سلامة يؤكد لمجلس الأمن صعوبة إجراء انتخابات في ليبيا

بعد ساعات من إعلان حكومة السراج تخصيص ميزانية رسمية لها

غسان سلامة (أ.ف.ب)
غسان سلامة (أ.ف.ب)
TT

سلامة يؤكد لمجلس الأمن صعوبة إجراء انتخابات في ليبيا

غسان سلامة (أ.ف.ب)
غسان سلامة (أ.ف.ب)

في تغيير كبير ومفاجئ، قد يعني تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في ليبيا قبل نهاية العام الجاري، أبلغ أمس غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة، مجلس الأمن، أنه ليس من الحكمة إجراء انتخابات في ليبيا في ظل الظروف الراهنة، وذلك بعد ساعات قليلة فقط من إعلان حكومة الوفاق الوطني في العاصمة طرابلس ميزانية لصالح المفوضية العليا للانتخابات، فيما حدد البرلمان الليبي المنعقد في طبرق أمس جلسة نهاية الشهر الجاري، موعداً للتصويت على قانون «الاستفتاء» على الدستور.
وعلى رغم كونه المبادر قبل اسابيع في الدعوة الى انتخابات في ليبيا، تراجع سلامة عن موقفه، راسماً صورة قاتمة للوضع الراهن في ليبيا. وقال خلال جلسة إحاطة لمجلس الأمن عبر دائرة تلفزيونية مغلقة: «البلد يغرق أمامنا، والوضع الراهن لا يمكن أن يستمر». لكنه رأى في المقابل أن البعثة الأممية هيأت منبراً للحوار في الداخل الليبي، موضحاً أن الاستعداد للاستحقاقات المتفق عليها مؤخراً، يجري على قدم وساق.
وحض سلامة الدول الأعضاء في مجلس الأمن على الضغط على مجلس النواب لتحقيق مسؤولياته التاريخية، قبل أن يكشف النقاب عن محاولة مرتزقة أجانب السيطرة على النفط في ليبيا.
وأيد الموفد الدولي مطالبة رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج، مجلس الأمن، بتشكيل لجنة تحقيق دولية بشأن الإنفاق المالي في ليبيا، ودعا إلى تنفيذ طلب السراج بمراجعة مصاريف المصرفين المركزيين في طرابلس والبيضاء.
وقال إن الشعب الليبي يتوق إلى التخلص مما وصفه بـ«المؤسسات الفاسدة»، والعيش في رفاهية وظروف اقتصادية مناسبة، على حد تعبيره.
وكانت حكومة السراج قد أعلنت في وقت سابق تخصيصها أكثر من 66 مليون دينار ليبي، للتجهيز لتنفيذ الانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي كان سلامة قد دعا إلى إجرائها قبل نهاية العام الجاري، ووافق اجتماع باريس بين الفرقاء الليبيين في شهر مايو (أيار) الماضي عليها.
إلى ذلك، عثرت السلطات الليبية أمس على جثث ثمانية مهاجرين غير شرعيين، بينهم 6 أطفال وامرأة، لقوا حتفهم اختناقاً داخل شاحنة مغلقة، برفقة آخرين في حالة حرجة، بسبب طول فترة بقائهم داخل الشاحنة التي عثر عليها في مدينة زوارة غربي البلاد.
وقالت مديرية أمن مدينة زوارة، في بيان لها، إنها ضبطت شاحنة كبيرة بجانب مجمع مليتة للغاز، فيها 100 مهاجر غير شرعي، في حالة اختناق شديدة، نتيجة لوجود غالونات بنزين داخلها. والشاحنة عبارة عن ثلاجة تستخدم لنقل الأسماك واللحوم. وأشارت المديرية إلى أنه ونتيجة لطول الوقت، تعرض الضحايا للاختناق، وتوفي 8 أشخاص، 6 أطفال وامرأة واحدة وشاب وتم إنقاذ الباقي، ونقل أصحاب الحالات الخطرة إلى مستشفى زوارة البحري الذي أعلن حالة الطوارئ.
وأوضح البيان أن المهاجرين كانوا من بلدان عربية، ومن دول في أفريقيا جنوب الصحراء، وباكستان وبنغلاديش، وأنهم كانوا داخل الشاحنة المخصصة لنقل اللحوم أو الأسماك، التي عثرت عليها السلطات على مشارف زوارة القريبة من مجمع مليتة للنفط والغاز. وتابع: «تمكنت فرق التحري من معرفة هوية المتهمين (أصحاب الشاحنة) والبحث جارٍ الآن للقبض عليهم».
ونشرت صور تسع عبوات بنزين كانت داخل الشاحنة، ومجموعة من سترات الإنقاذ التي كان سيجري على الأرجح استخدامها خلال عملية لعبور البحر المتوسط على متن أحد القوارب، علماً بأنه وعلى مدى الأيام الماضية سجلت درجات الحرارة في شمال غربي ليبيا نحو 35 درجة مئوية.
واستغل المهربون الفوضى التي انزلقت إليها ليبيا، لنقل مئات الآلاف من المهاجرين إلى إيطاليا على مدى السنوات الأربع الماضية، غير أن عدد المهاجرين انخفض منذ الصيف الماضي، بسبب حملة تدعمها إيطاليا ضد شبكات التهريب.
وتعرض عدد من المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا لعمليات قتل، على يد عصابات تهريب، كانت آخرها حادثة مقتل 12 مهاجرا غير شرعي، على أيدي مهربين في مدينة بني وليد غرب ليبيا، في 23 مايو الماضي.
من جهة أخرى، أكد مسؤول في «الجيش الوطني الليبي» الذي يقوده المشير خليفة حفتر في شرق ليبيا، إحباط مخطط إرهابي لزعزعة أمن مدينة درنة شرقي البلاد، بعدما كانت قوات الجيش قد أعلنت الشهر الماضي طرد تنظيمات متطرفة منها، كانت تسيطر عليها منذ أعوام.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن سعيد ونيس، القائد الميداني في قوات «الجيش الوطني» أنها تمكنت من إحباط مخطط لزعزعة أمن مدينة درنة، وذلك بعد يوم واحد فقط من إعلان جهاز مكافحة الإرهاب التابع للجيش، عن العثور على متفجرات متطورة، لدى قيامه بدهم أوكار خلايا إرهابية نائمة، السبت الماضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».