يتولى المدير الفني الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو مهمة تدريب نادي توتنهام هوتسبير منذ 4 سنوات ووقع على عقد جديد يبقيه مع النادي لـ5 سنوات أخرى، في الوقت الذي وجد فيه المدير الفني الإيطالي أنطونيو كونتي نفسه مضطراً للرحيل عن «ستامفورد بريدج» بعد موسمين فقط مع «البلوز». ومع ذلك، نجد جمهور تشيلسي مولعاً بتوجيه الانتقادات لتوتنهام هوتسبير! وفي آرسنال، لا يتوقع أحد بالطبع أن يستمر المدير الفني الإسباني أوناي إيمري لمدة 22 عاماً كسلفه أرسين فينغر، لكن هناك شعوراً بأن مجلس إدارة «المدفعجية» قد بحث عن مدير فني لديه المواصفات التي تؤهله لتكرار الاستقرار الذي تحقق تحت قيادة فينغر.
أما تشيلسي فيبدو أنه لا يأبه بعامل الاستقرار، ويكفي أن نعرف أن النادي غير 11 مديراً فنياً خلال 14 عاماً منذ رحيل الإيطالي كلاوديو رانييري بعدما عمل في النادي لمدة 4 سنوات في بداية الألفية الجديدة. ورغم أن النادي نجح خلال تلك الفترة في الفوز بـ5 بطولات محلية وبطولتين أوروبيتين، فلم يتمكن أي مدير فني من العمل لمدة أطول من المدة التي عمل خلالها رانييري مع البلوز. وتحوم الشكوك بالفعل حول قدرة المدير الفني الجديد لتشيلسي ماوريسيو ساري على البقاء لفترة أطول، بالنظر إلى أنه في التاسعة والخمسين من عمره ولم يحصل على أي بطولة خلال مسيرته التدريبية.
وجاء تعاقد تشيلسي مع المدير الفني السابق لنابولي الإيطالي متناقضاً تماماً مع السياسة التي كان يتبعها النادي في السابق، فمنذ التعاقد مع المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو لكي يحول استثمارات الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش إلى نجاحات على أرض الواقع، كان النادي يتعاقد مع مديرين فنيين من ذوي الأسماء الكبيرة والذين نجحوا بالفعل في الفوز بالبطولات والألقاب، ولم يعتمد النادي على مديرين فنيين من أبناء النادي من ذوي الخبرات المحدودة أو يلجأ إلى حلول على المستوى القصير، وحتى أندريه فيلاش بواش الذي كان قد حصل على لقب الدوري البرتغالي والدوري الأوروبي في سيرته الذاتية عند مجيئه إلى تشيلسي كان ينظر إليه على أنه غير معروف نسبياً.
لقد تعاقد تشيلسي مع مورينيو بعدما كان قد فاز للتو بلقب دوري أبطال أوروبا مع بورتو البرتغالي، ومع كارلو أنشيلوتي الذي كان قد فاز بدوري أبطال أوروبا مرتين مع ميلان الإيطالي ثم مرة أخرى مع ريال مدريد، في حين جاء كونتي لـ«ستامفورد بريدج» مباشرة من تدريب المنتخب الإيطالي، وكان قد قاد يوفنتوس للفوز بلقب الدوري الإيطالي الممتاز 3 مرات متتالية. وقد تولى أنشيلوتي القيادة الفنية لنابولي خلفاً لساري، وسوف يشارك في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها ساري وقيادته لنابولي للتأهل لدوري الأبطال بعد إنهاء الدوري الإيطالي في المركز الثاني خلف يوفنتوس الموسم الماضي.
لكن احتلال المركز الثاني لم يكن يُنظر إليه على أنه الإنجاز الذي يجعل صاحبه يتولى قيادة نادي تشيلسي! ولم يقد ساري أي نادٍ خارج إيطاليا، كما كان يقود فرقاً متواضعة في دوريات دون الدوري الإيطالي الممتاز مثل أليساندريا وسورينتو قبل 6 سنوات فقط من الآن، وهو ما يعني أنه يختلف تماماً عن فئة المديرين الفنيين ذوي الأسماء اللامعة والإنجازات الكبيرة التي كان يتعاقد معها أبراموفيتش في السابق. لكن العمل مع المديرين الفنيين البارزين قد تكون له سلبياته أيضاً، بالشكل الذي اكتشفه تشيلسي مع كونتي. ولم يفقد كونتي ثقة لاعبيه، كما حدث مع مورينيو في ولايته الثانية بالنادي، لكنه أعرب على الملأ في كثير من المناسبات عن عدم رضاه على سياسات النادي فيما يتعلق بالتمويل والتعاقد مع اللاعبين الجدد.
واكتفى تشيلسي الموسم الماضي باحتلال المركز الخامس في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما فاز باللقب في الموسم السابق. وقد فشل كونتي في قيادة الفريق لأحد المراكز الأربعة الأولى المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، وهو الشيء الذي لا يروق بالطبع لمالك النادي، لكن يبدو أن كونتي كان يبحث عن الأعذار منذ البداية. وقال المدير الفني الإيطالي بعد الفوز على مانشستر يونايتد بقيادة مورينيو في المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي: «بعد عامين النادي يعرفني جيداً، ولا يمكنني أن أتغير».
وجاء رحيل كونتي بمثابة اعتراف بأن تشيلسي قد أدرك هذه الحقيقة بالفعل، ومن الواضح أيضاً أن الاستعانة بخدمات ساري تعد بمثابة تغيير جوهري في السياسة التي يبتعها النادي فيما يتعلق بهوية المدير الفني الذي يتولى قيادة الفريق. وعلى الرغم من أن الشكوى المعتادة من جانب كونتي قد أصبحت شيئاً مؤلماً ومقلقاً، فإن هذه الشكاوى المتكررة توضح ما أصبح واضحاً بشكل متزايد خلال السنوات القليلة الماضية، وهو أن حتى نادي تشيلسي لم يعد قادراً على منافسة مانشستر سيتي في النواحي المالية والتعاقد مع أفضل اللاعبين. لقد كانت هذه هي السياسة التي كان يعتمد عليها تشيلسي لتحقيق النجاح الفوري قبل عقد من الزمان، لكن هذه السياسة لم تنجح مطلقاً في تحقيق الاستقرار الذي يتمتع به مانشستر سيتي الآن.
لقد جدد جوسيب غوارديولا عقده مع مانشستر سيتي لمدة عامين إضافيين، وهو ما يعني أنه في حال استمراره لهذه المدة - وكل المؤشرات تقول إنه سيكملها - فإنه بذلك سيكون قد استمر مع النادي الإنجليزي لمدة 5 سنوات. وكان آخر مدير فني يتولى تدريب تشيلسي لمدة 5 سنوات هو ديف سيكستون، الذي تولى قيادة الفريق خلفاً لتومي دوكيرتي. ولو بقي غوارديولا في تدريب مانشستر سيتي لمدة 5 سنوات، فسيكون أول مدير فني لمانشستر سيتي يستمر لهذه المدة منذ توني بوك، ومن قبله جو ميرسير.
وهناك كثير من القواسم المشتركة بين الناديين اللذين يتمتعان بأكبر دعم مالي خلال السنوات القليلة الماضية، لكن الشيء المختلف بينهما هو أن مانشستر سيتي كان أكثر جدية وصبراً لتحقيق أهدافه. أما تشيلسي، الذي تأثر سلبياً بسبب توتر العلاقة في بعض الأحيان بين اللاعبين والمديرين الفنيين، فلا يزال يغير المدربين بالوتيرة السريعة والمعدل نفسه الذي كان يقوم به مالك النادي السابق كين بيتس.
ربما لم ينجح ساري في قيادة نابولي للحصول على لقب الدوري الإيطالي الممتاز، لكنه طور النادي بشكل ملحوظ ونجح في اللعب بطريقة هجومية وممتعة واختير أفضل مدير فني في إيطاليا العام الماضي. وبطبيعة الحال، يجب أن تدعم كل هذه الأشياء موقفه في تشيلسي، ويجب أن يحسب له أيضاً أنه تعاقد مع نادي نابولي لمدة موسم واحد فقط وانتهى به المطاف لتجديد عقده مع النادي حتى عام 2020 بفضل التطور الهائل الذي أحدثه على مستوى ونتائج الفريق.
ومن الواضح بالطبع أن ساري لم يستمر مع نابولي حتى نهاية عقده، وهذه هي طبيعة كرة القدم على أي حال، لكن يجب على تشيلسي أن يدرك أن المدير الفني صاحب الشخصية المحبوبة والإيجابية والقادر على مساعدة لاعبيه على تقديم أفضل ما لديهم يمكنه أن يساعد النادي في الذهاب بعيداً، وهو ما أثبته المدير الفني الألماني يورغن كلوب مع نادي ليفربول.
لماذا غير تشيلسي سياسته وضم ساري «المغمور» بدلاً من الأسماء اللامعة؟
المدرب الجديد عمره 59 عاماً ولم يحصل على أي بطولة خلال مسيرته التدريبية
لماذا غير تشيلسي سياسته وضم ساري «المغمور» بدلاً من الأسماء اللامعة؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة