سلفا كير ينتقد المجتمع الدولي ومستعد لتوقيع اتفاق سلام شامل

نشر قوة عسكرية مشتركة من جوبا والخرطوم لحماية حقول النفط

TT

سلفا كير ينتقد المجتمع الدولي ومستعد لتوقيع اتفاق سلام شامل

أعلن رئيس جنوب السودان سلفا كير عن استعداده لقبول اتفاق سلام شامل لإنهاء حرب أهلية في بلاده، وتشكيل حكومة جديدة واسعة التمثيل، لكنه اتهم في المقابل المجتمع الدولي بمحاولة التحكم في بلاده بطريقة أخرى.
ويتضمن مشروع اتفاق سلام تم التفاوض بشأنه في السودان، أخيرا، تعيين خمسة نواب للرئيس كما يشمل جوانب أمنية وتقاسم السلطة. وكان فريق الوسطاء السوداني قد وزع الوثيقة النهائية، وطلب من الأطراف التوقيع عليها مبدئيا، أي بالأحرف الأولى على أن يتم التوقيع النهائي يوم الخميس المقبل، بحضور قادة رؤساء دول مجموعة «إيقاد»، الراعية للسلام في القرن الأفريقي، خاصة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، الذي كان حاسما في إقناع رئيس جنوب السودان سلفا كير بتقديم التنازلات اللازمة.
وجاءت هذه الخطوة نتيجة للاتفاق الإطاري بين أطراف جنوب السودان بشأن الترتيبات الأمنية، التي تقضي بأن تعمل الحكومة السودانية على تأمين حقول النفط بالتنسيق مع جوبا، كما جرت مباحثات فنية بين وزارتي النفط في الدولتين لاستئناف ضخ النفط بعد أن توقف في عدد من الحقول بسبب الحرب الأهلية التي دخلت عامها الخامس. وكشف مسؤول رفيع في حكومة الرئيس سلفا كير أن جوبا والخرطوم نشرتا قوة عسكرية مشتركة على حدود البلدين لتأمين وحماية حقول النفط، وخط الأنابيب الذي يصل المواني السودانية.
وقال كير، في وقت متأخر مساء أول من أمس، خلال مراسم أداء وزير الخارجية الجديد اليمين: «شعب جنوب السودان يبحث عن السلام وإذا كان لهذا الترتيب أن يجلب السلام فأنا مستعد لقبوله».
وتفجر الصراع في جنوب السودان عام 2013 بسبب نزاع بين كير ونائبه السابق ريك مشار، ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد ربع السكان وتدمير الاقتصاد المعتمد على النفط. وأوقف اتفاق سلام يعود إلى عام 2015 القتال لفترة وجيزة لكنه انهار بعدما عاد مشار إلى العاصمة في العام التالي. ويرجع الصراع في الأغلب لأسباب عرقية تنبع من التنافس بين قبيلة الدنكا المهيمنة التي ينحدر منها كير والنوير التي ينتمي لها مشار. وعيّن كير هذا الأسبوع نيال دينق نيال، وهو مستشار رئاسي سابق، وكذلك كبير مفاوضيه في محادثات الخرطوم، في منصب وزير الخارجية، ليحل محل دينق ألور.
وقال كير إن شعب بلاده ينتظر تحقيق السلام الشامل «وإذا كانت الترتيبات الجارية الآن في الخرطوم ستأتي بالاستقرار والسلام الشامل فأنا مستعد للتوقيع على هذا الاتفاق»، لكنه وجّه انتقادات شديدة للمجتمع الدولي بقوله إن جهات دولية تعمل على «إحداث أمور كثيرة غير مفهومة»، لم تشهدها بلدان أخرى من قبل. وأضاف: «إنها محاولة من المجتمع الدولي للتحكم بشكل أو آخر في بلادنا». في إشارة إلى فقرة من مشروع اتفاق السلام، تقضي بزيادة عدد نواب الرئيس إلى خمسة، وفق الوثيقة، التي قدمها فريق الوسطاء السوداني.
وتابع سلفا كير موضحا: «لقد أصبح جنوب السودان مجالا للتجارب، وهذا لم يحدث في أي حكومة، أو في أي دولة»، مشيرا إلى أن كثيرا من مواطني بلاده أصبحوا ينشدون شمولية الاتفاق، وأنه «لن يتم استبعاد، أو إقصاء أي أحد من الحكومة المقبلة».
من جهة أخرى، قال مايكل مكواي، وزير الإعلام في جنوب السودان والمتحدث باسم الحكومة، إن التوقيع بالأحرف الأولى بين فرقاء بلاده على اتفاق الحكم وتقاسم السلطة قد جرى تأجيله إلى اليوم (الجمعة)، بسبب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الخرطوم مساء أمس، مشيرا إلى أن التوقيع على الاتفاق «يعتمد على ما إذا كان هناك إجماع من جميع الأطراف»، خاصة بعد أن قدمت حكومته ملاحظات وتحفظات كثيرة.
وقال في هذا السياق: «هناك بنود تخلق أزمات أكثر من أن تضع حلولا، وهي أكثر تعقيدا من الاتفاق الذي تم اقتراحه في أديس أبابا الشهر الماضي وتم رفضه»، مبرزا أن الوسطاء لم يدخلوا أي تعديلات على النص الذي سلم إلى الأطراف، وأنهم في انتظار رد الرئيس سلفا كير بقبول أو رفض هذه الوثيقة.
وقال جاتكوث إن بلاده سوف تقوم باستئناف إنتاج النفط، وتصديره من حقول ولاية الوحدة في سبتمبر (أيلول) القادم، بعد أن تكتمل التجهيزات الفنية بمساعدة وزارة النفط السودانية.
وكان إنتاج النفط قد توقف في حقول ولاية الوحدة، الواقعة في شمال البلاد، على الحدود المشتركة مع السودان. وتعرضت الحقول للتخريب بسبب الحرب التي اندلعت بين الرئيس سلفا كير ميارديت ونائبه السابق ريك مشار منذ ديسمبر (كانون الأول) 2013.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.