موسى: المرحلة تحتاج حكومة تجنّب لبنان خطر الانهيار

أكد أن لبنان محكوم بتوازنات دقيقة ولا خوف من نزاع دستوري

TT

موسى: المرحلة تحتاج حكومة تجنّب لبنان خطر الانهيار

أكد عضو كتلة «التحرير والتنمية» النيابية النائب ميشال موسى، أن «تأخير تشكيل الحكومة مرتبط بالصراع على الحصص والحقائب الوزارية». ونبّه إلى أن لبنان «يمرّ بمرحلة صعبة، ولا يستطيع مواجهة التحديات القادمة من دون حكومة تجنّب البلد مخاطر الانهيار». ولم يجد مبررا للخوف من نزاعات دستورية، مذكرا بأن «الدستور اللبناني يعطي صلاحية التشكيل للرئيس المكلّف، ولا أحد يرغب في التعدي على هذه الصلاحية المحكومة بتوازنات دقيقة».
وكشف عن توجه لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري «لدعوة القوى السياسية إلى جلسة تشاور لحسم الخلافات وإزالة العراقيل التي تعترض عملية التأليف»، لافتا إلى أن «الاقتصاد لن يصمد أشهرا طويلة من دون حكومة، مهمتها إطلاق المشروعات الاستثمارية، وخلق فرص لزيادة النمو وتقليص العجز المالي في خزينة الدولة».
ورأى النائب موسى في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن انتخاب اللجان النيابية الذي حصل الثلاثاء الماضي «أطلق ورشة العمل التشريعي على صعيد عمل هذه اللجان التي تعدّ مطبخ التشريع في لبنان، والتي ستباشر دراسة مشاريع القوانين العالقة أمامها»، لكنه ذكّر بأن الجلسات التشريعية «تحتاج إلى دورة استثنائية غير مؤمنة الآن، وإلى وجود حكومة تحظى بثقة البرلمان».
وشدد موسى على أن «وضع البلد كلّه مرتبط بتشكيل الحكومة الجديدة»، مبديا أسفه لـ«وجود عقبات تعترض مهمة الرئيس المكلّف (سعد الحريري)، وهي عقبات داخلية حسبما هو ظاهر حتى الآن، باتت بحاجة إلى جهد حقيقي واستثنائي وصادق لتذليلها، وإلى حركة سريعة فاعلة تؤدي إلى ولادة الحكومة في أقرب وقت ممكن».
وتربط أطراف لبنانية تأخير تشكيل الحكومة بعوامل خارجية، منها ما يرتبط بالتطورات العسكرية في جنوب سوريا، أو حسم معركة الحديدة في اليمن. وهنا أوضح النائب موسى، أن لبنان «يتأثر دائما بعوامل خارجية في كل مراحل تأليف الحكومات، لكن يفترض باللبنانيين أن يكونوا واعين بأهمية تخطّي التأثيرات الخارجية، وأن يقدموا التسهيلات لتأليف حكومتهم، طالما أن الجميع معنيون بحلّ مشكلات البلد».
وفي ظلّ الصراع على النفوذ والصلاحيات الدستورية بين الرئاستين الأولى والثالثة، تكثر التكهنات حيال خيارات قد يلجأ إليها رئيس الجمهورية ميشال عون، تُنهي مرحلة المراوحة الحكومية، والبعض يطرح إمكانية استبدال الرئيس المكلّف، لكنّ هذا الخيار له تداعيات كبيرة على التوازنات الداخلية. وقال النائب ميشال موسى: «الكلّ يعترف بوجود عقبات في مسألة توزيع الحقائب في الحكومة، ولا أعتقد أن الأمور ذاهبة إلى نزاعات دستورية، فالجميع يعرف خطورة تداعياتها على البلاد».
وعمّا يحكى عن مبادرة لدى رئيس مجلس النواب لحلّ عقدة الحكومة، سيطرحها في الوقت المناسب، أوضح عضو كتلة «التحرير والتنمية» أن رئيس المجلس «يحترم الصلاحيات المعطاة لرئيس الحكومة في عملية التأليف، لكن عندما يطلب منه أي تدخل فهو مستعدّ للعمل على تذليل العقبات». وكشف عن توجّه لدى الرئيس برّي «لتوجيه دعوة للقيادات السياسية إلى جلسة تشاور في المجلس النيابي لحسم الخلافات وإزالة العراقيل التي تؤخر ولادة الحكومة».
وعن مدى قبول كلّ الأطراف بهذه الدعوة في ظلّ الخلاف المستحكم بين برّي ورئيس التيار الوطني الحرّ، وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، جبران باسيل، قلّل موسى من أهمية هذا الخلاف، ورأى أن «لا مشكلة في التواصل مع باسيل وغيره لإنقاذ البلد».
وأشار إلى أن «انتخابات رئاسة المجلس النيابي ومكتب هيئة المجلس وانتخاب اللجان النيابية، حصلت في ظلّ أجواء إيجابية بين الطرفين، وأتت ضمن السياق المرضي لكل الفرقاء وضمن التوزيع العادل على القوى السياسية، وبالتالي لا أحد يرغب في التعدي على صلاحيات الآخرين أو الانتقاص منها».
وشدد موسى على أن «الوضع الاقتصادي يضغط على الجميع، رغم استقرار الوضع المالي والنقدي». وأضاف: «لا يستطيع الاقتصاد أن يصمد أشهرا طويلة من دون حكومة، مهمتها إنعاش الوضع الاقتصادي وإطلاق المشروعات الاستثمارية، وخلق حوافز وفرص أمام القطاعين العام والخاص، لزيادة النمو وتقليص العجز، وإطلاق ورشة الإصلاحات المالية والإدارية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».