تونس: السبسي يبحث مع رئيس الحكومة آخر المستجدات السياسية

الحكومة تبشر بمؤشرات إيجابية في مواجهة الأزمة

الرئيس قائد السبسي مستقبلاً رئيس الحكومة يوسف الشاهد في قصر قرطاج بتونس العاصمة أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس قائد السبسي مستقبلاً رئيس الحكومة يوسف الشاهد في قصر قرطاج بتونس العاصمة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

تونس: السبسي يبحث مع رئيس الحكومة آخر المستجدات السياسية

الرئيس قائد السبسي مستقبلاً رئيس الحكومة يوسف الشاهد في قصر قرطاج بتونس العاصمة أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس قائد السبسي مستقبلاً رئيس الحكومة يوسف الشاهد في قصر قرطاج بتونس العاصمة أمس («الشرق الأوسط»)

عقد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، أمس، اجتماعا هو الثاني من نوعه في ظرف أسبوع، بحثا خلاله المستجدات الاقتصادية والسياسية في البلاد؛ لكن دون تقديم أي تفاصيل، رغم تزامنه مع جدل غير مسبوق بين المساندين للحكومة الحالية، والمطالبين بالتمديد لها إلى حين موعد انتخابات 2019 الرئاسية والبرلمانية من جانب، وبين المعارضين لها من جانب آخر.
وعقد هذا الاجتماع في الوقت نفسه الذي كان فيه وزير التجارة عمر الباهي، ووزير الدولة للتجارة الخارجية هشام بن أحمد، وكلاهما من حزب نداء تونس الذي أسسه قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، يعقدان مؤتمرا صحافيا لاستعراض المؤشرات التجارية والاقتصادية والمالية، التي وصفاها بـ«الإيجابية جدا بالنسبة للنصف الأول من العام الجاري، مقارنة بالأعوام الماضية».
وفي الوقت الذي تبرر فيه عدة نقابات وأحزاب وشخصيات من الحزب الحاكم والأحزاب المعارضة، دعواتها إلى تغيير الحكومة، بما وصفته بـ«صعوبات اقتصادية ومالية واجتماعية تمر بها البلاد»، قدم وزير التجارة عرضا إيجابيا جدا عن تحسن المؤشرات الاقتصادية والمالية والتجارية في تونس، ومن بينها تحسن تغطية الصادرات للواردات بأكثر من 3 نقاط، ونمو التصدير لأول مرة منذ 2008 بنسق سريع.
في غضون ذلك، توقعت وزيرة السياحة سلمى اللومي، القيادية في حزب نداء تونس، أن يحقق الموسم السياحي الحالي أرقاما قياسية من حيث عدد السياح، إذ يقدر أن يتجاوز لأول مرة 8 ملايين سائح، يضاف إليهم ملايين السياح الجزائريين والليبيين والتونسيين.
وفي هذا السياق، أكدت تقارير وزارة السياحة والصناعات التقليدية، عودة الرواج إلى الفنادق السياحية وقطاع النقل، وجل الخدمات المرتبطة بها في كامل البلاد، وذلك بعد عامين على الهجوم الإرهابي الذي ضرب المتحف الوطني في العاصمة، وفندقا سياحيا في منتجع سوسة (150 كيلومتر جنوب شرقي العاصمة). وقد تسبب الهجومان في سقوط نحو 80 قتيلا وجريحا، غالبيتهم من البريطانيين.
وفي سياق متصل، توقع زياد العذاري، وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، أن تتجاوز قيمة الاستثمارات الأجنبية الجديدة في تونس هذا العام ألف مليون دولار، مبرزا أن عدة اتفاقيات أبرمت خلال النصف الأول من العام الجاري مع مستثمرين أجانب، لجلب نصف هذه المبالغ.
وأوضح العذاري أن الاتفاقية التي أبرمتها وزارته مع رئاسة البنك الأفريقي، حول فتح مقر إقليمي للبنك في تونس، ستؤدي إلى رفع احتياطي البلاد من العملة الصعبة بشكل سريع، وزيادة حصة تونس في الاستثمارات الأميركية والأوروبية داخل القارة الأفريقية عموما، والدول المغاربية بشكل خاص.
من جانبه، نوه عمر الباهي، وزير التجارة التونسي، بالانعكاسات الإيجابية التي ستجنيها تونس بعد انضمامها هذا الأسبوع إلى السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا)، وتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى إحداث نقلة نوعية وتاريخية في العلاقات التونسية – الأفريقية، على اعتبار أن مجموعة «الكوميسا» تضمّ 20 دولة، وبها 500 مليون مستهلك. كما توقع الباهي أن تنجح تونس في خفض كلفة التصدير بالنسبة للمنتجات والخدمات التونسية، إلى جانب استفادتها من الآليات وبرامج التمويل المتاحة لبلدان «الكوميسا»، التي يوفّرها البنك الأفريقي للتنمية، وعدد من المؤسسات التمويلية الأخرى.
في السياق نفسه، أعرب وزير الدولة للتجارة الخارجية هشام بن حمد، عن تفاؤل كبير في تونس بالمزايا التي سيحققها انضمام تونس لمنطقة «الكوميسا»، التي يبلغ حجم مبادلات بلدانها 235 مليار سنويا، ويعادل حجم الصادرات البينية لأعضائها 8 مليارات دولار.
يذكر أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ووزير الخارجية خميس الجهيناوي، نجحا مؤخرا في إقناع عدة مؤسسات مالية دولية، بينها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، والبنك الأوروبي للاستثمار، بإبرام اتفاقية جديدة مع تونس تمنحها نحو 5 مليارات دولار على مراحل، بما سوف يساهم في الحد من عجز ميزان مدفوعاتها، وتراجع احتياطي البنك المركزي من العملات العالمية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».