تركيا تنهي «الطوارئ»... وأوروبا قلقة من إعادتها عبر «أبواب خلفية»

حبس متهم جديد في قضية اغتيال السفير الروسي

جندي تركي يقف خارج محكمة وسجن ألياغا خلال محاكمة القس برانسون أول من أمس (أ.ف.ب)
جندي تركي يقف خارج محكمة وسجن ألياغا خلال محاكمة القس برانسون أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا تنهي «الطوارئ»... وأوروبا قلقة من إعادتها عبر «أبواب خلفية»

جندي تركي يقف خارج محكمة وسجن ألياغا خلال محاكمة القس برانسون أول من أمس (أ.ف.ب)
جندي تركي يقف خارج محكمة وسجن ألياغا خلال محاكمة القس برانسون أول من أمس (أ.ف.ب)

أنهت تركيا العمل بحالة الطوارئ، فجر أمس، بعد عامين من فرضها على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016، ونسبتها الحكومة إلى حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن المقيم في أميركا منذ عام 1999.
وأعلن الرئيس التركي حالة الطوارئ في 20 يوليو 2016، ووافق البرلمان على مذكرة بشأنها قدمتها الحكومة في اليوم التالي، ثم تم تمديدها 7 مرات، منذ ذلك الحين.
وبموجب الدستور، فإنه في حال عدم تقديم أي مذكرات للبرلمان من أجل إعادة تمديد حالة الطوارئ، حتى تاريخ انتهاء العمل بها، فإنها ترفع من تلقاء نفسها، وهذا هو ما حدث هذه المرة.
وتعرضت تركيا لانتقادات واسعة من المعارضة ومن حلفائها في الغرب بعد أن توسعت السلطات في الحملات الأمنية التي استهدفت من قالت إنهم على صلة بحركة غولن، لكن المنظمات الحقوقية الدولية رصدت توسع الحملة لتنال معارضي إردوغان إلى أن وصل عدد من ألقي القبض عليهم إلى نحو 170 ألفاً، مع فصل عدد مماثل من وظائفهم في مختلف قطاعات الدولة من هذه الحملة التي قالت الحكومة إنها كانت ضرورية من أجل القضاء على التهديدات، وتطهير المؤسسات المختلفة وفي مقدمتها الجيش والشرطة والقضاء والتعليم والإعلام من أنصار غولن المتغلغلين فيها.
ويمكن لإردوغان، بحسب النظام الرئاسي الجديد أن يعيد فرض حالة الطوارئ إذا كانت هناك حاجة لإعادتها، أو في حال وجود مؤشرات خطيرة قد تتداخل مع البيئة الديمقراطية أو الحقوق والحريات الدستورية الأساسية للمواطنين.
وقبل يومين من إنهاء حالة الطوارئ، قدم حزب العدالة والتنمية (الحاكم) في تركيا، بدعم من حزب «الحركة القومية»، شريكه في «تحالف الشعب»، مشروع قانون إلى البرلمان التركي يتضمن استحداث قواعد أمنية لضمان استمرار «الكفاح ضد الإرهاب» بعد رفع حالة الطوارئ يتضمن 28 مادة، بعضها موجود في قانون الطوارئ، ويسمح للسلطات المحلية (الولاة) بتقييد تنقلات الأفراد الذين يشكلون خطراً على الأمن العام، أو تمديد فترة توقيف المشتبه بهم حتى 15 يوماً، ومنع الدخول إلى بعض المناطق ومنع نقل الأسلحة والذخيرة.
ويتوخى مشروع القانون إبقاء بعض التدابير في قانون الطوارئ لمدة تصل إلى 3 سنوات أخرى. وبموجبه سيتم إضافة مادة مؤقتة لقانون مكافحة الإرهاب تتعلق بفترات الاحتجاز على الجرائم المرتكبة ضد سلامة الدولة والجريمة المنظمة والجرائم الإرهابية بشكل مختلف خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وبحسب المقتَرَح، يمكن احتجاز المشتبه به من دون تهمة لمدة 48 ساعة أو حتى 4 أيام في حالة المخالفات الجماعية. ويمكن تمديد هذه الفترة مرتين كحد أقصى، أو حتى 12 يوماً، إذا كانت هناك صعوبة في جمع الأدلة، أو إذا اعتبرت القضية ضخمة، بشكل خاص.
كما يقضي مشروع القانون بفصل عناصر القوات المسلحة والشرطة وقوات الدرك والموظفين العموميين والعاملين في مؤسسات الدولة إذا ثبت ارتباطهم، لمدة 3 سنوات، بالمنظمات أو الجماعات الإرهابية التي حددها مجلس الأمن القومي، أو حال قيامهم بتنفيذ إجراءات ضد الأمن القومي للدولة، ولا يسمح بتوظيفهم مرة أخرى في الخدمة العامة بشكل مباشر أو غير مباشر، وإذا قررت المحكمة إعادتهم إلى العمل فسيتم تجميعهم وإلزامهم بالتوقيع في «مراكز بحث» تابعة لوزارة الدفاع ووزارة الداخلية.
واستقبلت أوروبا رفع تركيا حالة الطوارئ بحذر، واعتبر الاتحاد الأوروبي أن رفع تركيا حالة الطوارئ «خطوة غير كافية» بسبب الصلاحيات الاستثنائية المسندة إلى السلطات، والإبقاء على العديد من الإجراءات التي تضيِّق على الحريات.
وقالت المتحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، في بيان أمس: «نعتقد أن تبني مقترحات تشريعية جديدة يمنح السلطات صلاحيات استثنائية والإبقاء على العديد من قيود حالة الطوارئ، من شأنه ضرب كل أثر إيجابي لرفع حالة الطوارئ»، في إشارة إلى مشروع قانون مكافحة الإرهاب المقدم إلى البرلمان.
ورحَّب مجلس أوروبا، بإنهاء حالة الطوارئ. وقال دانيال هولتجن، المتحدث باسم الأمين العام لمجلس أوروبا: «نشعر بالارتياح من عدم تمديد حالة الطوارئ لفترة إضافية وإنهاء العمل بها»، لافتاً إلى أن مجلس أوروبا دعا بشكل مستمرّ إلى إنهاء حالة الطوارئ في تركيا.
وأشار إلى أن مجلس أوروبا، على علم بمشاريع القوانين التي تم إعدادها في إطار مكافحة الإرهاب بتركيا، ويؤكد ضرورة أن تكون القوانين في هذا الإطار ملائمة لاتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية.
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إنهاء حالة الطوارئ في تركيا «إشارة مهمة»، إلا أنه «حذَّر في الوقت ذاته من حدوث تمديد لها عبر الأبواب الخلفية». ولفت إلى أن التعديلات الدستورية بشأن النظام الرئاسي تمنح الحكومة التركية سلطات كبيرة، والأمر الحاسم الآن هو أن تستخدم الحكومة هذه الصلاحيات بطريقة مسؤولة.
من جانبه، قال نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق: «إننا ندرس الأمر، ونعتقد أنه أمر طيب أن نرى الظروف مواتية لصون الحقوق الأساسية في البلاد».
في سياق قريب، طالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظيره التركي رجب طيب إردوغان بالعمل من أجل إطلاق سراح القس الأميركي أندرو برونسون، المعتقل في تركيا منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2016 بتهمة القيام بأنشطة إرهابية.
وكتب الرئيس الأميركي على «تويتر»: «من العار تماماً ألا تُفرج تركيا عن قس أميركي محترم هو أندرو برونسون. لقد تم اعتقاله فترة طويلة... على إردوغان أن يفعل شيئاً لتحرير هذا الزوج والأب المسيحي الرائع». وأمرت محكمة في مدينة إزمير (غرب تركيا)، أول من أمس، بتمديد احتجاز القس برونسون رغم ضغوط السلطات الأميركية للإفراج عنه. وتتسبب قضية القس الذي كان يدير كنيسة بروتستانتية في إزمير في توتر بالعلاقات بين واشنطن وأنقرة. وكانت هذه ثالث مرة يتم فيها رفض الإفراج عنه، إذ رفضت المحكمة في جلسات استماع في 16 أبريل (نيسان) و7 مايو (أيار) الماضيين طلبات دفاع القس بالإفراج عنه. وأُرجئت المحاكمة إلى 12 أكتوبر المقبل. ووجهت إلى برونسون اتهامات بالقيام بنشاطات مؤيدة لحركة غولن المتهمة بتدبير محاولة الانقلاب والعمال الكردستاني (المحظور)، وهي تهم يمكن أن تصل عقوبتها إلى السجن 35 عاماً «حال إدانته». في السياق ذاته، قال جاي سيكولو، المحامي الشخصي للرئيس دونالد ترمب، إن الولايات المتحدة ستتخذ «إجراء وشيكاً» ردّاً على قرار المحكمة التركية بتمديد حبس القس برونسون، لكنه لم يحدد طبيعة هذا الإجراء.
وأضاف سيكولو في برنامج إذاعي أن لديه معلومات قليلة بشأن الجهود الدبلوماسية، لكنه على علم بالإشارات المتعددة التي تلقتها الحكومة الأميركية والحكومة التركية فيما يتعلق ببعض الإجراءات الوشيكة، وأن الرئيس ونائبه ووزير الخارجية على اطلاع تام على هذه القضية. ويتولّى المركز الأميركي للقانون والعدالة الذي يرأسه سيكولو مهمة الدفاع عن القس الأميركي. وأجرى وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأميركي، مايك بومبيو، مساء أول من أمس، عقب جلسة المحكمة، لم يتم الكشف عن فحواها.
من ناحية أخرى، قضت محكمة تركية أمس بحبس صحافية تعمل لدى صحيفة «جمهوريت» (يسارية معارضة) لمدة أكثر من عامين بتهمة جعل ممثل الادعاء العام هدفاً محتملاً للجماعات المتشددة من خلال تغطيتها.
وتعود القضية إلى مقال كتبته جنان جوشكون، في سبتمبر (أيلول) الماضي، عن استجواب ممثلي الادعاء لمحامين محتجزين يدافعون عن معلمين مضربين عن الطعام، تردد أنهما على صلة بمنظمة حزب التحرير الشعبي الثوري اليسارية التي أعلنتها تركيا منظمة إرهابية.
إلى ذلك، قرر القضاء التركي أمس حبس شرطي سابق في إطار التحقيقات في حادث اغتيال السفير الروسي السابق في أنقرة أندريه كارلوف، الذي وقع في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2016. وتقرر حبس الشرطي السابق «ه. ت.» على ذمة القضية، بتهمة «الانتماء إلى تنظيم إرهابي»، بعد النظر في إفادته أمام النيابة العامة المعنية بالتحقيقات. ورفض الشرطي الاتهامات الموجهة ضده. وسبق أن أصدر القضاء التركي قراراً بسجن 7 أشخاص، في إطار التحقيقات ذاتها، بينهم 3 أفراد من الشرطة، ومنظم معرض للصور في أنقرة كان يفتتحه كارلوف، عندما اغتيل على يد الشرطي مولود مارت ألطنتاش، الذي قُتِل بعد ذلك في اشتباكات مع الشرطة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».