كوبا تبحث إصلاحات اقتصادية تلغي مبدأ «المجتمع الشيوعي»

الرئيس الكوبي ميغيل دياز - كانيل.
الرئيس الكوبي ميغيل دياز - كانيل.
TT

كوبا تبحث إصلاحات اقتصادية تلغي مبدأ «المجتمع الشيوعي»

الرئيس الكوبي ميغيل دياز - كانيل.
الرئيس الكوبي ميغيل دياز - كانيل.

تخوض كوبا نقاشاً حول دستور جديد يسمح للأفراد بتحقيق الثراء في إطار اقتصاد اشتراكي، من خلال التخلي عن «المجتمع الشيوعي»، وتمهد الطريق أمام حقوق جديدة يستفيد منها المواطنون. وتناقش الجمعية الوطنية مشروع قانون أساسي جديد، منذ أول من أمس، على أن يطرح للتصويت في موعد أقصاه اليوم، قبل طرحه لاستفتاء وطني.
وتساءل أوميرو أكوستا، سكرتير مجلس الدولة: «هل تغير النموذج الاشتراكي الكوبي؟ لم يتغير في المبدأ. المبادئ الأساسية لاشتراكيتنا ما زالت قائمة. لم يتم المس بدور الحزب الشيوعي واقتصاد الدولة والملكية الاشتراكية. لكن، نعم، يتعين القيام بعملية تحول».
وينص دستور 1976 الذي سيتم تعديل مادته الخامسة على أن يقوم الحزب الشيوعي الكوبي، الحزب الواحد، بـ«تنظيم الجهود المشتركة، وتوجيهها نحو الأهداف البارزة لبناء الاشتراكية والسير نحو المجتمع الشيوعي».
وفي الدستور الجديد، ستزول الإشارة إلى «المجتمع الشيوعي». وأوضح أكوستا، الذي كان جالساً إلى جانب الرئيس الكوبي ميغيل دياز - كانيل، إلى طاولة الرئاسة خلال النقاش: «من المؤكد أنه يتعين علينا القيام بتعديلات. وهذه هي نتيجة هذا المشروع، لأن المجتمع قد تغير، والاقتصاد قد تغير، ويجب أن ينعكس ذلك في الدستور».
وفي القاعة، كان الرئيس السابق راؤول كاسترو يشارك في الجلسة كأحد أعضاء الجمعية الوطنية، وبصفته الأمين العام الأول للحزب الشيوعي الكوبي، ويتقاسم مع ميغيل دياز - كانيل، رئاسة لجنة الإصلاح الدستوري. ويعترف القانون الكوبي بالسوق والملكية الخاصة والاستثمارات الأجنبية باعتبارها جزءاً من الاقتصاد منذ نحو 10 سنوات. وقال أرتورو لوبيز - ليفي، الأستاذ في الجامعة الأميركية في تكساس - ريو غراندي فالي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الاعتراف بالملكية الخاصة انفتاح على الاستثمارات الأجنبية، لكنه في الأساس، انفتاح آيديولوجي داخلي. وهذا يعني النظر إلى الاقتصاد الكوبي باعتباره اقتصاداً مختلطاً ينطوي على إمكانات التداخل بين مختلف القطاعات والقطاع الخاص». وتحدد الإصلاحات الاقتصادية التي بدأها في 2008 راؤول كاسترو، هدفاً يقضي بالتوصل إلى نموذج بلد «مستقل، يتمتع بالسيادة، واشتراكي وديمقراطي ومزدهر ودائم». وفي الوقت الراهن، يعمل في القطاع الكوبي الخاص نحو 591 ألف شخص يشكلون 13 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.
وقال أكوستا: «لا يمكننا تجاهل الدور الذي تضطلع به السوق. فالملكية، باعتبارها نتيجة تعديلات النموذج الاقتصادي والاجتماعي الذي نعتمده، موجودة»، مشيراً إلى أن ذلك يمكن أن يمهد الطريق أمام الاعتراف الرسمي بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومن دون التخلي عن «القدرة التنظيمية بقيادة الدولة وإشرافها»، كما قال، مؤكداً أن هذا الاستثمار سيفتح الطريق لجيل الثروة. وأضاف: «لا يجب الحد من الثروة المرتبطة بالازدهار، إنما تركيز الثروة». واعتبر أن القوانين الجديدة لن تتيح للمواطنين الحصول إلا على رخصة واحدة لممارسة التجارة.
وسيمهد الدستور أيضاً الطريق أمام زواج المثليين. وفي مادته 68 يحدد المشروع الدستوري الزوجين بأنه الاتحاد المنسق «بين شخصين.... من دون أن يحدد الجنس»، بحسب أكوستا، معدلاً بذلك القانون الأساسي الحالي الذي يحدد الثنائي بأنه «الاتحاد الطوعي والمنسق بين رجل وامرأة».
سيحدد الدستور الجديد أيضاً وظيفة رئيس الجمهورية، خلافاً لرئيس مجلس الدولة الحالي والوزراء، ويحدد وظيفة رئيس الوزراء. وسيحدد أعمار المرشحين إلى الرئاسة بستين عاماً، لولاية مدتها خمس سنوات، مع إمكانية الترشح لولاية ثانية. وقد تخلى فيدل وراؤول كاسترو عن الحكم وهما في الثمانين، في حين تولى خلفها الحالي الحكم وهو في سن الـ58، واعتبر لوبيز - ليفي أنه «في إطار اليسار الأميركي - اللاتيني، ستكون هناك تداعيات لتحديد الولاية الرئاسية، لأنه عندما يختار قادة متطرفون في نيكاراغوا وفنزويلا أو في بوليفيا إعادة انتخابهم إلى أجل غير مسمى، وفي الصين، عندما يسعى الرئيس شي جينبينغ أيضاً إلى البقاء في الحكم إلى الأبد، تبدو كوبا على نقيض مع هذا الاتجاه».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».