها. وما دامت حكومة إسرائيل متمسكة بسياستها الحالية، الحفاظ على (حماس) بكل ثمن، فإن الجنود الذين سندفنهم في الجولة المقبلة سيموتون مجاناً». وحسب كسبيت، فإنه يوجد إجماع في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، باستثناء وزير الإسكان، يؤاف غالانت، على عدم إرسال الجيش الإسرائيلي إلى داخل القطاع، ودفن 70 جندياً بسبب الطائرات الورقية والبالونات الحارقة. و«ما دام لا يوجد قرار بإسقاط (حماس)، فإنه لا رغبة لدى أحد بجولة أخرى من القتل والدمار والثكل من دون هدف... توجد خيارات أخرى، مبتكرة، بالإمكان من خلالها ضرب (حماس) وجباية ثمن باهظ جداً منها».
وقال كبير المحللين في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنياع، إن «هذه الجولة انتهت في النقطة نفسها التي انتهت فيها عملية الجرف الصامد (2014)، وجميع المشكلات الأساسية التي قادت إلى تلك المواجهة، وإلى المواجهة الحالية، ما زالت على حالها. لم يتم حل أي شيء، ولم يتقدم أي شيء، بل إن المشكلات أصبحت أخطر. وما زال النقاش بين قادة الحكومة وقادة الجيش الإسرائيلي حول اليوم التالي على حاله. وتسود قناعة في الجيش بأنه إذا لم يتم بذل جهد بالغ من أجل تغيير الواقع في غزة من الأساس، فإن الحدث العنيف المقبل سيأتي قريباً، وسيكون أخطر بكثير من الجولة الحالية. ووفقاً لبرنياع، فإن «الجيش الإسرائيلي يخشى أن تتحول غزة إلى الصومال، وأن تسود أزمة إنسانية شديدة إلى جانب فوضى في الحكم. وعند الحدود يلعب الجانبان بينغ بونغ، هم يطلقون النار باتجاه أراضينا ونحن باتجاه أراضيهم. ولا مفر في النهاية من إعادة احتلال القطاع».
ويقول بارنياع إن «الحل الأفضل لقطاع غزة بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي هو عودة حكم السلطة الفلسطينية. لكنّ إحدى المشكلات «هي أن الحكومة تصور أبو مازن (رئيس السلطة محمود عباس) كعدو لا يقل خطراً عن (حماس). ولذلك فإن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي (غادي آيزنكوت) يحرص على التحدث عن السلطة الفلسطينية أمام المستوى السياسي وليس عن أبو مازن. والمستوى السياسي يفضل بقاء الانقسام الفلسطيني: سلطة ضعيفة في الضفة، و(حماس) ضعيفة في غزة، أي استمرار الوضع القائم». وحذر من أنه «يوجد رهان هنا، قد ينفجر في وجه إسرائيل، بانهيار غزة أو باتفاق (مصالحة) يحوّل (حماس) إلى قوة عسكرية وسياسية داخل السلطة، مثل (حزب الله) في لبنان».
واعتبر برنياع أن هناك أطرافاً أخرى، إضافة إلى إسرائيل، مسؤولة عن تدهور الوضع في القطاع. «الأميركيون هم مشكلة وليس الحل: قرار (الرئيس الأميركي دونالد) ترمب بتقليص 300 مليون دولار من المساعدات للأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة)، فاقم أزمة الغذاء في غزة، ووضع علامة استفهام على رواتب 13 ألف من موظفيها، وعلى بدء العام الدراسي لـ280 ألف تلميذ». واعتبر برنياع أنه «بإمكان إسرائيل أن تقترح على غزة مزيجاً من العصيّ والجزر. في بند العصيّ، تعليق شبه كامل لقدرة غزة على العمل العسكري، وذلك ليس من أجل مواجهة الطائرات الورقية الحارقة من غزة، وإنما للتفرغ لمواجهة تهديد الطائرات المسيّرة في الجبهة الشمالية، في لبنان وسوريا». وتابع أنه «في جانب الجزر، يتحدث الجيش الإسرائيلي عن ضرورة توفير رد على خمس مشكلات عاجلة: الغذاء، والصحة، والماء، والكهرباء، والصرف الصحي. عدا ذلك، ينبغي العودة إلى التفاهمات التي تم التوصل إليها في نهاية عملية الجرف الصامد: ميناء، مطار، استيعاب عمال من غزة في إسرائيل. بكلمات أخرى، رفع الحصار».
يذكر أن آيزنكوت أجرى تقييماً ميدانياً للوضع الأمني، بمشاركة قائد المنطقة الجنوبية الجنرال هرتسي هاليفي، وقائد «فرقة غزة» العميد يهودا فوكس، وقادة الألوية والكتائب العاملة في منطقة «فرقة غزة». وحسب مصادر مقربة منه، فإن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، تقدّر أن جولة التصعيد الحالية في غزة قد انتهت، وستوصي الحكومة بالتخفيف عن سكان القطاع في محاولة لتعزيز وتطبيق التفاهمات على وقف النار. لكن وزير الأمن ليبرمان، يطرح المسألة كصفقة، إذ اشترط مقابل إعادة فتح المعبر وتوسيع مساحة الصيد، الهدوء التام، وعدم إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة صوب البلدات الإسرائيلية، وعدم إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على جنوب البلاد.
وقال ليبرمان، خلال جولته في معبر كرم أبو سالم: «أنهينا تقييماً للوضع بشأن إدخال البضائع إلى القطاع. على أهالي غزة أن يفهموا أنه في حال وجود طائرات ورقية وبالونات وحرائق في جانبنا، فإن الحياة لن تعود إلى طبيعتها في الجانب الآخر. ولكن إذا استمر الوضع اليوم وغداً، على ما هو عليه، فإننا سنعيد العمل في معبر كرم أبو سالم يوم الثلاثاء كالمعتاد، وكذلك سنعيد مساحة الصيد المسموح بها كما كانت عليه في السابق».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.